الإيكونوميست: إسرائيل ترسّخ حضوراً طويل الأمد جنوب سوريا
الإيكونوميست: إسرائيل ترسّخ حضوراً طويل الأمد جنوب سوريا
● أخبار سورية ١٤ ديسمبر ٢٠٢٥

الإيكونوميست: إسرائيل ترسّخ حضوراً طويل الأمد جنوب سوريا

يرسم تقرير نشرته مجلة الإيكونوميست ملامح مشهد أمني جديد آخذ في التشكل جنوب سوريا، في ظل تحركات إسرائيلية تتجاوز توصيف “الوجود المؤقت”، وتشير إلى استراتيجية ممتدة تقوم على تثبيت النفوذ العسكري والأمني، وسط شكوك عميقة لدى تل أبيب حيال قدرة الحكومة السورية الجديدة على ضبط الحدود ومنع تشكّل تهديدات مستقبلية.

ووفق التقرير، تحركت القوات الإسرائيلية بعد ساعات قليلة من فرار المخلوع بشار الأسد من دمشق في كانون الأول الماضي، لتفرض سيطرتها على مساحات واسعة من الجنوب السوري، تمتد من قمة جبل الشيخ وصولاً إلى المثلث الحدودي بين سوريا والأردن وإسرائيل، عند بداية الانحدار نحو وادي الأردن. وبررت إسرائيل هذه الخطوة آنذاك برغبتها في ملء ما اعتبرته فراغاً أمنياً خطيراً، ومنع أي هجوم محتمل على مستوطني الجولان.

وأشار التقرير إلى أن الجيش الإسرائيلي حفر خندقاً عميقاً في الجولان لمنع تسلل مجموعات مسلحة عبر شاحنات خفيفة، في محاولة لتفادي تكرار سيناريو السابع من تشرين الأول 2023. كما بدأت تل أبيب ببناء قنوات تواصل مع قرى ذات غالبية درزية، بدافع القلق على مصيرها في ظل السلطة الجديدة بدمشق، مستندة إلى الروابط الاجتماعية والعائلية التي تجمع الدروز في سوريا بنظرائهم داخل إسرائيل.

وبعد مرور عام، لا يزال الجيش الإسرائيلي متمركزاً في المنطقة، حيث أنشأ –بحسب التقرير– نحو عشرة مواقع محصنة داخل الأراضي السورية، وصفها أحد الضباط الإسرائيليين بأنها “معدة للبقاء لسنوات”. كما جرى تعيين جهات ارتباط مدنية للتواصل مع القرى الدرزية، مع تقديم مساعدات طبية وخدماتية في بعض المناطق، في مقابل تنفيذ مداهمات عسكرية في بلدات أخرى.

وسلّط التقرير الضوء على حادثة بلدة بيت جن، حيث دخلت القوات الإسرائيلية في 28 تشرين الثاني الماضي واعتقلت أشخاصاً قالت إنهم ينتمون إلى ميليشيا إسلامية لبنانية كانت تخطط لهجمات، ما أدى إلى اشتباكات أسفرت عن سقوط نحو 20 قتيلاً من سكان البلدة، وفق ما ورد في التقرير.

وأكدت إسرائيل، بحسب الإيكونوميست، قناعتها بوجود مجموعات معادية تنشط في الجنوب السوري، ونقلت عن ضابط إسرائيلي قوله إن “العدو يغيّر شكله باستمرار، دون أن ننجح دائماً في فهمه”. كما أشار التقرير إلى استمرار الريبة الإسرائيلية من نوايا وإمكانات حكومة الرئيس السوري أحمد الشرع، في ظل تحركات إقليمية تركية شمالاً، ومحاولات إيرانية وحزبية لإعادة تنشيط خطوط تهريب باتجاه لبنان.

وتوقف التقرير عند زيارة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لقواته داخل الأراضي السورية في تشرين الثاني، حيث أطلق تصريحات اعتُبرت تهديدية، قائلاً إن “المهمة قد تتطور في أي لحظة”، في رسالة وُجهت إلى دمشق، خصوصاً بعد مطالبة الرئيس الشرع بانسحاب إسرائيل خلال لقائه بالرئيس الأميركي دونالد ترامب.

في المقابل، أشار التقرير إلى ضغوط تمارسها إدارة ترامب على إسرائيل للتعامل مع الحكومة السورية الجديدة، والسعي إلى دور وساطة يقود إلى اتفاق أمني يعيد القوات الإسرائيلية إلى خطوط فض الاشتباك الموقعة عام 1974. ونقل عن ترامب قوله إن الحفاظ على “حوار قوي وحقيقي” مع سوريا أمر بالغ الأهمية، محذراً من أي خطوات تعيق تحوّل سوريا إلى دولة مستقرة ومزدهرة.

ونقل التقرير أيضاً انتقادات من مسؤولين إسرائيليين سابقين، رأى أحدهم أن نتنياهو “فوّت فرصة تاريخية” لإعادة صياغة ترتيبات أمنية جديدة من موقع قوة، إلا أن اقتراب الانتخابات واستمرار آثار صدمة هجوم حماس جعلا من غير المرجح –وفق الإيكونوميست– أن يتخلى عن المنطقة العازلة.

وختم التقرير بالإشارة إلى رأي الباحثة الإسرائيلية كارميت فالينسي، مديرة برنامج سوريا في معهد دراسات الأمن القومي، التي رأت أن الجولان لا يواجه تهديداً مباشراً حالياً، في ظل محاولات حكومة الشرع ضبط الفصائل المسلحة، لكنها حذرت في الوقت نفسه من أن السياسات الإسرائيلية الحالية قد تخلق أعداء جدداً، ما يجعل هذه المخاوف “نبوءة قابلة للتحقق”.

الكاتب: فريق العمل
مشاركة: 

اقرأ أيضاً:

ـــــــ ــ