تقرير يرصد انعكاسات رفع العقوبات الأميركية عن سوريا على دول الجوار
تقرير يرصد انعكاسات رفع العقوبات الأميركية عن سوريا على دول الجوار
● أخبار سورية ١٧ مايو ٢٠٢٥

تقرير يرصد انعكاسات رفع العقوبات الأميركية عن سوريا على دول الجوار

سلط موقع "الجزيرة نت" الضوء في تقريره على الآثار الاقتصادية والدلالات السياسية والانعكاسات المباشرة على دول الجوار السوري بعد قرار الإدارة الأميركية رفع العقوبات عن سوريا، مما يتيح لدمشق "فرصة" جديدة بعد سقوط نظام بشار الأسد.

لفت التقرير إلى أن المنطقة شهدت تطورًا استراتيجيًا بعد إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترامب من العاصمة السعودية الرياض، الثلاثاء، رفع العقوبات الاقتصادية المفروضة على سوريا. ويُعتبر هذا القرار نقطة تحوّل في مسار العلاقات الدولية مع دمشق، بل وفي طبيعة التفاعلات الاقتصادية في الشرق الأوسط.

فتح هذا التحول الباب أمام دول الجوار السوري مثل العراق وتركيا والأردن لإعادة تقييم علاقاتها السياسية والاقتصادية مع دمشق، والسعي للاستفادة من هذا التغيير بما يعزز الاستقرار الإقليمي والمصالح المشتركة.

العراق:
أشار المتحدث الرسمي باسم غرفة تجارة بغداد، رشيد السعدي، إلى أن حجم التبادل التجاري بين العراق وسوريا كان يقارب المليار دولار أميركي سنويًا قبل الأحداث الأخيرة التي شهدتها سوريا، وما تلاها من فتور في العلاقات وإغلاق للحدود، مما أدى إلى انخفاض التبادل التجاري بنسبة كبيرة وصلت إلى حوالي 5% من الرقم المذكور.

وأضاف السعدي في حديثه للجزيرة نت أن السلع والخدمات المتبادلة بين البلدين تركزت غالبًا في المواد الغذائية والصابون والمنسوجات. فيما يتعلق بالاستثمارات المتبادلة بين بغداد ودمشق، قال السعدي إنه لم يكن هناك ملامح واضحة لاستثمارات كبيرة بين البلدين في ظل الظروف السابقة، لكن كانت هناك بعض الاستثمارات البسيطة من رجال الأعمال العراقيين في مجالات مثل بناء المصانع والشركات التجارية.

وتوقع السعدي أن تحقق بعض القطاعات، مثل القطاع المصرفي، الزراعة، والصناعة، والتجارة، الاستفادة الكبيرة بعد تحرير الاقتصاد السوري ورفع العقوبات الأميركية. كما أشار إلى أن تنشيط هذه القطاعات، وخاصة قطاع النفط، يتطلب سيطرة الحكومة المركزية في دمشق على جميع الأراضي السورية.

وفيما يتعلق بالتحديات، أشار السعدي إلى أن أبرز ما يعيق سرعة التفاعل الاستثماري العراقي مع سوريا يتمثل في التحديات الإسرائيلية، خاصة أن استمرار نشاط الطيران الإسرائيلي فوق الأراضي السورية قد يخلق حالة من التردد لدى المستثمرين العراقيين.

الخبير الاقتصادي مصطفى حنتوش:
من جانبه، توقع الخبير الاقتصادي مصطفى حنتوش حدوث قفزة إيجابية في حجم التبادل التجاري والصناعي بين العراق وسوريا بعد رفع العقوبات الاقتصادية، لكنّه أضاف أن هذه الزيادة لن تكون كبيرة في المدى القصير. ولفت إلى أن حجم التبادل التجاري الحالي بين البلدين يتجاوز مليار دولار أميركي سنويًا، مع التأكيد على أن فتح الأفق الاقتصادي وتسهيل التحويلات التجارية سيسهم في فتح سوق واسعة بين الدولتين الجارتين.

وحذر حنتوش من حدوث نقص في بعض المواد الأولية، مثل الفواكه والخضراوات، بسبب الوضع الراهن للقطاعين الصناعي والزراعي في سوريا، الذي يتطلب سنوات من التعافي. وفي الوقت نفسه، رجح حنتوش ارتفاعًا في أسعار البضائع السورية نتيجة دخول السوق السورية مرحلة جديدة من النشاط والمنافسة.

تركيا:
في تركيا، بدأت العلاقات الاقتصادية بين أنقرة ودمشق تشهد تحولًا مع عودة تدريجية للتبادل التجاري بعد إعلان وزارة التجارة التركية في فبراير/شباط 2025 رفع جميع القيود على الصادرات والنقل إلى سوريا اعتبارًا من ديسمبر/كانون الأول 2024. انعكس هذا الانفتاح سريعا على الأرقام، حيث بلغت الصادرات التركية إلى سوريا نحو 2.2 مليار دولار في 2024، مرتفعة من 2.05 مليار دولار في 2023.

وأظهرت البيانات أيضًا أن الصادرات التركية إلى شمال سوريا خلال يناير/كانون الثاني 2025 بلغت 219 مليون دولار، بزيادة سنوية بلغت 35.5% مقارنة بالفترة نفسها من العام السابق. وأشار المسؤولون إلى أنهما يسعيان لرفع سقف التبادل التجاري بين البلدين إلى 10 مليارات دولار خلال السنوات القادمة.

الباحث الاقتصادي التركي حقي إيرول جون:
أشار الباحث الاقتصادي التركي حقي إيرول جون إلى أن رفع العقوبات عن سوريا يمثل فرصة إستراتيجية نادرة أمام الاقتصاد التركي، قائلاً: "إن انفتاح السوق السورية سيسمح لتركيا بتعزيز نفوذها الاقتصادي في المنطقة واستعادة دورها الحيوي في التجارة الإقليمية".

 وأضاف: "عودة سوريا إلى الدورة الاقتصادية العالمية ستُسرّع اندماجها في سلاسل التوريد الإقليمية، مما سيفتح المجال أمام الشركات التركية لدخول مشاريع إعادة الإعمار".

الأردن:

في الأردن، يمكن لرفع العقوبات الأميركية عن سوريا أن يعيد إحياء الحركة التجارية بين عمّان ودمشق، التي كانت نشطة جدًا قبل عام 2011. وحسب مراقبين، من المتوقع أن تعزز هذه الخطوة فرص شركات المقاولات الأردنية للدخول في مشاريع إعادة الإعمار في سوريا، خاصة في المناطق الجنوبية القريبة من الحدود.

وأكد رئيس غرفتي تجارة الأردن وعمان، خليل الحاج توفيق، أن رفع العقوبات سيكون له تأثير إيجابي على العلاقات الاقتصادية بين البلدين، خاصة في قطاع الإنشاءات. وأشار الحاج توفيق إلى أن القطاع المصرفي الأردني سيشهد حركة نشطة وملحوظة بعد رفع العقوبات، حيث يعد القطاع المصرفي شريانًا رئيسيًا للقطاعات الاقتصادية الأخرى.

الاستنتاج:
من المتوقع أن يفتح رفع العقوبات الأميركية عن سوريا آفاقًا جديدة للتعاون التجاري والاقتصادي بين سوريا ودول الجوار، خاصة العراق وتركيا والأردن. ومع تزايد فرص الاستثمار في قطاعات متعددة، يظل تحقيق الاستقرار الأمني في سوريا أمرًا حيويًا لضمان تحقيق هذه الفرص على النحو الأمثل.

 

الكاتب: فريق العمل
مشاركة: 

اقرأ أيضاً:

ـــــــ ــ