
ليث البلعوس في واجهة المشهد السياسي: اتصالات مع واشنطن ومواجهة النفوذ الإسرائيلي في السويداء
سلّط تقرير لموقع "الجزيرة نت" الضوء على تصاعد الدور السياسي والأمني للقيادي الدرزي ليث البلعوس، زعيم "قوات شيخ الكرامة"، الذي أجرى خلال شهر تموز الجاري سلسلة من الاتصالات مع أعضاء بارزين في الكونغرس الأميركي، بهدف دعم الاستقرار في السويداء ومواجهة التدخلات الإقليمية، خاصة تلك المرتبطة بالشيخ حكمت الهجري.
تحرّك سياسي بدعم من منظمة أميركية
وجاءت هذه الاتصالات بترتيب من منظمة "مواطنون من أجل أميركا آمنة"، وركّزت المحادثات مع المسؤولين الأميركيين على ضرورة احتواء التوترات الطائفية، ودعم التعاون مع الحكومة السورية بقيادة الرئيس أحمد الشرع. واتهم البلعوس خصمه حكمت الهجري بتنفيذ أجندات خارجية مدعومة من إسرائيل، تسعى لزعزعة استقرار السويداء.
لقاءات في واشنطن وتحذيرات من الاختطاف الطائفي
أجرى البلعوس محادثة وُصفت بـ"المثمرة" مع السيناتور الجمهوري جو ويلسون، تطرقت إلى خطورة التصعيد الطائفي، والاعتداءات الإسرائيلية المتكررة على الجنوب السوري. كما عقد اجتماعات مع مكاتب أعضاء في لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ، بينهم السيناتوران جيم ريتش وجين شاهين، ناقش خلالها ما سماه "اختطاف قرار الطائفة" من قبل مجموعة صغيرة يقودها الهجري.
وأكد البلعوس في هذه اللقاءات أنه يعمل بالتنسيق مع الدولة السورية لتثبيت الأمن في السويداء، ويقود مسارًا وطنيًا جامعًا بعيدًا عن التدخلات الخارجية.
منظمة سورية-أميركية: البلعوس يمثل صوت الشارع الجنوبي
وقال بكر غبيس، من منظمة "مواطنون لأجل أميركا آمنة"، إن لقاءً جرى مؤخرًا بين البلعوس وأعضاء من لجنة العلاقات الخارجية، مشيرًا إلى أن مشاركته جاءت بصفته ممثلًا بارزًا لأهالي السويداء وناشطًا معروفًا منذ انطلاق الثورة السورية.
وأوضح غبيس أن البلعوس عرض تصورًا شاملًا عن الأوضاع الأمنية والسياسية في المحافظة، وأن أعضاء اللجنة أبدوا تفاعلًا ملحوظًا مع الطروحات التي قدمها، رغم بعض التحفظات بشأن أمن إسرائيل. وأكد أنهم دانوا الهجمات الإسرائيلية على سوريا وتعهدوا بالعمل سياسيًا لضمان الاستقرار.
صراع الزعامة الدرزية بين البلعوس والهجري
يتّهم البلعوس خصمه الشيخ حكمت الهجري بمحاولة احتكار التمثيل الدرزي، والدفع بالطائفة إلى صراعات طائفية تخدم أجندات إسرائيلية، متهمًا إياه بتلقي دعم من "قسد" وجهات دولية أخرى. وفي المقابل، شدد البلعوس على التزامه بالعمل تحت مظلة الدولة السورية، ورفضه لأي دور خارجي في تقرير مصير الجبل.
من جهتها، نفت "حركة رجال الكرامة" وجود أي علاقة تنظيمية حالية بين البلعوس والحركة، مؤكدة أنه انفصل عنها منذ عام 2016، وأن مواقفه لا تمثلها. وقال أحد مسؤولي الحركة – رفض الكشف عن اسمه – إن وسائل الإعلام الرسمية وبعض الجهات تحاول "زج اسم الحركة في مواقف لا علاقة لها بها"، وإن البلعوس "لا يمثل خط الحركة ولا يحمل صفة داخلها".
رؤية وطنية بديلة ومسار نحو دمشق
في المقابل، قال قتيبة شهاب الدين، أحد أعضاء "قوات شيخ الكرامة"، إن البلعوس يسير على نهج والده، الشيخ وحيد البلعوس، في التمسك بمشروع وطني جامع، مؤكدًا أن السويداء طريقها إلى دمشق، وليس إلى تل أبيب. واتهم الهجري بالتحالف مع ضباط من بقايا النظام البائد، وتجار سلاح ومخدرات، والعمل على جرّ المحافظة نحو مشروع طائفي مدعوم إسرائيليًا.
قراءة تحليلية: واشنطن تعيد ضبط سياستها في الجنوب
يرى الباحث السوري باسل المعراوي أن التحولات الأخيرة تعكس تغيرًا تدريجيًا في الموقف الأميركي من الملف السوري، وخصوصًا في الجنوب. وأشار في تصريح للجزيرة نت إلى أن الولايات المتحدة بدأت تنظر إلى البلعوس كممثل شرعي ووازن للطائفة الدرزية، مقابل محاولات إسرائيلية لحصر التمثيل بشخص الشيخ الهجري، في سيناريو مشابه لتجربة أنطوان لحد في جنوب لبنان.
وكشف المعراوي أن الحكومة السورية قررت إنهاء أي تنسيق مع الهجري بعد تصريحاته الداعية إلى قصف العاصمة دمشق، واعتبرت أن البلعوس يمثل التيار الدرزي الوطني القابل للشراكة مع الدولة، وهو ما يعزز فرص إعادة الاستقرار.
واختتم الباحث المعراوي بالقول إن الجالية السورية في أميركا باتت تدعم الحكومة الانتقالية الجديدة، رغم بعض التحديات، معتبرًا أن فتح قنوات التواصل المباشرة بين نواب الكونغرس وشخصيات وطنية مثل البلعوس من شأنه أن يُضعف نفوذ إسرائيل في الجنوب، ويعيد التوازن إلى المشهد السياسي في السويداء.