مشاهد حلب الدامية تعيد للسوريين ذاكرة الخوف والفقد
عاشت مدينة حلب مساء يوم الاثنين، 22 كانون الأول/ديسمبر الجاري، أحداثًا دامية نتيجة استهداف مباشر من قبل قوات سوريا الديمقراطية (قسد)، ما أدى إلى سقوط قتلى وجرحى، وانتشار الخوف والرعب في صفوف المدنيين.
وعقب هذه التطورات، انتشرت على منصات التواصل الاجتماعي صور ومقاطع فيديو توثق تلك اللحظات المؤلمة، من بينها فيديو لشاب يبكي والدته وشقيقه اللذين استشهدا نتيجة الاستهداف، ويتحدث مع خاله عبر الهاتف قائلاً بصوت مفعم بالألم والحسرة: «انكسر ظهري». وكان منزل الشاب قد تعرض للاحتراق ، فيما بدا شقيقه مصاباً بشكل مأساوي.
هذه المشاهد، بما حملته من هلع وفقد وخوف من وقوع المزيد من الإصابات، إلى جانب محاولات فرق الدفاع المدني السوري إنقاذ المدنيين، أعادت إلى أذهان السوريين المآسي التي عاشوها خلال سنوات الثورة، وهي ذكريات بقيت محفورة في الذاكرة، ولا تلبث أن تعاود الظهور مع كل حادثة مماثلة تعيد المشهد الإنساني القاسي إلى الواجهة.
وخلال السنوات الماضية، عانى السوريون طويلاًمن الانتهاكات، إذ كان المدنيون يتوقعون في أي لحظة أن يتعرضوا للقصف وهم داخل منازلهم وبين أفراد عائلاتهم. وما إن يبدأ القصف، حتى يتملكهم الذعر على أبنائهم، فيسارعون إلى التوجه نحو الملاجئ حاملين أطفالهم، وسط خوف دائم من أن تسقط الضربة في أي وقت.
وساهمت مشاهد الأهالي مساء أمس، وهم يخرجون من منازلهم ويتراكضون في الشوارع مذعورين أثناء الاستهدافات، في استحضار تلك اللحظات القاسية التي تجرع السوريون مرارتها طويلاً، ليعيشوها من جديد، ويشعروا بالأسى على وجود أسر ما تزال تعانيها، رغم سقوط النظام البائد، بفعل ممارسات ميليشيات غادرة.
كما أعادت دموع الشاب محيي الدين شريفة، الذي تعرض منزله للقصف من قبل قسد وفقد أفراد من عائلته، أمام الكاميرا، إلى أذهان أهالي الضحايا مشاهد بكائهم على أبنائهم الذين استشهدوا تحت الأنقاض عقب كل ضربة جوية، أو في أروقة المشافي وغرف الإسعاف المكتظة بالمصابين.
ساهمت تلك المشاهد القاسية التي عاشها أهالي مدينة حلب يوم أمس، والصور ومقاطع الفيديو التي جرى تداولها على نطاق واسع عبر منصات التواصل الاجتماعي، بإيقاظ مشاعر الأسى العميق، في نفوس السوريين، كانت قد ارتبطت بسنوات طويلة من الألم والمعاناة خلال الثورة.
وفي ظل هذه الأوضاع، ينتظر السوريون أن تتوقف مثل هذه المشاهد عن التكرار في حياتهم اليومية، وأن يتمكنوا من العيش في ظروف أكثر استقراراً داخل منازلهم وقراهم ومدنهم، بعيداً عن الاستهداف أو التهديد. كما يأمل السكان أن تنعم مناطقهم بالأمان، بما يتيح لهم ممارسة حياتهم الطبيعية دون خوف من هجمات تطال المدنيين أو تعرّض حياتهم وممتلكاتهم للخطر.