الفن بين رسالته الإنسانية والانحراف نحو التحريض الطائفي في سوريا
يُعدّ الفن لغة عالمية للسلام والمحبة، وجسراً للتواصل بين الشعوب ينقل القيم الإنسانية والرسائل الأخلاقية السامية، إلا أن بعض الفنانين السوريين خرجوا عن هذا الإطار، محوّلين الفن إلى منبر للكراهية والطائفية، ومستخدمين شهرتهم لإثارة الانقسام والتحريض على العنف بدل نشر التفاهم والتعايش.
لبانة قنطار تُسيء إلى أهالي المخيمات
في مقدمة هؤلاء تبرز الفنانة لبانة قنطار، التي أثارت موجة استنكار واسعة عقب تصريحات مسيئة لأهالي المخيمات السورية، إذ استخدمت خطاباً طائفياً جارحاً بدل التضامن مع من عانوا سنوات طويلة في ظروف قاسية.
وقالت بلهجة عنصرية إن “الخيام ليست للدروز بل لبني أمية الذين تركوا نساءهم 14 سنة يبيعون ويشترون بهن، ويزوجون بناتهم في سن الثانية عشرة والثالثة عشرة هرباً من المسؤولية”، وفق تعبيرها، ما اعتبره ناشطون تحريضاً على التفرقة وإساءة صريحة لمعاناة المدنيين.
رشا رزق من “سبيستون” إلى خطاب الكراهية
كما أثارت المغنية رشا رزق، التي ارتبط صوتها في الذاكرة الجمعية بأغاني الطفولة وشارات الرسوم المتحركة، موجة انتقادات حادة بعدما تحوّل خطابها من صوت للبراءة إلى منبر للكراهية.
فقد دعت قبل تحرير البلاد إلى إرسال حبوب منع الحمل إلى المخيمات السورية، في تعبير اعتبره كثيرون مهيناً للكرامة الإنسانية، ثم عادت بعد التحرير لتظهر في مواقف مؤيدة للشيخ الهجري، نافية الجرائم التي ارتكبتها بعض الميليشيات التابعة له، لتخسر بذلك رصيدها الأخلاقي والفني لدى شريحة واسعة من جمهورها.
ميس حرب وتحريض على العنف
أما الفنانة ميس حرب، فذهبت أبعد من ذلك حين حرّضت علناً على العنف، ودعت أبناء المدينة إلى حمل السلاح والوقوف على النوافذ لصيد الخصوم، بل وشجّعت على استخدام وسائل مؤذية كالزيت المغلي والعصي، في خطاب صادم لا يمت بصلة إلى رسالة الفن أو أخلاقياته، بل يعكس انزلاقاً خطيراً نحو التحريض المباشر على الفوضى.
انحراف عن قيم الفن ومسؤوليته
تكشف هذه المواقف عن غياب المسؤولية الاجتماعية لدى بعض الفنانين الذين فقدوا البوصلة الأخلاقية للفن، وحوّلوا منبرهم إلى أداة سياسية وطائفية، بعيداً عن رسالته الحقيقية في بناء الوعي والسلام المجتمعي.
وقد عبّر ناشطون ومثقفون عن استيائهم من هذا الانحراف، محذرين من تحويل الفن إلى أداة صراع بدل أن يكون مساحة للتعبير الإيجابي والتنوير الفكري.
دعوات لمقاطعة الأصوات التحريضية
وحثّ ناشطون وسائل الإعلام والجمهور على عدم تضخيم تصريحات الفنانين المحرّضين أو منحهم مساحة للظهور، لأن تكرار تداول آرائهم العنصرية يعمّق الانقسامات ويقوّض السلام الاجتماعي، خاصة في ظلّ الظروف الصعبة التي تمر بها البلاد.
وشدّدوا على أن الفن الحقيقي يبني ولا يهدم، يوحّد ولا يفرّق، وأن المسؤولية الأخلاقية تقتضي مواجهة خطاب الكراهية بكل أشكاله، والعمل على ترسيخ ثقافة التسامح والوحدة الوطنية التي تمثل جوهر الهوية السورية.