حلاوة الجبن توحّد المزاح والقلوب… “نكات الحموية والحماصنة” تتصدر مشهد فداءً لحماة
لم تكن حملة "فداءً لحماة" مجرد فعالية تبرعات أو نشاط تضامني واسع، بل تحولت خلال ساعات إلى مساحة مفتوحة للبهجة والمودة بين السوريين، تجلت بشكل خاص من خلال المزاح الطريف المتبادل بين الحموية والحماصنة حول “حلاوة الجبن”، في مشهد لافت سرعان ما أصبح جزءاً من روح الفعالية.
حلاوة الجبن… أكثر من حلوى
تُعد حلاوة الجبن واحدة من أبرز الرموز الشعبية التي يتفاخر بها كل من حماة و حمص، إذ يتنازع أبناء المحافظتين منذ سنوات طويلة على “أصل” هذه الحلوى الشهيرة، ومن صاحب الوصفة الألذّ والأحقّ بلقب “المالك الرسمي” لها.
وخلال الفعالية، اشتعلت صفحات التواصل الاجتماعي وبين الحاضرين على المنصة بتعليقات لاذعة ولطيفة في آن، يزعم فيها كل طرف أن حلاوة الجبن “حموية أصيلة” أو “حمصية المنشأ”، بينما كان الهدف الحقيقي هو خلق جو مرح يخفف وطأة المشاهد المؤلمة التي مرت بها حماة على مدى عقود.
من التنافس اللذيذ إلى التضامن الحقيقي
اللافت أن هذا المزاح الشعبي خرج عن إطار “النكَتة المحلية” ليتحول إلى جسر محبة جمع آلاف المتابعين من المحافظتين ومن باقي سوريا، وأضفى أجواء خفيفة على فعالية ذات طابع إنساني مؤثر. فبينما كان الحموية يتفاخرون بمهارة “الجدّات” في شدّ الجبن وسكب القطر، كان الحماصنة يردون بأن “أطيب لقمة” هي التي تُصنع على ضفاف العاصي في حمص، وليس في حماة.
هذا التراشق الطريف لم يكن سوى تعبير عن وحدة وجدانية تعيشها المدن السورية اليوم، إذ امتزج المزاح بالحنين وبالذكريات وبمحبة الناس لمدينتين شقيقتين اشتركتا في الألم كما اشتركتا في الحلو.
حلاوة الجبن كرمز للذاكرة المشتركة
وبينما كانت المنصات تتابع مزاد كنزة الطفل “علي مصطفى المحمد” الذي افتتح الحملة، كانت التعليقات تمتلئ بنكات من قبيل: "إذا التبرعات لحماة… لازم نضمن أن كميات حلاوة الجبن تكون حموية!”، "والله يا جماعة الحملة ما بتزبط إلا إذا اتفقنا أول شي: مين صاحب الوصفة الأصلية؟”، "ماشي حماة بنفديها… بس بدنا صحون حلاوة جبن من الطرفين!”
هذه الروح خففت من توتر المشاعر وأعادت إلى فعالية فداءً لحماة ملمحاً هو الأهم: أن السوريين قادرون على الضحك رغم الجراح، وعلى التضامن عبر المزاح كما عبر التبرع.
رسالة الفعالية: الحلو يجمعنا
لم يكن “طرافة التنافس” سوى امتداد لحقيقة أعمق: أن حماة وحمص، رغم الخصوصيات، تنتميان إلى روح واحدة، فعلى ضفاف العاصي الممتد من مدينة إلى أخرى، يلتقي الناس على الحلو والمرّ، وعلى الذكريات المشتركة، وعلى رغبة صادقة في إعادة الحياة إلى مدينة دفعت الكثير.
وبذلك أصبحت نكات حلاوة الجبن جزءاً من رواية الفعالية: رواية تقول إن السوريين يعرفون كيف يحولون الوجع إلى ضحكة، والحملة إلى مناسبة فرح، والماضي الثقيل إلى مساحة تسامح ومحبة.