وفاة قاصر سوري داخل سجن للأحداث في لبنان.. عائلته تشكّك في رواية الانتحار
وفاة قاصر سوري داخل سجن للأحداث في لبنان.. عائلته تشكّك في رواية الانتحار
● أخبار سورية ١ أكتوبر ٢٠٢٥

وفاة قاصر سوري داخل سجن للأحداث في لبنان.. عائلته تشكّك في رواية الانتحار

توفي الموقوف السوري "مهند محمد الأحمد" (14 عاماً) يوم الاثنين 29 أيلول/سبتمبر الجاري داخل سجن مخصص للفتيان في منطقة الوروار ببعبدا شرق بيروت، في حادثة أثارت جدلاً واسعاً حول ظروف الوفاة والملابسات التي سبقتها وفق "وكالة أنباء الموقوفين السوريين في لبنان".

وأكد والد الفتى في شهادة نقلتها جهات إعلامية أن ابنه أوقف قبل نحو 3 أشهر في بيروت، ولم يُسمح له طوال فترة التوقيف بالتواصل مع ذويه، معتبراً أن الادعاء بانتحاره غير منطقي.

وقال: "ابني أوقف سابقاً لستة أشهر وهو أصغر سناً، ولم يقدم على الانتحار، فكيف يحدث ذلك الآن؟ لا شك لدي أن مهند قُتل داخل السجن"، مضيفاً أن إدارة السجن منعت ابنه من الاتصال الهاتفي المسموح عادةً لجميع السجناء.

وأكد شقيق المتوفى، الذي كان موقوفاً معه ثم نُقل إلى سجن رومية المركزي، أن مهند كان في صحة جيدة عند توقيفه، مشيراً إلى أنهما تعرضا للتعذيب على يد الأجهزة الأمنية قبل أن يتم فصلهما.

وأوضح أن انقطاع الأخبار عن شقيقه منذ نقله إلى سجن الأحداث أثار مخاوف العائلة، إلى أن وصلت إليهم أنباء وفاته في المقابل، لم تصدر قوى الأمن الداخلي اللبنانية أي بيان رسمي حتى الآن.

في حين أشار تقرير طبي أولي استلمته العائلة إلى أن سبب الوفاة يعود إلى "توقف حاد في القلب والرئة"، مؤكداً أن الأطباء حاولوا إنعاشه دون جدوى. إلا أن أقارب الفتى الذين عاينوا جثمانه تحدثوا عن وجود كدمات زرقاء على العنق والكتف وآثار دماء، وهو ما دفع العائلة إلى رفض استلام الجثمان إلى حين عرضه على طبيب شرعي مستقل.

ونقلت وكالة محلية لبنانية عن مصدرين أمنيين قولهما إن مهند أقدم على الانتحار في زنزانته، دون تقديم تفاصيل إضافية حول ظروف الحادثة من جانبها، اعتبرت "هيئة أهالي السجناء في لبنان" أن وفاة القاصر السوري "كارثة إنسانية تستدعي وقفة ضمير ومحاسبة فورية"، داعية السفارة السورية في بيروت إلى التدخل العاجل وتوضيح الملابسات للرأي العام.

هذا وتسلّط هذه الحادثة الضوء على واقع السجناء السوريين في لبنان، إذ تشير التقديرات إلى وجود ما يقارب 2600 موقوف سوري، أكثر من 80% منهم لم يخضعوا لأي محاكمة حتى الآن، ويعيشون في ظروف احتجاز وصفتها تقارير حقوقية بأنها "غير إنسانية".

وأكد وزير العدل في الحكومة السورية "مظهر الويس"، أن ملف المعتقلين السوريين في لبنان يُعتبر من القضايا الجوهرية التي تحظى باهتمام خاص من الحكومة السورية، نظراً لبعده الإنساني والوطني، وارتباطه بحقوق المواطنين وظروف احتجازهم.

وقال الويس، في منشور عبر منصة "X"، يوم الأحد 22 أيلول/ سبتمبر، إن الأسباب التي كانت تبرر استمرار هذه المعاناة قد زالت مع سقوط النظام البائد وبدء مرحلة جديدة تُكرّس مبادئ العدالة القائمة على احترام القانون وحقوق الإنسان.

وأضاف أن وزارة العدل تتابع هذا الملف الحساس بشكل مباشر ضمن خطة وطنية شاملة تهدف إلى معالجته وفق القواعد القانونية المرعية، وبالتعاون والاحترام المتبادل بين البلدين الشقيقين، وبما يضمن العدالة والكرامة للمعتقلين وذويهم.

وأوضح الوزير أن الفترة الماضية شهدت عدة مشاورات ولقاءات مع الجانب اللبناني، أظهرت تفهماً ورغبة في التعاون، معرباً عن أمله في أن تثمر هذه الجهود بإغلاق الملف نهائياً، بما يخدم مصلحة الشعبين ويخفف من معاناة الأهالي.

وشدد على أن وزارة العدل ستواصل العمل على هذا الملف بالتعاون مع الوزارات المعنية ضمن إطار العمل الحكومي المشترك، في سياق الحرص على متابعة شؤون المواطنين السوريين خارج البلاد.

وختم بتقدير أي جهد يُبذل من الجانب اللبناني في هذا السياق، داعياً إلى استكمال الإحصاءات والملفات والبيانات اللازمة، بما يسهم في تسريع الحل القانوني والإنساني لهذه القضية.

ونظّم أهالي سجناء سوريين موقفين في السجون اللبنانية، ظهر يوم الجمعة 25 نيسان/ أبريل وقفة احتجاجية أمام السفارة اللبنانية في حي المزة بدمشق، للمطالبة بالإفراج الفوري عن معتقلي الرأي السوريين المحتجزين في سجن رومية وغيره من السجون اللبنانية.

وجاءت الوقفة تعبيراً عن تضامن المعتقلين المحرّرين وعائلات المغيّبين قسراً مع اللاجئين السوريين الذين فرّوا إلى لبنان هرباً من بطش نظام بشار الأسد البائد، ليواجهوا انتهاكات جديدة على يد السلطات اللبنانية، بحسب الجهة المنظمة.

وفي كلمة أُلقيت خلال الفعالية، دعا القائمون الحكومة اللبنانية إلى إطلاق سراح المعتقلين فوراً، معتبرين أن هذا الإجراء "لا يمثل فقط نهاية مأساة المعتقلين، بل يشكل بداية صفحة جديدة قائمة على العدالة والمحبة والسلام بين الأشقاء".

وشدد المشاركون على أن سجن رومية أصبح رمزاً لمعاناة السوريين، الذين لم يكن ذنبهم سوى التعبير السلمي عن آرائهم ومعتقداتهم، مؤكدين أن هذه القضية "ليست محلية أو فردية، بل إنسانية وعالمية، تستوجب تضامناً دولياً واسعاً".

من جهته، قال "مهند الغندور"، المحرر من سجن صيدنايا ومدير مكتب الرابطة في دمشق، إنهم يقفون اليوم "لرفع صوت أطفال ونساء المعتقلين السياسيين في رومية"، مطالباً الحكومة اللبنانية بإعادة النظر في ملفات المعتقلين، وداعياً الحكومة السورية إلى ممارسة الضغط على الجانب اللبناني للإفراج عنهم.

وأكد استعداد الرابطة لتقديم ملفات قانونية دولية لتحريك القضية. بدوره، قال أحمد نواف المبسبس، مدير مكتب الرابطة في درعا، إن المعتقلين في رومية يعيشون أوضاعاً نفسية وإنسانية صعبة نتيجة الانتهاكات، مضيفاً: "هؤلاء أبرياء، لجؤوا إلى لبنان فراراً من القمع، ولا يجوز أن يتحوّل لجوؤهم إلى مأساة جديدة".

وفي شهادة مؤثرة خلال الوقفة، قال عمر، أحد المشاركين: "أبي معتقل في سجن رومية منذ أن كان عمري أربع سنوات، لم أره إلا مرة واحدة داخل السجن، أطالب الرئيس أحمد الشرع والحكومة اللبنانية بالإفراج عن جميع المعتقلين الذين سُجنوا لدعمهم الثورة السورية ضد نظام الأسد".

هذا واختتمت الوقفة بتجديد الدعوة إلى استمرار التضامن مع المعتقلين، والتأكيد على أن هذه القضية لن تُنسى، وأن أصوات المعتقلين ستبقى حاضرة حتى ينالوا حريتهم وكرامتهم.

وشهد سجن رومية المركزي، أكبر مرافق الاحتجاز في لبنان، حركة عصيان داخلي بالتزامن مع انعقاد جلسة تشريعية للبرلمان اللبناني يوم الخميس 24 نيسان/أبريل 2025.

وذلك في تحرك يهدف إلى الضغط على المجلس النيابي للمصادقة على اقتراح قانون تقدمت به كتلة "الاعتدال الوطني" يهدف إلى الحد من الاكتظاظ في السجون وتسريع الإجراءات القضائية، فضلاً عن الاحتجاج على التراجع في وعود ترحيل السجناء السوريين وتسليمهم إلى الإدارة السورية الجديدة.

وكان عشرات السجناء السوريين قد أعلنوا في 11 شباط/فبراير الماضي إضراباً مفتوحاً عن الطعام احتجاجاً على ما وصفوه بـ"الاعتقال التعسفي"، مطالبين بالترحيل أو الإفراج، وسط تجاهل رسمي لمطالبهم.

الكاتب: فريق العمل
مشاركة: 

اقرأ أيضاً:

ـــــــ ــ