
ضغوط أميركية وتركية على "قسد" لتنفيذ اتفاق الاندماج مع الحكومة السورية خلال 30 يوماً
كشفت مصادر مطلعة لموقع "ميدل إيست آي" أن الولايات المتحدة وتركيا منحتا "قوات سوريا الديمقراطية" (قسد) مهلة لا تتجاوز ثلاثين يومًا لإنهاء عملية اندماجها ضمن مؤسسات الدولة السورية، وذلك في أعقاب تعثر تنفيذ اتفاق آذار 2025 الموقع مع الرئيس السوري أحمد الشرع، والذي نصّ على دمج كامل للهياكل المدنية والعسكرية التابعة لـ"قسد" تحت مظلة حكومة دمشق.
وبحسب المصادر، فقد أبدى الجانبان الأميركي والتركي امتعاضهما من مماطلة "قسد" في تنفيذ الاتفاق، إذ لا تزال الأخيرة تطالب بإبقاء هيكلها العسكري والسياسي مستقلًا، إلى جانب سعيها للحصول على حكم ذاتي ضمن ما تسميه "الإدارة الذاتية"، وهو ما ترفضه الحكومة السورية بشكل قاطع.
وخلال اجتماع عُقد في سوريا الأسبوع الماضي، نقل مسؤولون أميركيون وأتراك إلى قيادة "قسد" تحذيرًا صريحًا بضرورة التقيّد بالمهلة المحددة، مشيرين إلى أن عدم الالتزام سيفتح الباب أمام تداعيات سياسية وأمنية. وقال أحد الحاضرين إن "قسد أُبلغت بأن بعض وحداتها فقط ستندمج في الجيش السوري، فيما سيتم نزع سلاح الوحدات الأخرى، وستكون القيادة العسكرية العامة بيد الدولة السورية".
كما أكدت المصادر أن دمشق لا تبدي استعدادًا لضم وحدات النساء المعروفة باسم "YPJ" التابعة لـ"قسد"، والتي تُعد امتدادًا لحزب العمال الكردستاني المصنّف على قوائم الإرهاب في تركيا والولايات المتحدة.
الولايات المتحدة: "الوقت للوحدة هو الآن"
في السياق ذاته، أعلنت السفارة الأميركية في دمشق، عبر بيان رسمي على حسابها في "فيسبوك"، أن المبعوث الأميركي الخاص إلى سوريا والسفير لدى تركيا، توماس باراك، عقد لقاءً رسميًا يوم السبت مع قائد "قسد" مظلوم عبدي، لبحث سبل تنفيذ اتفاق آذار وضرورة التسريع في دمج الهياكل المدنية والعسكرية ضمن الدولة السورية.
وجاء في البيان أن "اللقاء تناول خطوات عملية نحو سوريا موحدة ومستقرة، وأكد الجانبان أن الوقت الآن هو للوحدة"، كما أعادت الولايات المتحدة تأكيد دعمها لـ"قسد" في محاربة تنظيم داعش، مشيرة إلى أهمية الانتقال إلى مرحلة ما بعد الصراع عبر مؤسسات الدولة السورية.
باراك: لا فدرالية في سوريا.. الطريق الوحيد هو العودة إلى الدولة
وكان باراك قد أدلى بتصريحات صحفية عقب لقائه الرئيس السوري أحمد الشرع في قصر الشعب، شدد فيها على أن الفدرالية مرفوضة في سوريا، وأن لا خيار أمام "قسد" سوى الانضمام الكامل إلى مؤسسات الدولة. واعتبر أن دمشق أبدت "حماسة حقيقية" لتفعيل اتفاق الاندماج، مضيفًا: "نحن ملتزمون بمبدأ الدولة الواحدة والجيش الواحد، ولا مجال لهيئات موازية أو هياكل خارج الإطار الرسمي".
وأكد باراك على تقديره للمكوّن الكردي، مشيرًا إلى أنه "شعب جميل ومحبوب"، لكنه أضاف أن مكانه الطبيعي هو ضمن الدولة السورية، داعيًا قيادة "قسد" إلى الإسراع في تنفيذ بنود الاتفاق الموقّع في العاشر من آذار.
بيان حكومي: لا مكان للمشاريع الانفصالية والجيش هو المؤسسة الوطنية الجامعة
من جهتها، أصدرت الحكومة السورية بيانًا رسميًا أكدت فيه تمسكها باتفاق آذار، ورفضها القاطع لأي مشاريع انفصالية أو محاولات لإقامة كيانات ذاتية منفصلة. ولفت البيان إلى أن الجيش السوري هو المؤسسة الوطنية الجامعة، وأن جميع القوى المسلحة السورية مدعوة للانخراط ضمن صفوفه وفق القانون.
وحذّرت الحكومة من أن أي تأخير في تنفيذ الاتفاق يعطل عملية إعادة الأمن والاستقرار، ويعيق استعادة مؤسسات الدولة لكامل المناطق الخارجة عن سيطرتها، مشددة على أن الهوية الوطنية الجامعة تبقى الضامن الأساسي لوحدة البلاد وسيادتها.
اجتماع ثلاثي في قصر الشعب لبحث ملفات الاندماج والسيادة
وجاءت هذه التطورات عقب اجتماع ثلاثي رفيع المستوى عقد في قصر الشعب بدمشق، جمع الرئيس السوري أحمد الشرع، والمبعوث الأميركي توماس باراك، وقائد "قسد" مظلوم عبدي. وبحسب مصادر حضرت الاجتماع، تناول اللقاء أربعة ملفات رئيسية: شكل الدولة، العلاقة بين الحكومة والإدارة الذاتية، إدارة الموارد والمعابر، ومصير القوات المسلحة التابعة لـ"قسد".
وتم خلال الاجتماع طرح مقترحات تقنية لتنفيذ بعض التعديلات التي طالبت بها "قسد"، مع حصولها على ضمانات أميركية وفرنسية لتطبيق الاتفاق وفقًا لجدول زمني محدد لا يتجاوز نهاية آب الجاري.
اتفاق آذار 2025: خارطة طريق للاندماج الكامل
يُشار إلى أن اتفاق آذار، الذي وُقّع في 10 آذار 2025 برعاية أميركية، ينصّ على دمج كامل لمؤسسات الإدارة الذاتية، بما في ذلك المجالس المدنية والقوات العسكرية، ضمن هياكل الدولة السورية، إلى جانب تسليم المعابر الحدودية والموارد الاستراتيجية إلى الحكومة المركزية. كما يتضمن الاتفاق التزامًا دستوريًا بضمان حقوق المكون الكردي ضمن إطار الوحدة الوطنية السورية.
ويُعدّ الاتفاق، وفق مصادر رسمية، "خطوة حاسمة نحو إنهاء الانقسام واستعادة سيادة الدولة على كامل الأراضي السورية، وتحقيق العدالة والتمثيل المتوازن في إطار وطني جامع".