الفدرالية بين الحل الوطني والتقسيم: سجال حاد في الاتجاه المعاكس
شهدت حلقة جديدة من برنامج الاتجاه المعاكس نقاشاً محتدماً حول مشروع الفدرالية المطروح في سوريا بعد انتهاء الحرب في سوريا وسقوط نظام الأسد البائد، بين من يراه صيغة لضمان وحدة البلاد، ومن يعتبره بوابة لترسيخ التقسيم.
موقف مؤيد للفدرالية
قال النائب في البرلمان الألماني جيان عمر، وهو سوري من أصول كردية، إن اعتماد نظام فدرالي في سوريا بات ضرورة تفرضها الظروف الراهنة، موضحاً أن البلاد تعيش حالة انقسام فعلي منذ أربعة عشر عاماً، وأن النظام السابق كان يسعى لإعادة إنتاج الاستبداد بلباس ديني، وهو ما ترفضه مختلف المكوّنات السورية، وأكد أن الفدرالية في رأيه هي النموذج الأمثل لضمان وحدة البلاد ومنع عودة الفساد.
رفض واعتبارها بوابة للتقسيم
أشار الكاتب والسياسي عبد المنعم زين الدين إلى أن طرح الفدرالية في هذا التوقيت يمثّل محاولة لتكريس التقسيم، معتبراً أن هناك من يسعى، بعد تشكيل الحكومة الجديدة برئاسة الرئيس السوري أحمد الشرع، إلى التشويش على فرحة السوريين بمرحلة ما بعد الإرهابي الفار بشار الأسد، ورأى أن بعض المشاريع المطروحة اليوم تسير في اتجاه انفصالي شبيه بما تطالب به قوات سوريا الديمقراطية قسد.
شروط غائبة لتطبيق الفدرالية
أوضح زين الدين أن من شروط تطبيق النظام الفدرالي أن يكون البلد مستقراً وقادراً على الوصول إلى توافق وطني شامل، وهو ما لا يتوفر حالياً، إضافة إلى وجود نحو عشرة ملايين سوري خارج البلاد لم يُستفتوا حول مستقبل شكل الحكم، ولفت إلى أن الدول التي تبنت الفدرالية فعلت ذلك بعد اتحاد مكوّنات متباينة كما حدث في الولايات المتحدة وسويسرا، وليس بعد صراع وانقسام.
نقاش حول تمثيل المكوّنات
اعتبر جيان عمر أن رفض الفدرالية يعني العودة إلى عقلية الحزب الواحد، مؤكداً أن الإدارة القائمة في مناطق قسد ليست حكماً قومياً كردياً، بل تضم مكوّنات عربية وآشورية إلى جانب الأكراد، وقال إن المطالبة بالفدرالية ليست انفصالاً بل مشاركة سياسية عادلة، فيما رد زين الدين بأن ما يجري في تلك المناطق لا يعبّر عن إدارة تشاركية بل عن تحكم قائم على القوة واحتكار الموارد.
اتهامات حول التجربة الميدانية
كشف زين الدين عن اتهامات لقسد بنهب ثروات المناطق التي تسيطر عليها خلال السنوات الماضية، ومنع أي تعبير سياسي مخالف، بينما رد جيان عمر بالقول إن مناطق قسد ليست مثالية، كما أن مناطق المعارضة في إدلب لم تكن مثالية أيضاً، ما يعني أن التجربة لا يمكن قياسها بمعايير مطلقة.
امتداد النقاش إلى الرموز والسيادة
احتدم الخلاف بين الطرفين حول قضية رفع العلم السوري في مناطق قسد، حيث أكد زين الدين أن العلم الرسمي سيُرفع في القامشلي والحسكة والرقة، بينما رد جيان عمر بأن قسد نفسها رفعت العلم في مناسبات رسمية، وأن الخلاف في جوهره يتعلق بتوزيع السلطة والصلاحيات وليس بالرموز.
خلص النقاش إلى أن مسألة الفدرالية ما تزال قضية خلافية حساسة في سوريا الجديدة، وأن حسمها يتطلب مناخاً سياسياً مستقراً، واستفتاءً عاماً، وحواراً وطنياً واسعاً بين مختلف المكوّنات، بما يضمن حماية وحدة البلاد ويحافظ على التوازن بين اللامركزية الإدارية والهوية الوطنية المشتركة.
المصدر: الجزيرة نت