
معاناة مستمرة: الأهالي في مخيمات شمال غربي سوريا يواجهون الحرّ والفقر
اضطر آلاف الأهالي في شمالي غربي سوريا إلى البقاء في المخيمات، عاجزين عن العودة إلى قراهم ومدنهم بعد سقوط نظام الأسد وتحرير البلاد، جرّاء تدمير منازلهم بالكامل وانعدام المأوى. يعيشون اليوم ظروفاً قاسية في المخيمات، تتفاقم مع شدة الحرّ في فصل الصيف، وسط نقص حاد في الموارد الأساسية والخدمات الإنسانية.
يشتد الوضع قسوة على سكان المخيمات الذين يقطنون خيماً قماشية أو غرفاً صغيرة مسقوفة بالعوزال، المعروف محلياً بـ"الشوادر". ووفقاً لأهالٍ التقيناهم، فإن العيش داخل هذه الخيم بالكاد يُطاق مع ارتفاع درجات الحرارة، لا سيما في المخيمات المكشوفة التي تفتقر إلى الأشجار المحيطة، مما يزيد من معاناتهم في ظل غياب الحلول الملائمة.
اشتكى الأهالي من صعوبة تأمين وسائل تبريد كهربائية، كالمراوح السقفية أو الأرضية، لتخفيف وطأة الحرّ. وأوضحوا أن المراوح السقفية، إضافة إلى استحالة تركيبها داخل الخيم، تتطلب بطارية ولوح طاقة شمسية، وتحتاج كلفة مالية عالية مقارنة بوضعهم المعيشي وما يملكونه من موارد مالية.
تفاقمت معاناة الأهالي مع عجزهم عن اقتناء المراوح الأرضية، الأقل تكلفة، بسبب الظروف المادية القاسية. وحتى في حال توفرها، فإنها تعتمد على ألواح طاقة شمسية وبطاريات متواضعة الجودة، تكاد تكفي فقط لشحن الأجهزة وتوفير الإضاءة، مما يزيد من صعوبة تحمل الحر الشديد.
ساهم توقف دعم مشاريع الإصحاح والمياه في بعض المخيمات في تفاقم الوضع، حيث اضطر الأهالي لشراء المياه على نفقتهم الخاصة، مما زاد الأعباء المادية عليهم. ولجأت النساء إلى الاقتصاد الشديد في استخدام المياه للتوفير، مما حرمهن وعائلاتهن من إحدى وسائل التبريد الأساسية.
أدى توقف مشاريع الإصحاح إلى توقف ترحيل القمامة في بعض المخيمات أو اضطرار الأهالي لتغطية تكاليفها بأنفسهم، مما تسبب في انتشارها وانبعاث الروائح الكريهة، وتجمع أكوام الذباب حولها. هذا الوضع عزز انتشار أمراض مثل الليشمانيا والقمل بين الأطفال، مع صعوبة علاجها في ظل نقص الموارد الطبية والظروف المعيشية القاسية.
تواجه النساء خيارين لا يخففان من وطأة الحرّ: البقاء داخل الخيمة المكتظة أو الخروج منها. ويصعب عليهن السيطرة على الأطفال الذين يفضلون اللعب خارجاً معظم الوقت، مما يزيد قلقهن من تعرضهم لضربات الشمس أو الأمراض الناجمة عن الحرارة العالية، في ظل غياب وسائل حماية كافية. فمع تزيد الحرارة الشديدة في المخيمات من مخاطر الإصابة بأمراض مرتبطة بالمناخ الحار، مثل ضربات الشمس والجفاف الناتج عن نقص السوائل، خاصة مع شح المياه.
في ظل هذه الظروف القاسية، يعاني سكان المخيمات في شمالي غربي سوريا من تحديات معيشية وصحية متفاقمة، بسبب الحر الشديد، نقص الموارد، وتدهور خدمات المياه والإصحاح. ورغم سقوط النظام البائد، تستمر معاناتهم دون حلول ملموسة. يوجه السكان نداءً عاجلاً إلى الحكومة والجهات المعنية والمنظمات الإنسانية لتقديم الدعم العاجل، ووضع حلول مستدامة لتخفيف محنتهم وتمكينهم من العودة إلى حياة كريمة.