
مصادر فلسطينية تؤكد اعتقال "طلال ناجي" الأمين العام للجبهة الشعبية - القيادة العامة في دمشق
ذكرت مصادر فلسطينية سورية عن اعتقال "طلال ناجي"، الأمين العام للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين- القيادة العامة، في دمشق، دون تقديم تفاصيل إضافية حول ظروف اعتقاله. ويأتي ذلك بعد فترة قصيرة من اعتقال قيادات من حركة الجهاد الإسلامي في سوريا.
تعتبر "الجبهة الشعبية- القيادة العامة" من أبرز التنظيمات الفلسطينية الموالية لنظام بشار الأسد، ولعبت دورًا بارزًا في حصار وضرب المخيمات الفلسطينية في سوريا، لا سيما مخيم اليرموك، أثناء اندلاع الثورة السورية في عام 2011. وقد انتُخب "طلال ناجي" أمينًا عامًا للجبهة بعد وفاة زعيمها أحمد جبريل في عام 2021.
تولى طلال ناجي منصب الأمين العام للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين- القيادة العامة بعد وفاة أحمد جبريل، حيث كان من المقربين له وساعده منذ الستينات. انضم ناجي إلى جبهة التحرير الفلسطينية ثم انشق مع جبريل لتأسيس الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين- القيادة العامة عام 1968، ليظل نائبًا لجبريل منذ عام 1973 حتى تولى المنصب بعد وفاته.
وُلد ناجي في مدينة الناصرة بفلسطين ودرس في المدارس السورية، لكنه تعرض لإصابات خطيرة في ذراعه وعينه بسبب حادث غير مقصود أثناء تلاعبه بقنبلة يدوية، ليصبح بذلك رمزًا "للمقاومة" كما يقول مقربون منه، محاولًا الاستفادة من تجربته هذه للتأكيد على جهاد "الميليشيات" التابعة له.
بين عامي 1985 و1986، شارك طلال ناجي إلى جانب أحمد جبريل في القتال مع حركة أمل، بتوجيه من نظام الأسد الأب، أثناء حربه على المخيمات الفلسطينية، التي أسفرت عن مقتل أكثر من 15 ألف فلسطيني.
وخلال الثورة السورية، قاد ناجي ميليشيات "القيادة العامة"، التي كانت مسؤولة عن مقتل الآلاف من السوريين، ومن أبرز أفعالها نصب حاجز على مدخل مخيم اليرموك الذي اعتُقل عليه عشرات السوريين والفلسطينيين الذين حاولوا الهروب من الموت.
اعترف طلال ناجي في مقابلة صحفية بأن أكثر من 400 مقاتل من ميليشياته قُتلوا أثناء مواجهات مع الثوار السوريين. كما أشار إلى أن أكثر من 200 ألف فلسطيني غادروا سوريا بسبب عمليات التهجير التي شاركت فيها ميليشياته منذ عام 2011. وفي حديثه عن المعركة في حلب، أثنى على "لواء القدس"، معتبرًا إياه أحد أبرز الفصائل في مواجهة "المسلحين".
ومن المعروف أن عدة ميليشيات فلسطينية شاركت في قتال السوريين، وكان أبرزها الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين- القيادة العامة، إلى جانب فصائل أخرى مثل حركة فتح الانتفاضة، وحركة الصاعقة، وحركة فلسطين الحرة التي يقودها تاجر المخدرات ياسر قشلق. وامتدت عمليات المرتزقة لهذه الجماعات إلى مناطق جنوب دمشق، بما في ذلك الحجر الأسود، مخيم اليرموك، مخيم خان دنون، والسيدة زينب، والحسينية، إضافة إلى مناطق أخرى في حمص وحلب واللاذقية.
في أول حادثة بعد سقوط الأسد.. اعتقال مسؤولين بارزين بـ"الجـ ـهاد الإسلامي" في سوريا
وسبق أن أكد نشطاء فلسطينيون في سوريا، أن أجهزة الأمن السورية أقدمت على اعتقال كل من خالد خالد، المسؤول العام لحركة الجهاد الإسلامي في سوريا، وأبو علي ياسر الزفري، مسؤول اللجنة التنظيمية في الساحة السورية، دون صدور أي توضيح رسمي من السلطات السورية أو قيادة الحركة حتى لحظة إعداد هذا التقرير.
وبحسب مراقبين مطلعين، فإن الاعتقال جاء في توقيت سياسي بالغ الحساسية، إذ لم يمضِ سوى أقل من 48 ساعة على زيارة الرئيس الفلسطيني محمود عباس إلى العاصمة السورية، حيث التقى الرئيس السوري أحمد الشرع في أول زيارة له منذ قرابة 16 عاماً، وفق "مجموعة العمل من أجل فلسطيني سوريا".
ويرى محللون أن الخطوة تأتي في سياق ضغوط دولية متزايدة على دمشق، خاصة من جانب الولايات المتحدة، التي تضع ضمن شروطها لرفع العقوبات إعادة النظر في العلاقة مع الفصائل الفلسطينية المسلحة، ومنع استخدام الأراضي السورية كنقطة ارتكاز لأي نشاط عسكري أو لوجستي لهذه التنظيمات.
وجاءت الحادثة أول عملية توقيف تطال قيادات من "الجهاد الإسلامي" منذ إسقاط نظام الأسد في ديسمبر 2024، ما أثار موجة من التساؤلات داخل الأوساط الفلسطينية والسورية حول ما إذا كان ذلك يعكس تحولاً جوهرياً في تعامل دمشق مع الفصائل الفلسطينية، خاصة تلك التي حافظت على وجودها في البلاد خلال سنوات الحرب ولم تصطف علنًا مع النظام السابق.
وفي أول رد رسمي، أصدرت حركة الجهاد الإسلامي، صباح الثلاثاء، بياناً عبّرت فيه عن "أسفها الشديد" لاستمرار احتجاز قيادييها، معتبرة أن طريقة الاعتقال "لا تليق بالعلاقة الأخوية" التي طالما جمعت الحركة بالحكومة السورية.
وجاء في البيان الذي نُشر على لسان الحركة: "ها قد مر اليوم الخامس، ولا يزال اثنان من خيرة كوادرنا قيد الاعتقال دون إبداء أي أسباب واضحة، وبطريقة لم نكن نتوقعها من إخوة لطالما كانت أرضهم مأوى للمخلصين لقضيتنا".
ودعت الحركة إلى "استنهاض النخوة العربية" لدى الحكومة السورية، مشيرة إلى أن المعتقلَين "قدّما جهوداً مشهودة في دعم القضية الفلسطينية وخدمة اللاجئين خلال أصعب سنوات الحرب السورية". وأضاف البيان: "نحن نقاتل العدو الصهيوني على أرض غزة منذ عام ونصف دون كلل، ونأمل من إخوتنا في العروبة أن يمدوا لنا يد العون، لا أن يُقابلونا بهذه الإجراءات".
في السياق ذاته، أكدت "سرايا القدس"، الذراع العسكري للحركة، أن أسلحتها "لم تُوجّه يوماً إلا نحو الاحتلال الإسرائيلي"، مذكّرة بأن عدداً من مقاتليها سقطوا على الأراضي السورية "في سبيل فلسطين، لا في معارك عبثية".
ويرى مراقبون أن خطوة الاعتقال، إضافة إلى توقيتها، قد تعكس تغيراً في معادلة العلاقة بين الحكومة السورية الجديدة والفصائل الفلسطينية، خاصة في ظل سعي دمشق لاستعادة موقعها الإقليمي ورفع العقوبات الغربية، وهو ما قد يتطلب تغييرات حذرة في سياسة الاحتضان التقليدية التي اعتمدتها تجاه تلك الفصائل لعقود.
وتجدر الإشارة إلى أن مقرات "الجهاد الإسلامي" في دمشق كانت قد تعرضت خلال السنوات الأخيرة لسلسلة من الغارات الإسرائيلية، كان أبرزها في 13 مارس 2025، عندما استُهدف منزل الأمين العام للحركة، زياد النخالة، في حي دمر شمالي دمشق، في حين قُتل القياديان عبد العزيز الميناوي ورسمي أبو عيسى في غارة مماثلة في ضاحيتي المزة وقدسيا في نوفمبر 2024.
وثيقة مسرّبة عقب المطالب الأمريكية: دمشق تشكّل لجنة لمراقبة الفصائل الفلسطينية في سوريا
وسبق أن كشفت "مجموعة العمل من أجل فلسطينيي سوريا" عن وثيقة رسمية قالت إنها اطلعت عليها، تظهر مضمون الرد السوري على المطالب الأمريكية الثمانية، حيث أكدت الوثيقة تشكيل دمشق لجنة خاصة لمراقبة أنشطة الفصائل الفلسطينية المسلحة، مع التشديد على عدم السماح باستخدام الأراضي السورية لتهديد إسرائيل.
لجنة لمراقبة الفصائل وتعهد بالسيطرة الكاملة
وفقاً للوثيقة، التي سُلمت إلى الجانب الأمريكي بتاريخ 14 نيسان/أبريل، شكّل الرئيس السوري أحمد الشرع لجنة لـ"مراقبة أنشطة الفصائل الفلسطينية"، مع تأكيد أن الدولة السورية "لن تسمح للفصائل المسلحة غير الخاضعة لسيطرة الدولة بالعمل داخل أراضيها"، وجاءت الرسالة قبل أيام قليلة من قيام السلطات السورية باعتقال مسؤولين فلسطينيين تابعين لحركة الجهاد الإسلامي.