"المذهان" يوضح استقلال مساره الحقوقي… وفضل عبد الغني يؤكد: الأصل في ملف قيصر
أصدر الحقوقي السوري "فريد المذهان" المعروف باسم "قيصر"، بياناً توضيحياً أكد فيه استقلال مساره الحقوقي، وردّ من خلاله على الأسئلة والتساؤلات التي وصلته خلال الأسابيع الماضية، مبرزاً موقفه الحالي ودوره المستمر في ملاحقة مجرمي النظام السابق أمام المحاكم الدولية.
وأوضح المذهان أنه يقدّر الدور الكبير الذي أدّته المنظمات الحقوقية والإنسانية طوال سنوات الثورة في توثيق جرائم نظام بشار الأسد، مشدداً على ضرورة تسليم ما تملكه تلك المنظمات من وثائق وصور وأدلة إلى وزارة العدل السورية لضمان حفظها، وحماية قيمتها القانونية في مسار العدالة الانتقالية.
وأكد المذهان أنه لا ينتمي حالياً إلى أي منظمة أو كيان حقوقي، وأن عمله بات جهداً فردياً مستقلاً يقوم على التزام وطني وأخلاقي تجاه الضحايا، بعيداً عن أي اصطفافات أو تموضعات سياسية. كما نفى مسؤوليته عن أي مواقف تُنسب إليه دون تصريح مباشر، واصفاً تلك الشائعات بأنها غير صحيحة ولا تعبّر عنه.
وبخصوص ما أُثير حول علاقته بالسيد أسامة عثمان "سامي"، أوضح المذهان أن انتهاء عملهما المشترك كان ودّياً وبلا خلافات، مؤكداً احترامه لأدوار جميع العاملين في ملف “قيصر”، ومشدداً في الوقت ذاته على استقلال طريقه المهني والحقوقي الحالي.
وأشار المذهان إلى أن جهوده تتركز الآن، بعد ما وصفه بـ "التحرير المبارك"، على مواصلة العمل مع محامين أوروبيين وأهالي الضحايا لملاحقة رموز النظام السابق في المحاكم الأوروبية ومحكمة العدل الدولية، مؤكداً أن مسار العدالة ما يزال مستمراً وأن أبوابه لم تُغلق.
وختم بيانه بالدعاء لسوريا وشعبها بتحقيق العدالة والسلام والازدهار، وأن تنجح الجهود المبذولة في إنصاف الضحايا وكشف الحقيقة كاملة.
فضل عبد الغني يوضح موقفه: “فريد هو الأصل في ملف قيصر”
وفي منشورٍ موازي، قدّم مدير الشبكة السورية لحقوق الإنسان فضل عبد الغني توضيحاً على صفحته في فيسبوك بعد الجدل الذي أثاره وصفه لفريد المذهان بأنه “الأصل في ملف قيصر”، مؤكداً أن هذا التوصيف يعكس حقيقة يعرفها منذ عشر سنوات، وليس رداً على أي مقابلة أو موقف لأي شخص آخر، ومنهم أسامة عثمان.
وأوضح عبد الغني أن البعض ربط وصفه للمذهان بما ورد في مقابلة عثمان، مؤكداً أنه لم يشاهد المقابلة أصلاً، وأن تقييمه لدور المذهان يأتي من معرفته المباشرة بالتسلسل التاريخي للملف. كما شدد على احترامه لكل من شارك في عمل "قيصر" لاحقاً، معتبراً أن الجهود تكمل بعضها بعضاً.
وانتقد عبد الغني بعض التأويلات التي حاولت ربط كلامه بمواقف سياسية، لافتاً إلى أنه اضطر إلى حذف عدد من التعليقات المسيئة من صفحته، مؤكداً أنه يدافع فقط عن الحقيقة كما يعرفها.
ووجّه عبد الغني تهنئة للمذهان، داعياً المهتمين لفهم الملف بقراءة ثلاثة تقارير اعتبرها أساسية: تقرير "كارتر روك"، تقرير الشبكة السورية لحقوق الإنسان الصادر في أيلول 2015، وتقرير "هيومن رايتس ووتش" الصادر في كانون الأول من العام ذاته.
رسالة “قيصر” بعد قرار إلغاء العقوبات: بداية انفراج ينتظرها السوريون
وكان قال فريد المذهان، المعروف بلقب “قيصر”، في رسالة وجهها إلى أهله وأحبته في سوريا، إن اللحظة الراهنة تحمل طابعاً تاريخياً استثنائياً، مع صدور قرار الكونغرس الأميركي بإلغاء قانون قيصر، بانتظار التصويت عليه في مجلس الشيوخ وتوقيعه لاحقاً من قبل الرئيس دونالد ترامب ليصبح –بإذن الله– من الماضي.
المذهان ينال الجائزة الفرنسية الألمانية لحقوق الإنسان وسيادة القانون في باريس
وتسلّم فريد المذهان، المعروف عالمياً بالاسم الرمزي “قيصر”، في العاصمة الفرنسية باريس، الجائزة الفرنسية الألمانية لحقوق الإنسان وسيادة القانون، تقديراً لدوره في توثيق جرائم التعذيب والانتهاكات الجسيمة التي ارتُكبت في السجون السورية.
وعلق فضل عبد الغني مدير الشبكة السورية لحقوق الإنسان على الحدث قائلاً: يستحق كل من عمل على ملف قيصر الشكر والتقدير دون أي انتقاص، ولكن الأصل هو قيصر هو فريد، هذا رأيي منذ عملنا على ملف قيصر في عام ٢٠١٤. فريد هو قيصر، وهو الأصل، بدون فريد لم يكن هناك صور قصير. كثيرون عملوا في هذا الملف، مجددا شكرا لكل من ساهم.
والمذهان هو ضابط سوري سابق برتبة مساعد أول، شغل منصب رئيس قلم الأدلة القضائية في الشرطة العسكرية بدمشق، وعمل مصوراً في وحدة التوثيق التابعة لها. وبعد آذار 2011، تحولت مهمته إلى توثيق آلاف الجثث لمعتقلين ومدنيين قضوا تحت التعذيب في مراكز الاحتجاز.
وخلال الفترة الممتدة بين عامي 2011 و2013، خاطر المذهان بحياته لتهريب أكثر من 50 ألف صورة، وثقت، وفق تقديرات حقوقية، جثث ما يقارب 11 ألف ضحية قضوا تحت التعذيب. وعقب هروبه عام 2013، أصبحت هذه الصور، التي عُرفت باسم “ملف قيصر”، دليلاً محورياً في ملفات الإدانة المقدمة ضد النظام السوري أمام محاكم أوروبية، ولا تزال تُستخدم في قضايا تتعلق بجرائم ضد الإنسانية.
من هو "قيصر" المعروف باسم "الشاهد الملك"
وبعد سنوات طويلة من الاختباء وراء اسماء مستعارة، كشف البطل "قيصر" المعروف باسم "الشاهد الملك" عن شخصيته، لأول مرة وعبر قناة "الجزيرة" القطرية، وهو المساعد أول "فريد المذهان" رئيس قلم الأدلة القضائية بالشرطة العسكرية في دمشق وينحدر من مدينة درعا، وقبله شريكه "سامي" وهو المهندس المدني "أسامة عثمان" الذي يرأس اليوم مجلس إدارة منظمة "ملفات قيصر للعدالة".
وقال"قيصر" الذي كشف عن هويته للمرة الأولى في برنامج "للقصة بقية" على قناة "الجزيرة"، إن أوامر التصوير وتوثيق جرائم النظام يصدران من أعلى هرم السلطة للتأكد من أن القتل ينفذ فعلياً.
وأكد "قيصر" المعروف بـ "الشاهد الملك" أن قادة الأجهزة الأمنية كانوا يعبرون عن ولائهم المطلق لنظام الأسد عبر صور جثث ضحايا الاعتقال، وبين أن أول تصوير لجثث معتقلين كان بمشرحة مستشفى تشرين العسكري لمتظاهرين من درعا في مارس ٢٠١١.
وأكد المساعد أول "فريد المذهان" أن الموقوف بمجرد دخوله المعتقل يوضع رقم على جثته بعد قتله، وبين أن أماكن تجميع وتصوير جثث ضحايا الاعتقال كانت في مشرحة مستشفيي تشرين العسكري وحرستا.
ولفت "قيصر" إلى تحويل مرآب السيارات في مستشفى المزة العسكري لساحة تجميع الجثث لتصويرها مع ازدياد عدد القتلى، وقال إنه في بداية الثورة السورية كانت عدد الجثث من ١٠ إلى ١٥ يوميا لتصل إلى ٥٠ في اليوم.
وأوضح أن النظام كان يكتب أن سبب وفيات من قتلهم هو توقف القلب والتنفس، وكشف عن عمليات ابتزاز ممنهجة مورست ضد الآلاف من أهالي المعتقلين دون الحصول على أي معلومات.
ارتبط اسم "سامي" و"قيصر" بملفات التعذيب البشعة في سجون نظام الأسد المهزوم في سوريا، وذلك منذ عام 2014، بعد أن استطاع ضمن فريق لم تكشف هويتهم طيلة سنوات ماضية، ليكشف اليوم عن هويته الحقيقية بعد سقوط نظام الأسد، والذي لعب دوراً بارزاً في نقل صور التعذيب للعالم المنظمات الدولية، وفضح جرائم النظام البشعة، والتي كانت سبباً في فرض القيود والعقوبات الدولية التي ساهمت بتقويض سلطته ومحاصرته دولياً
استُخدمت الصور التي نقلها "سامي وقيصر" في محاكم بدول غربية لإدانة ضباط سوريين بتهم التعذيب وارتكاب انتهاكات خلال فترات عملهم في سوريا وقبل فرارهم منها، ليكشف اليوم سامي أو مايعرف باسم "الشاهد التوأم" مع قيصر، عن شخصيته في مقابلة مع صحيفة "الشرق الأوسط".
"سامي" الذي تردد اسمه طويلاً، هو المهندس المدني "أسامة عثمان" الذي يرأس اليوم مجلس إدارة منظمة "ملفات قيصر للعدالة"، كان يعمل مهندساً مدنياً عندما اندلعت الثورة السورية عام 2011، وله قريب عرف باسم "قيصر" كان يعمل في مناطق سيطرة قوات النظام، بمهمة توثيق الوفيات في أقسام أجهزة الأمن السورية
كان دور "قيصر" توثيق جثث ضحايا التعذيب بكل بشاعتها بعد وصولها من الأفرع الأمنية، جثث عراة تحمل أرقاماً، تضمنتها آلاف الصور لنساء ورجال وأطفال، بأبشع مارأته البشرية في تاريخها، دفعت تلك الجرائم كلاً من "سامي وقيصر" إلى العمل معاً لتوثيق ما يحصل في السجون والمعتقلات السورية، وتحديداً في دمشق حيث كان يعمل "قيصر" والذي كان يوثق أحياناً موت ما لا يقل عن 70 شخصاً يومياً.
وبدأ الرجلان التعاون في جمع وثائق التعذيب في مايو (أيار) 2011. كان "قيصر" يهرب الصور عبر محرك أقراص محمول (يو أس بي) ويعطيها لسامي في مناطق المعارضة، وأثمرت جهود الرجلين "سامي وقيصر" تهريب عشرات آلاف الصور لجثث ضحايا التعذيب إلى خارج سوريا.
وكُشف عن الصور للمرة الأولى في العام 2014 بعدما صارا خارج سوريا، واليوم باتت الصور التي هرباها جزءاً من "لائحة الاتهام" ضد الأجهزة الأمنية التابعة لنظام الأسد، مشدداً على ضرورة "المحاسبة" في سوريا اليوم بعد إطاحة النظام السابق،