زيارة مرتقبة للشرع إلى واشنطن للانضمام للتحالف الدولي ضد تنظيم الدولة
أكدت مصادر صحافية متقاطعة أن الرئيس السوري أحمد الشرع سيزور العاصمة الأميركية واشنطن فيم شهر نوفمبر الجاري بدعوة رسمية من الرئيس الأميركي دونالد ترامب، في زيارة وُصفت بالتاريخية، كونها الأولى لرئيس سوري إلى الولايات المتحدة منذ الاستقلال عام 1946.
وقالت المصادر إن السفير الأميركي لدى تركيا والمبعوث الخاص لسوريا، توماس باراك، أكد لمجموعة من الصحفيين صحة الزيارة، موضحًا أن الشرع سيلتقي الرئيس ترامب لتوقيع اتفاقية انضمام سوريا إلى التحالف الدولي لمحاربة تنظيم الدولة (داعش)، وللبحث في خطوات لاحقة تتعلق بالملف الأمني السوري والعقوبات الأمريكية.
وجاء هذا التأكيد بعد ساعات من كلمة باراك في حوار المنامة 2025، التي عرض فيها ملامح السياسة الأميركية الجديدة في بلاد الشام، حيث قدّم رؤية وصفتها وسائل الإعلام الأميركية بأنها “إعلان عن تحول استراتيجي” في مقاربة واشنطن تجاه المنطقة.
سوريا في قلب “النموذج الجديد”
قال باراك في الجلسة المخصصة للسياسة الأميركية في بلاد الشام إن إدارة ترامب تتبنّى مبدأ “الإجراء الجريء بدل الدبلوماسية التي لا تنتهي”، مشيرًا إلى أن ما يجري في سوريا هو “نموذج لما يمكن أن يحقّق الاستقرار والازدهار في الشرق الأوسط”.
وأوضح أن النظام الجديد في دمشق، برئاسة أحمد الشرع، “انتقل من حرب العصابات إلى دولة مسؤولة يقودها رجل دولة يمثل 25 مليون مواطن”، مضيفًا أن الرئيس ترامب قال في قمة الرياض في 10 مايو: “أعطوا هذا الرجل فرصة”.
وأكد باراك أن الولايات المتحدة رفعت جزءًا من العقوبات عن سوريا، وأن العمل جارٍ على إعادة إدماجها في منظومة التعاون الإقليمي، مع بقاء بعض العقوبات مثل “قانون قيصر” قيد المراجعة. وأضاف أن بلاده لن تنشر قوات على الأرض، بل ستقود مرحلة “الزخم الاقتصادي والسياسي من القاعدة إلى القمة” لإعادة بناء المنطقة.
وفي إشارة لافتة، أعلن أن واشنطن تدعم المفاوضات الجارية بين دمشق وتل أبيب، مؤكدًا وجود خمس جولات من المناقشات حول الحدود، وتوقع أن يتم التوصل إلى اتفاق أمني قبل نهاية العام الجاري.
كما كشف أن سوريا وقّعت اتفاقًا مع قوات سوريا الديمقراطية في العاشر من مارس، ضمن إطار المصالحة الداخلية، وأن الحوار مع القوى الكردية “يسير في اتجاه إيجابي”، معتبرًا أن هذه التطورات “تجعل سوريا المؤهل الأول لقيادة مسار جديد في الشرق الأوسط”.
التحالف ضد تنظيم الدولة
وربط باراك بين هذه الخطوات ومسار انضمام دمشق إلى تحالف دحر تنظيم الدولة، مشيرًا إلى أن وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني “سيوقّع قريبًا على رسالة الانضمام الرسمي للتحالف”، وأن سوريا الجديدة “ستكون جزءًا من الجهد الدولي لمكافحة الإرهاب بعد أن كانت ضحية له لعقود”.
وتوقّعت مصادر إعلامية أن يتم التوقيع الرسمي خلال زيارة الشرع المرتقبة في 10 نوفمبر، وهو ما أكده السفير باراك “بشكل صريح” خلال لقائه بعدد من الصحفيين على هامش حوار المنامة.
تركيا ولبنان وإسرائيل في الحسابات الأميركية
وفي كلمته، خصّ باراك تركيا بوصفها “الحليف الأهم في الناتو وشريك سوريا الطبيعي”، مشيرًا إلى أن أنقرة لعبت “دورًا رئيسيًا في تمكين النظام الجديد في دمشق في 8 ديسمبر الماضي”، وأن العلاقات التركية–الأميركية “تسير نحو تفاهمات أوسع رغم الخلافات”.
أما في الملف اللبناني، فاعتبر أن لبنان يعيش حالة شلل سياسي واقتصادي كامل، وأن “نزع سلاح حزب الله غير واقعي”، داعيًا إلى “اتفاق حدودي مباشر مع إسرائيل” بمشاركة سورية، ومؤكدًا أن واشنطن “لن تتورط ميدانيًا في صراعات إقليمية” لكنها “ستدعم أي مسار يقود إلى استقرار فعلي”.
كما شدد على أن إسرائيل أصبحت “حليفًا مهيمنًا في إعادة تموضع الشرق الأوسط”، وأن اتفاقيات إبراهيم هي “الطريق الذي ينبغي أن تسلكه المنطقة”، مشيرًا إلى أن دمشق وتل أبيب “تقتربان من لحظة مفصلية”.
زيارة تاريخية وتحول دبلوماسي
الزيارة المرتقبة للرئيس أحمد الشرع إلى واشنطن — إن تمت في موعدها — ستكون الأولى من نوعها منذ الاستقلال عام 1946، إذ لم يسبق لأي رئيس سوري أن زار الولايات المتحدة رسميًا، رغم أن رؤساء أميركيين زاروا دمشق سابقًا (نيكسون عام 1974 وكلينتون عام 1994)، فيما جرت لقاءات سورية–أميركية في جنيف خلال عقدي التسعينيات والألفين.
ويُنظر الى ان هذه الخطوة تمثل تتويجًا لمسار الانفتاح الغربي على دمشق بعد سقوط نظام الأسد، وبداية لمرحلة “تطبيع سياسي وأمني” مع سوريا الجديدة بقيادة الشرع، خصوصًا إذا ما تزامنت مع توقيع اتفاق الانضمام إلى التحالف الدولي.