
في الذكرى الثالثة عشرة لمجزرة التريمسة: ذاكرة الدم والانتهاك الطائفي لا تزال حيّة
في 12 تموز/يوليو 2012، تاريخ محفور في ذاكرة السوريين بوصفه أحد أكثر الأيام دموية في ريف محافظة حماة، حين ارتكبت قوات النظام السوري وميليشيات موالية لها مجزرة مروعة في بلدة التريمسة، ذات طابع طائفي واضح، راح ضحيتها ما لا يقل عن 67 مدنياً، بينهم ستة أطفال وسيدة واحدة، وفق توثيقات الشبكة السورية لحقوق الإنسان وشهادات محلية متطابقة.
المجزرة التي وقعت في ساعات الفجر الأولى، بدأت بحصار عسكري محكم من جهات أربع، شاركت فيه نحو 200 آلية عسكرية، بينها دبابات "T-72" وشيلكا مضادة للطيران وشاحنات زيل محمّلة بجنود مشاة، إلى جانب عناصر بلباس مدني مسلحين برشاشات كلاشينكوف، قدموا عبر باصات وسيارات دفع رباعي.
بحسب الشهادات، بدأ القصف المركز بين الساعة الرابعة والخامسة فجراً، واستُخدمت فيه أنواع متعددة من الأسلحة الثقيلة، واستمر لمدة أربع ساعات متواصلة، بالتزامن مع تحليق ثلاث مروحيات عسكرية وطائرة رابعة غير معروفة الطراز يُرجح أنها كانت طائرة استطلاع بدون طيار لرصد وتحديد الأهداف.
القصف العنيف حال دون تمكن السكان من الهرب، إذ استُهدفت محاولات النزوح بالقوة النارية، ووقع قتلى في محيط القرية، بينهم المسن يوسف العبيد (68 عاماً)، الذي قُتل أثناء محاولته الفرار من القصف باتجاه أراضي "السميرة" شمال التريمسة.
بعد انتهاء القصف، اقتحمت القوات المهاجمة منازل المدنيين ونفذت عمليات قتل جماعي وإعدام ميداني، ومن بين أبرز الحالات الموثقة، إعدام الشيخ وحيد عبد السلام قطاش (إمام مسجد من قرية كفرهود) وابنه طه (17 عاماً) أثناء محاولتهما مغادرة البلدة شرقاً، حيث تم إطلاق النار عليهما، ثم سُحلت جثة الأب بواسطة آلية عسكرية، وأُضرمت النيران في منزله بعد نقل الجثث إليه.
جريمة ضد الإنسانية... ومسؤولية مستمرة
جاءت مجزرة التريمسة في سياق نمط متكرر من الانتهاكات الواسعة النطاق والمنهجية، التي ارتكبها نظام الأسد بحق المدنيين، والتي ترقى إلى مستوى الجرائم ضد الإنسانية، وفق توصيفات قانونية دولية عدة.
ومع مرور ثلاث عشرة سنة على الجريمة، لا تزال العدالة غائبة، في ظل إفلات ممنهج من العقاب، وتؤكد المنظمات الحقوقية أن إحياء ذكرى المجازر ليس فقط واجباً أخلاقياً، بل مسؤولية قانونية تهدف لضمان عدم تكرار الانتهاكات ومحاسبة المسؤولين عنها.
العدالة المؤجلة
رغم توثيق مئات الشهادات والصور والمقاطع المرتبطة بالمجزرة، لم تُفتح أي تحقيقات دولية جادة بشأنها حتى الآن، وتواصل منظمات حقوق الإنسان المطالبة بإدراج هذا النوع من الجرائم ضمن ملف العدالة الانتقالية في سوريا الجديدة، وضمان عدم طمس الذاكرة الجماعية.