نتنياهو يلمّح لإمكانية التوصل إلى اتفاق مع سوريا ويضع شروطا تعجيزية
أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو اليوم الثلاثاء عن إمكانية التوصل إلى اتفاق مع سوريا، مؤكداً في الوقت نفسه تمسّك حكومته بجملة من الشروط الأمنية أبرزها إنشاء منطقة عازلة منزوعة السلاح تمتد –وفق تعبيره– من دمشق وصولاً إلى جبل الشيخ والمناطق المتاخمة للحدود.
وجاءت تصريحات نتنياهو خلال زيارته للجنود الإسرائيليين المصابين في الاشتباك الذي وقع يوم الجمعة الماضي في قرية بيت جن بريف دمشق، بعد توغّل قوة إسرائيلية في القرية وتصدي الأهالي لها. وقال نتنياهو إن “بالتفاهم والروح الطيبة يمكننا التوصل إلى اتفاق مع السوريين لكننا نتمسك بمبادئنا”، في إشارة إلى ما يصفه بضمانات الأمن الحدودي.
وأضاف أن إسرائيل “مصرّة على الدفاع عن البلدات الإسرائيلية قرب الحدود بما يشمل الحدود الشمالية”، مؤكداً عزم حكومته “منع تموضع الإرهابيين والأعمال المعادية قرب حدودنا”. وشدّد على أن تل أبيب تتوقع من سوريا “إقامة منطقة خالية من السلاح من دمشق إلى المنطقة العازلة، خصوصاً جبل الشيخ”.
وتابع نتنياهو قوله إن حكومته “مصرّة على الدفاع عن الدروز، وأن تبقى إسرائيل آمنة من أي هجوم بري من المناطق الحدودية”، موضحاً أن جنوب غربي سوريا يجب –من وجهة نظره– أن يكون خالياً من السلاح، وأن إسرائيل “ستبقى في المناطق التي تسيطر عليها الأن”.
وتأتي هذه التصريحات في وقت تسعى فيه الحكومة السورية الجديدة، برئاسة الرئيس أحمد الشرع، إلى تثبيت الاستقرار في المناطق الحدودية وإعادة بناء القنوات الدبلوماسية الإقليمية بعد سنوات من الحرب، وبالرغم من لهجة نتنياهو التي بدت منفتحة على إمكانية الاتفاق، إلا أن الشروط التي طرحها تعرقل أي جهود للتوصل لأي اتفاق اصلا.
تصريحات نتنياهو أتت بعد اتصال دار يوم أمس بينه وبين الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، قالت وسائل إعلام عبرية أن الإتقال أتى مباشرة بعد منشور لترامب على صفحته في موقع تروث سوشيال قال فيه ” إن واشنطن “راضية جداً” عن العمل الذي يقوم به الرئيس السوري أحمد الشرع، مؤكداً أن الولايات المتحدة تبذل كل ما بوسعها لضمان نجاح الحكومة السورية في بناء دولة مزدهرة. وشدد على أهمية أن تحافظ إسرائيل على “حوار قوي وصادق” مع سوريا، وألا تقوم بأي خطوات تؤدي إلى عرقلة تطور البلاد، واصفاً المرحلة الحالية بأنها “فرصة تاريخية”.
وفي ذات السياق، قالت القناة 12 الإسرائيلية إن الإدارة الأميركية عبّرت عن قلق بالغ من السياسة التي تتبعها إسرائيل داخل الأراضي السورية، معتبرة أن التصعيد الأخير يقوّض جهود واشنطن للتوصل إلى ترتيبات أمنية جديدة بين دمشق وتل أبيب. ونقلت القناة عن مسؤول أميركي كبير قوله إن سوريا “لا تريد مشكلات مع إسرائيل” في المرحلة الحالية، وإن الحكومة السورية الجديدة تعمل ضمن مسار استراتيجي لإعادة بناء مؤسسات الدولة.
وأضاف المسؤول أن البيت الأبيض أبلغ رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بضرورة وقف التصعيد، قائلاً: “أخبرنا بيبي أنه يجب أن يتوقف. إنه يرى أشباحاً في كل مكان، وإذا استمر على هذا النحو فسيضيّع فرصة دبلوماسية هائلة، وقد يحوّل الحكومة السورية الجديدة إلى عدو لإسرائيل”.
وأوضح تقرير القناة أن دعم الحكومة السورية الحالية وفتح مسار سلام مع إسرائيل يمثلان أحد أعمدة السياسة الأميركية في الشرق الأوسط، مشيراً إلى أن تواصل العمليات الإسرائيلية داخل سوريا يهدد الاستقرار الذي تحاول دمشق ترسيخه منذ سقوط النظام السابق.
وجاء هذا الموقف بالتزامن مع العملية التي نفذها الجيش الإسرائيلي يوم الجمعة الماضي داخل قرية بيت جن في جنوب سوريا، على عمق عشرة كيلومترات، والتي انتهت بغارات جوية أدت إلى مقتل 13 سورياً، بينهم مدنيون، ما أثار غضباً واسعاً داخل سوريا ومطالبات بالرد على الانتهاكات الإسرائيلية.
تظهر التطورات الأخيرة وجود فجوة واضحة بين واشنطن وتل أبيب في إدارة الملف السوري، حيث تسعى الإدارة الأميركية إلى سوريا مستقرة وأمنة، بينما تواصل إسرائيل عملياتها العسكرية داخل الأراضي السورية، والعمل على تفتيت وحدتها ودعم حركات الانفصال.