"قسد" بين خطاب الاستعداد وممارسات المماطلة: مستقبل الاندماج العسكري في سوريا
"قسد" بين خطاب الاستعداد وممارسات المماطلة: مستقبل الاندماج العسكري في سوريا
● أخبار سورية ٢٨ سبتمبر ٢٠٢٥

"قسد" بين خطاب الاستعداد وممارسات المماطلة: مستقبل الاندماج العسكري في سوريا

في الوقت الذي تتزايد فيه المساعي الإقليمية والدولية لدفع مسار تنفيذ الاتفاق بين "قسد" والحكومة السورية، برزت تصريحات إلهام أحمد، الرئيسة المشتركة للعلاقات الخارجية في الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا، لتكشف عن مقترح غير مسبوق يقضي بتولي قائد قوات سوريا الديمقراطية «قسد» مظلوم عبدي، أو أحد ضباطها البارزين، منصب وزير الدفاع أو رئيس الأركان السوري ضمن هيكلية الجيش الجديد.

وقالت أحمد في حديثها لقناة «العربية» إن المفاوضات مع الحكومة السورية في دمشق ما تزال «في مرحلة تبادل الأفكار» وإن اجتماعات اللجان التقنية «لم تُعقد بعد»، مؤكدة وجود خلافين أساسيين: مستقبل العلاقة بين «قسد» والجيش السوري الجديد وآلية الاندماج العسكري، إضافة إلى شكل النظام السياسي المرتقب بين المركزية واللامركزية.

أوضحت أحمد أن المقترحات المطروحة، ومنها إسناد مناصب سيادية لعناصر «قسد»، لم تتلقَ حتى الآن أي رد رسمي من دمشق، في المقابل، شدّد ياسر السليمان، المتحدث باسم وفد الإدارة الذاتية للتفاوض مع دمشق، على أن هناك «ضغوطات كبيرة على كل الأطراف للوصول إلى تفاهمات تفضي إلى حلول»، مؤكداً أن المسألة السورية ذات شأن وطني كبير وتداخلات إقليمية ودولية تجعل من الحل «مسؤولية جماعية».

وأضاف السليمان أن اتفاق العاشر من آذار/مارس نصّ بوضوح على دمج المؤسسات المدنية والعسكرية ضمن الدولة السورية، لافتاً إلى أن «اللجان التقنية في شمال وشرق سوريا جاهزة على كل المستويات» لمناقشة الملفات العسكرية والأمنية والدستورية، وأن وفده «ينتظر منذ شهر» تحديد موعد من قبل الحكومة السورية لبدء هذه المناقشات.

موقف دمشق: الاتهام بالمماطلة
مصادر رسمية في دمشق نفت المزاعم، مؤكدة أن المماطلة الحقيقية مصدرها «قسد»، التي تطرح مطالب جديدة لم يتضمنها اتفاق آذار، خصوصاً ما يتعلق بآليات الدمج داخل الجيش السوري وتوقيت التنفيذ. 


وأكدت هذه المصادر أن الاتفاق نصّ بوضوح على اندماج «قسد» في المؤسسات العسكرية والمدنية للدولة، وهو ما تعرقله قيادات كردية تسعى لتغيير أو تفسير نص الاتفاق بما يتوافق مع أجنداتها.

 البعد التركي: متابعة حثيثة وتحذيرات متكررة
في السياق ذاته، اتهمت وزارة الدفاع التركية «قسد» بعدم الالتزام بالتفاهمات مع دمشق، معتبرة أن الهجمات الأخيرة في ريف حلب ومنبج دليل على تهديدها للأمن والاستقرار، وكان وزير الخارجية التركي هاكان فيدان قد أكد أن أنقرة تتابع مسار المفاوضات بين «قسد» والإدارة السورية بشكل ثنائي وثلاثي.


ولفت إلى أن هدف بلاده هو «ضمان بيئة لا يشعر فيها أي مكوّن سوري – بما في ذلك الأكراد – بالتهديد أو الإقصاء»، وأن تركيا مستعدة لتقديم كل ما يلزم من دعم سياسي واقتصادي وأمني لتحقيق هذا الهدف بالتعاون مع الشركاء الإقليميين والدوليين.

معادلة معقدة ومستقبل ضبابي
تصريحات الرئيس أحمد الشرع الأخيرة بأن «قسد لا تمثل كل المكوّن الكردي» أضعفت سردية القوات بأنها الناطق الوحيد باسم الأكراد،  ويرى مراقبون أن استمرار المماطلة قد يفتح الباب أمام تدخلات تركية أوسع، خاصة أن أنقرة تربط أي تهدئة بالتنفيذ الكامل لمبدأ «دولة واحدة، جيش واحد».

وفي الوقت الذي تحاول فيه «قسد» تقديم نفسها طرفاً إيجابياً ينتظر تجاوب دمشق، تظهر الوقائع السياسية والميدانية أن الإصرار على مطالب إضافية خارج إطار اتفاق آذار، والتلويح بعدم الاعتراف بالانتخابات المقبلة، يعكس رغبة في التملص من الالتزامات وشراء الوقت بانتظار تطورات إقليمية أو دولية لصالحها.

وبين خطاب الاستعداد المعلن وممارسات المماطلة على الأرض، يبقى مستقبل الاندماج العسكري في سوريا معلقاً على إرادة الأطراف جميعاً في الالتزام بتعهداتها، والانتقال من الترويج الإعلامي إلى تنفيذ الاتفاقات عملياً، بما يضمن وحدة الدولة السورية وأمن شعبها بكل مكوّناته.

 

الكاتب: فريق العمل
مشاركة: 

اقرأ أيضاً:

ـــــــ ــ