خلافات علنية داخل المشهد العلوي.. "جابر" يطرح نفسه ممثلاً… و"غزال" ينفي ويصعّد
تشهد مناطق الساحل السوري تصاعداً لافتاً في الخلافات الداخلية ضمن من يدعي تمثيل الطائفة العلوية، بعد ظهور قائد ميليشيا “صقور الصحراء” السابق "محمد جابر"، بمواقف وتصريحات أثارت جدلاً واسعاً وخلطت أوراق المشهد، وصولاً إلى نفي صريح من المرجع الديني الأبرز للطائفة، الشيخ "غزال غزال"، لأي تنسيق أو شرعية لما يطرحه "جابر".
وأعلن "محمد جابر"، المقيم في روسيا، في تسجيل مصوّر تلقيه ما وصفها بـ"مبادرة" من الحكومة السورية تهدف إلى تحقيق مصالحة مع الطائفة العلوية، معتبراً أن نجاحها مشروط بإصدار عفو عام يشمل جميع المطلوبين داخل سوريا وخارجها، بمن فيهم هو شخصياً، إضافة إلى إطلاق سراح المعتقلين، وإعادة الموظفين المفصولين إلى أعمالهم، وسحب قوات الحكومة والفصائل التابعة لها من الساحل السوري.
وذهب "جابر" أبعد من ذلك، حين طرح نفسه بديلاً أمنياً وعسكرياً، معلناً استعداده لتولي المسؤولية الكاملة عن الأمن والاستقرار على طول الساحل السوري، عبر تشكيل قوة عسكرية وأمنية محلية بقيادته، محذّراً في الوقت نفسه كل من قد يعرقل هذا المسار، وسمّى على وجه الخصوص شقيقه أيمن جابر، والشيخ غزال غزال، رئيس المجلس الإسلامي العلوي الأعلى في سوريا والمهجر.
محاولة تحجيم المرجعية الدينية
وفي خطوة وُصفت بأنها غير مسبوقة، طالب محمد جابر الشيخ غزال بالاكتفاء بدوره الروحي وعدم التدخل في الشؤون العسكرية والأمنية، معتبراً أن تجاوبه مع مبادرة الحكومة يأتي في إطار إنهاء الأزمة بين الطائفة العلوية والحكومة السورية بعد سقوط بشار الأسد وفراره إلى روسيا.
هذا الظهور لم يكن الأول لجابر خلال ساعات، إذ سبق أن أعلن استعداده لإصدار بيان مشترك بالتنسيق مع قيادات علوية، يتقدمهم الشيخ غزال غزال، يتضمن رفض التقسيم، ورفض نسب العلويين إلى بشار الأسد، والمطالبة بتسليمه للعدالة السورية مع ماهر الأسد ورامي مخلوف، واسترداد الأموال المنهوبة.
غير أن هذا الكلام قوبل برد سريع من مكتب الشيخ غزال، الذي نفى بشكل قاطع أي تواصل أو تنسيق مع محمد جابر، واعتبر أن الهدف من تصريحاته هو زعزعة الرأي العام ومحاولة عبثية لتشتيت الموقف الموحد للطائفة العلوية.
نفي متزامن وخلافات عائلية
ولم يقتصر النفي على غزال غزال، إذ صدر نفي مماثل عن أيمن جابر، شقيق محمد، بشأن أي تنسيق بخصوص البيان، ما كشف عن خلافات محتدمة حتى داخل العائلة الواحدة، بين شقيقين شكّلا لسنوات شراكة في قيادة ميليشيا “صقور الصحراء”، المتهمة بارتكاب جرائم قتل ونهب واسعة بحق السوريين.
ويذكّر مراقبون بأن محمد جابر، الذي يتحدث اليوم عن رفض التقسيم ومحاسبة المجرمين، كان أحد أبرز قادة الميليشيات الداعمة لبشار الأسد، وشارك بشكل مباشر في مجازر وانتهاكات خلال سنوات الحرب، فضلاً عن تورطه، إلى جانب شقيقه، في نهب ثروات طائلة. كما تؤكد مصادر متعددة أن لجابر دوراً فاعلاً في أحداث الساحل الدامية التي وقعت في آذار/مارس 2025.
بيان بأسم أبناء الطائفة: لا تمثيل بلا تفويض
في موازاة ذلك، صدر بيان باسم “أبناء الطائفة العلوية في الساحل السوري”، شدد على رفض أي جهة أو شخص يدّعي تمثيل الطائفة أو الساحل دون تفويض شرعي وشعبي واضح، مؤكداً أن محمد محرز جابر لا يملك أي صفة تخوّله الحديث باسم العلويين، وأن تصريحاته لا تعبّر إلا عن نفسه والجهات التي تدفعه نحو “مسارات خطِرة”.
وجاء ذلك تزامناً مع معلومات عن لقاء بين الرئيس السوري أحمد الشرع ووزير الداخلية أنس خطاب، ووفد يمثل الطائفة العلوية في الساحل السوري، في قصر الشبطلية باللاذقية، يضم شخصيات من القرداحة، بينهم أوس عثمان والدكتور إياس الخير.
وبحسب مصادر متابعة، فإن محاولات محمد جابر التواصل مع شخصيات علوية وتشجيعهم على حضور اللقاء وطرح مطالب الساحل كانت أحد الأسباب المباشرة لإصدار البيان، في ظل غموض دوافع التحول المفاجئ في موقفه من الإدارة السورية الجديدة.
وتذكّر المصادر بأن "جابر" سبق أن اعترف بإدارته وتمويله لهجمات نفذتها فلول نظام بشار الأسد ضد قوات الأمن السوري في الساحل، وأسفرت عن سقوط مئات القتلى من عناصر الأمن والمدنيين.
غزال غزال يصعّد: لا تفاوض بلا حقوق سياسية
من جهته، أصدر المجلس الإسلامي العلوي الأعلى في سوريا والمهجر، برئاسة الشيخ غزال غزال، بياناً منفصلاً اعتبر فيه أن الحكومة السورية تسعى إلى تشكيل وفد “بزعم تمثيل العلويين” لمقابلة رئيس السلطة المؤقتة، مؤكداً رفضه القاطع لهذا المسار.
وشدد البيان على أن أي تفاوض يقتصر على مطالب خدمية لا يرقى إلى مستوى “القضية السياسية والحقوقية” للطائفة العلوية، معتبراً أن ما يطالب به المجلس هو ما عبّر عنه الشارع العلوي خلال الاحتجاجات، بعد عام كامل من الإهمال والانتهاكات التي طاولت العلويين في الساحل وحمص وريف حماة.
وحدّد المجلس مطالبه بإقرار الحكم الفيدرالي واللامركزية السياسية كمدخل أساسي لاستعادة الحقوق وضمان مستقبل عادل، إلى جانب الإفراج الفوري عن جميع السجناء والمغيبين العلويين المدنيين والعسكريين، الذين قال إن عددهم يتجاوز 14 ألفاً، معتبراً ذلك شرطاً غير قابل للتنازل أو المساومة.
وختم البيان بالتأكيد أن أي مجموعة تفاوض خارج هذا الإطار لا تمثل العلويين ولا تعبّر عن إرادة شارعهم في موقف يعكس عمق الانقسام داخل المشهد العلوي بين مسارات سياسية متعارضة، ومحاولات فردية لإعادة إنتاج أدوار سابقة فقدت شرعيتها شعبياً.
وكان التقى السيد الرئيس أحمد الشرع في قصر الشعب وجهاء وأعيان محافظتي اللاذقية وطرطوس، بحضور محافظ اللاذقية السيد محمد عثمان ومحافظ طرطوس السيد أحمد الشامي.
وحسب بيان صادر عن رئاسة الجمهورية أكد السيد الرئيس أن سوريا تدخل مرحلة جديدة من إعادة بناء الدولة على أساس الاستقرار ومشاركة الشعب، مشددًا على أن الدولة لا تحمل أي نزعات إقصائية أو ثأرية تجاه أي مكوّن، وأن سوريا دولة مواطنة تضمن العدالة وتحفظ حقوق جميع السوريين من جهتهم، أكد الحضور أهمية ترسيخ السلم الأهلي وسيادة القانون، وطرحوا ضرورة إعداد خريطة استثمارية في الساحل لدعم التنمية وتوفير فرص العمل.