أكد محققو الأمم المتحدة أن هناك “أدلة كثيرة” على الجرائم التي ارتكبها بشار الأسد ونظامه خلال فترة حكمه، رغم محاولات إتلاف الوثائق وإخفاء الأدلة بعد سقوط النظام في 8 كانون الأول/ديسمبر 2024.
وقال هاني مجلي، عضو لجنة التحقيق الأممية بشأن سوريا، إن اللجنة تمكنت أخيرًا من الدخول إلى البلاد لأول مرة منذ عام 2011، بعدما كانت تجري تحقيقاتها عن بُعد. وأضاف: “كان من الرائع أن أكون في دمشق بعد سنوات من المنع، والبلد غني بالأدلة التي يمكن استخدامها لتحقيق العدالة”.
وأشار مجلي إلى أن سجن صيدنايا، المعروف بفظائعه ضد المعتقلين، بات خالياً عملياً من الوثائق، فيما أظهرت التحقيقات تدميرًا متعمدًا للأدلة في عدة مواقع، حيث عمد أفراد من النظام إلى حرق الوثائق قبل فرارهم. ومع ذلك، أوضح أن نظام الأسد كان يحتفظ بنسخ أخرى من الوثائق في أماكن مختلفة، ما يعني أن الأدلة لم تُفقد بالكامل.
وأضاف المحقق الأممي أن هناك مواقع أخرى ما زالت تحتوي على كميات كبيرة من الأدلة، مشيرًا إلى أن العديد منها أصبح الآن في مأمن ويمكن استخدامه مستقبلاً لضمان محاسبة المسؤولين وتحقيق العدالة.
في وقت سابق، أكدت لجنة التحقيق الدولية المستقلة بشأن سوريا أن نظام بشار الأسد استخدم الاعتقال التعسفي والتعذيب والاختفاء القسري بشكل ممنهج لقمع المعارضة، مما يشكل جرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب. وأشارت إلى أن الإفراج عن المعتقلين بعد سقوط النظام يعد تحولًا غير مسبوق، لكنه لم ينهِ معاناة آلاف العائلات التي لا تزال تبحث عن ذويها المفقودين.
وأوصت اللجنة بضرورة الحفاظ على الأدلة، لا سيما المقابر الجماعية والأرشيفات الأمنية، لضمان تحقيق العدالة وعدم تكرار الانتهاكات.
في السياق ذاته، التقى مدعي عام المحكمة الجنائية الدولية، كريم خان، قائد الإدارة السورية الجديدة أحمد الشرع في دمشق، بحضور وزير الخارجية أسعد الشيباني. وتأتي هذه الزيارة في إطار الجهود المبذولة للتحقيق في الجرائم التي ارتُكبت خلال فترة حكم النظام السابق، حيث تسعى الحكومة الانتقالية إلى ملاحقة مرتكبي الجرائم ضد الإنسانية، بالتعاون مع الهيئات الدولية المختصة.
وأعلن كريم خان أن المحكمة الجنائية الدولية مستعدة لدعم السلطات السورية الجديدة في مسار العدالة الانتقالية، فيما أكدت الحكومة السورية التزامها بمحاسبة المسؤولين عن الجرائم السابقة وضمان عدم الإفلات من العقاب، مشددة على الحاجة إلى دعم دولي لإتمام التحقيقات والإجراءات القانونية اللازمة.
بدوره، شدد رئيس اللجنة الأممية، باولو بينيرو، على أهمية وقف إطلاق النار الشامل، مؤكدًا أن العملية الانتقالية في سوريا تمثل نهاية 61 عامًا من الديكتاتورية الاستبدادية، ودعا المجتمع الدولي إلى دعم الجهود القانونية لمحاكمة مجرمي الحرب، رغم العقبات التي تفرضها بعض القوى الدولية.
كشفت وزارة الزراعة في الحكومة السورية الانتقالية، عن رؤية لإعادة هيكلة الوزارة وتطوير القطاع الزراعي بشكل عام، والذي يشكل 27% من الناتج المحلي، ومن أولويات ذلك تأمين القمح وإعادة النظر بالاتفاقيات المائية السابقةو مع دول الجوار.
وقال وزير الزراعة السوري "محمد طه الأحمد"، إن "أكبر تحد يعاني منه القطاع الزراعي في سوريا هو تراجع المساحات المروية"، والتي تراجعت بأكثر من 60% مما كانت عليه سابقاً، مشيرا أن "وزارة الزراعة تعاني من ترهل إداري، وتحتل المرتبة الثالثة بأعداد العاملين، بعد وزارتي التربية والصحة".
ولفت إلى أن "عدد العاملين فيها بلغ 70 ألف موظف، وهو رقم كبير جداً، مقابل رواتب لا تتجاوز 15 دولاراً للموظف"، وذكر أن "نسبة التخفيض ستكون بنحو 30-40% من نسبة العاملين.
وذلك ضمن مرحلة دراسة الهيكليات الخاصة بالوزارة، عن طريق لجنة وردت التوصيات لها بأن يكون التقييم وفقاً للكفاءة والأخلاق، الأمر الذي سيترتب عليه خروج عدد لا بأس به من العاملين" ولفت إلى أن "نصيب المواطن السوري سابقاً كان أكثر من 150 كيلو جرام من القمح.
أما اليوم لا يتجاوز 20 كيلو جرام من الإنتاج المحلي، وكانت سوريا تعتمد على الإنتاج المحلي فقط لتأمين احتياجات السوريين وعلى رأسها الخبز، ومخزون استراتيجي لسبع سنوات، أما حالياً نستورد أكثر من 200 ألف طن من القمح سنوياً.
وقدر أن "المخزون الحالي من القمح الموجود من الاستيراد يكفي لموسم الحصاد، وبعده يمكن أن يكون الاكتفاء أقل من 20%، وهنا يأتي دور وزارة التجارة الخارجية لاستيراد هذه الكميات بالسعر والنوعية المناسبة".
وأعرب عن إمكانية العودة لـ"الاكتفاء الذاتي، ولكن بعد سلسلة من العمليات التي تضمن زراعة المساحة والإنتاجية المطلوبة، حيث تخطط الوزارة لزراعة مساحة تنتج احتياجات سوريا التي تقدر بـ350 ألف طن من القمح".
وفيما يخص التعهدات بالدعم الدولي، أكد الوزير السوري "وجود عروض كثيرة لتقديم الدعم من منظمات دولية وإنسانية، وهي في طور المباحثات"، مضيفاً: "نسعى لتقديم الدعم في المكان المناسب من خلال مسح احتياجات القطاع الزراعي".
ويرى أن "رفع العقوبات سيكون له أثر إيجابي على القطاع الزراعي"، وأردف: "سيجري الحصول على الدعم والمستلزمات الزراعية، وتحرير الكثير من الأموال لصالح القطاع الزراعي، ما سيؤثر على حركة العجلة الاقتصادية والإنتاجية"، وتطرق إلى الصادرات الزراعية السورية.
وكان أكد وزير الزراعة السوري أن أولويتنا هي تحقيق الاكتفاء الذاتي، وقال القائم بأعمال بعثة الاتحاد الأوروبي في سوريا مايكل أونماخت، الثلاثاء، إنه عقد لقاء "مثمراً" مع وزير الزراعة في حكومة تصريف الأعمال السورية محمد طه الأحمد، في دمشق.
وأضاف، في تغريدة عبر منصة "إكس"، أنه ناقش مع الأحمد، الدور الحيوي لإصلاح الزراعة في تعزيز الاستدامة والنمو الاقتصادي ومواجهة تحديات التغيير المناخي، وأكد أن دعم القطاع الزراعي في سوريا "يظل أولوية بالنسبة للاتحاد الأوروبي".
ويذكر أن وزير الزراعة والإصلاح الزراعي الدكتور "محمد طه الأحمد" أكد بأن البيانات الموجودة في وزارة الزراعة هي بيانات وهمية، وهذا ما سبب سوء توزيع الدعم، ويجب على كل جهة تحديد البيانات اللازمة ومصدر هذه البيانات.
تلقى الرئيس السوري أحمد الشرع، أمس الجمعة، رسائل تهنئة من قادة عرب بمناسبة توليه منصب رئاسة الجمهورية العربية السورية خلال المرحلة الانتقالية.
وأعرب الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي عن تمنياته للشرع بالنجاح في قيادة سوريا نحو “تحقيق تطلعات الشعب السوري”، مشددًا على أهمية العمل لتحقيق مزيد من التقدم والازدهار. وقال السيسي في بيان رسمي نشرته الرئاسة المصرية على منصة “إكس”:
“أتوجّه بالتهنئة للسيد أحمد الشرع لتولّيه منصب رئاسة الجمهورية العربية السورية خلال المرحلة الانتقالية، وتمنياتي له بالنجاح في تحقيق تطلّعات الشعب السوري.”
كما بعث الرئيس الفلسطيني محمود عباس برسالة تهنئة للشرع، أكد فيها على أهمية تعزيز العلاقات الأخوية والتاريخية بين سوريا وفلسطين، متمنيًا للقيادة السورية الجديدة التوفيق في إدارة المرحلة الانتقالية وتحقيق الأمن والاستقرار للبلاد.
وبعث الأستاذ جاسم محمد البديوي، الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية، رسالة تهنئة إلى أحمد الشرع، بمناسبة توليه رئاسة الجمهورية العربية السورية في المرحلة الانتقالية، وعبر عن خالص التهاني وأصدق التبريكات لفخامته بهذه المناسبة، موكداً ثقته بأن قيادته الحكيمة ستسهم في تحقيق تطلعات الشعب السوري الشقيق نحو الأمن والاستقرار والازدهار.
كما جدد البديوي، في الرسالة، التأكيد على دعم مجلس التعاون لدول الخليج العربية الثابت لسوريا خلال هذه المرحلة الانتقالية، والتزامه بالوقوف إلى جانب الشعب السوري الشقيق من أجل تحقيق وحدة سوريا وسيادتها واستقلالها.
تلقى الرئيس أحمد الشرع برقيات تهنئة من عدد من القادة العرب بمناسبة توليه رئاسة سوريا في المرحلة الانتقالية، حيث أعربوا عن دعمهم لاستقرار سوريا ووحدة أراضيها.
أرسل العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز وولي العهد الأمير محمد بن سلمان تهانيهما للشرع، متمنيين له التوفيق في قيادة البلاد نحو مستقبل مستقر. كما بعث ملك الأردن عبد الله الثاني ببرقية تهنئة، أكد فيها دعم بلاده لسوريا واستعدادها لتعزيز التعاون المشترك.
وأعرب أمير الكويت مشعل الأحمد الجابر الصباح، ورئيس الإمارات الشيخ محمد بن زايد، وحاكم دبي الشيخ محمد بن راشد، ونائب رئيس الإمارات الشيخ منصور بن زايد عن تمنياتهم للشرع بالنجاح في إدارة المرحلة الانتقالية، كما قدم رئيس جمهورية الصومال الفيدرالية حسن شيخ محمود، التهاني للشرع.
كما بعث سلطان عمان هيثم بن طارق وملك البحرين حمد بن عيسى آل خليفة ببرقيات تهنئة، شددا فيها على أهمية استقرار سوريا ودعم تطلعات شعبها. وفي السياق ذاته، هنأ رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي الرئيس السوري الجديد، متمنيًا لسوريا الأمن والسلام.
من جانبها، رحبت وزارة الخارجية القطرية في بيان رسمي، بالخطوات الانتقالية التي تشهدها سوريا، مؤكدة دعمها لجهود تعزيز التوافق الوطني وإعادة بناء مؤسسات الدولة، مع ضرورة احتكار الدولة للسلاح عبر جيش موحد يمثل كافة المكونات، تمهيدًا لانتقال سياسي شامل.
وتأتي هذه التهاني في ظل تزايد الاعتراف العربي والدولي بالحكومة السورية الجديدة، وسط تطورات متسارعة في المشهد السياسي، حيث تستعد سوريا لدخول مرحلة جديدة من إعادة الإعمار وبناء المؤسسات بعد عقود من حكم النظام البائد.
قررت وزارة التعليم العالي والبحث العلمي في الحكومة السورية الانتقالية تمديد مواعيد تسجيل الطلاب المستجدين والقدامى في الجامعات الحكومية للعام الدراسي الحالي.
وبينت الوزارة أن التسجيل مستمر لغاية نهاية الدوام الرسمي من يوم الخميس الواقع في السابع والعشرين من شباط/ فبراير القادم.
يذكر أن هذا هو التمديد الثاني للتسجيل، وكانت الوزارة مددت سابقاً فترة التسجيل لغاية الثلاثين من الشهر الجاري.
كما أصدرت الوزارة قرارا يقضي بمنح مهلة إضافية لمدة ثلاثة أشهر تضاف إلى المدد الممنوحة لطلاب الدراسات العليا، وكذلك يقضي بطي العقوبات الصادرة بحق بعض الطلاب في جامعة حلب بالمناطق المحررة.
إضافة إلى ذلك قررت السماح باستضافة الطلاب من جامعة حكومية وفروعها إلى جامعة حكومية أخرى وفروعها للعام الدراسي 2025/2024 وفق الشروط المرفقة.
وأصدرت وزارة التربية قراراً باستثناء العاملين لدى مديريات التربية والتعليم في محافظات الحسكة والرقة ودير الزور، من القرار الوزاري المتضمن قبول طلبات نقل العاملين المثبتين وآلية معالجة طلبات النقل.
وبينت الوزارة في تعميمها الذي نشرته على قناتها الرسمية في التلغرام أن الاستثناء من قرار النقل جاء لحين استقرار الأوضاع في هذه المحافظات.
وكانت قررت وزارة التعليم العالي في حكومة تصريف الأعمال السورية طي العقوبات الصادرة بحق الطلاب في الجامعات السورية الحكومية والخاصة، ضمن عدة إجراءات جديدة على مستوى القطاع التعليمي.
وصرح وزير التعليم العالي "عبد المنعم عبد الحافظ"، بأنه تم وضع عدداً من الأهداف أهمها الارتقاء بالجامعات السورية العامة والخاصة، وأن تتقدم في التصنيفات العالمية للجامعات.
وعقب عدة اجتماعات ولقاءات أصدر جملة من القرارات منها تحديد مواعيد الامتحانات النظرية وإيقاف التسجيل على الدكتوراه وتمديد مواعيد التحويل المتماثل وتغيير القيد.
هذا وبشر وزير التربية والتعليم في حكومة تصريف الأعمال السورية الأستاذ "نذير القادري" السوريين بأن سوريا ستفتح صفحة جديدة ومشرقة على جميع الأصعدة، وخاصة في ملف التربية والتعليم حتى نبني جميعاً سوريا المستقبل.
وتجدر الإشارة إلى أن العملية التعليمية في المدارس والجامعات العامة والخاصة، استأنفت اعتباراً من يوم الأحد 15 كانون الأول/ ديسمبر، مع التأكيد على جاهزية جميع المؤسسات لضمان سير العملية التعليمية بشكل منتظم وفعّال.
أفادت مصادر محلية، عن مقتل قرابة 10 عناصر سابقين من الفرقة 25 التابعة لنظام الأسد البائد، بهجوم مسلح نفذه مجهولون على مكان تجمع لهم في منزل بقرية أرزة بريف حماة الغربي، لافتة إلى أن العناصر كانوا يحضرون للفرار باتجاه لبنان عن طريق مهربين.
وأوضحت المصادر، أن عناصر من الفرقة 25 التي كان يقودها المجرم الهارب "سهيل الحسن"، المتورطة بانتهاكات جسيمة بريف حماة وإدلب، من أبناء قرية أرزة بريف حماة الغربي، قتلوا بهجوم مسلح، نفذه مسلحون مجهولون، خلال محاولة العناصر الفرار عبر طرق التهريب إلى لبنان.
وذكرت المصادر، أن قوات من "إدارة الأمن العام" دخلت إلى القرية عقب الهجوم، وقامت بمعاينة الموقع، ونقل الجثث إلى مشفى حماة الوطني، قبل تسليمها لذويهم، في حين أفادت مصادر مقربة من الجهات الأمنية أن الأخيرة فتحت تحقيقاً في الحادثة لكشف هوية المسلحين.
وباتت مجموعات مسلحة تقوم بتنفيذ عمليات قتل تطال غالباً عناصر من جيش النظام السابق، ممن خضعوا للتسويات أو الرافضين لها والمتوارين عن الأنظار، تندرج تلك الحوادث غالباً ضمن أعمال انتقامية من المتورطين بارتكاب جرائم عديدة بحق أبناء المنطقة، رغم أن القوى الأمنية تتولى عمليات ملاحقة المطلوبين والفارين والرافضين للتسويات.
وقبل عدة ايام، قتل 5 أشخاص، برصاص مجهولين، في قرية العنز في ناحية الحمرا بريف حماة الشرقي، قالت المصادر إن مسلحين عرفو عن أنفسهم أنهم يتبعون لإ "إدارة الأمن العام" داهمت القرية ونفذت القتل بحق مختار القرية وابنه وشخص آخر وابنه، لكن "الأمن العام" نفى علاقته بالحادثة وأرسل قوة أمنية للتحقيق في الحادثة، رغم أن معلومات تحديت عن أن القتلى عم من المتورطين بالدماء في عهد النظام السوري البائد.
وسبق أن أقدم مسلحين من فلول نظام الأسد البائد الخارجين على القانون، يوم الثلاثاء 14 كانون الثاني/ يناير 2025، على مهاجمة دورية أمنية تابعة لـ"إدارة الأمن العام" لدى وزارة الداخلية السورية.
وأكد ناشطون أن الهجوم وقع بقيادة المجرم الشبيح "بسام عيسى حسام الدين" متزعم ميليشيا ما يسمى بـ"كتيبة أسود الجبل" والذي قتل في ذات اليوم بعملية أمنية لإدارة العمليات العسكرية، إضافة إلى نظيره "مقداد فتيحة"، من كوادر ميليشيات الفرقة 25 التي كان يقودها المجرم الهارب "سهيل الحسن".
وكانت كشفت شبكة "شام" الإخبارية، عن هوية عدة شخصيات ظهرت من بين المحرضين والمروجين للفوضى ومنهم وحرض القيادي السابق في ميليشيات "الفرقة 25" التابعة لنظام الأسد الساقط، "مقداد فتيحة"، بعدة منشورات وشارك في مهاجمة دورية أمنية في الساحل السوري.
الفرقة 25 هي وحدة قوات خاصة ذات تدريب عالٍ، وكانت تعتبر من قوات النخبة في جيش النظام السوري، أشرفت روسيا على تشكيل هذه الوحدة، وتتشكل من مقاتلين من جيش النظام السابق، والمخابرات الجوية، بالإضافة إلى متقاعدين عسكريين ومتطوعين مدنيين.
تُعرف الفرقة 25 أيضًا بـ "قوات النمر" أو "وحدة القوات الخاصة"، وهي تعمل بشكل رئيسي كوحدة هجومية، ورغم حجمها الصغير نسبيًا، تتكون قوات النمر من ثلاثة أضلاع رئيسية: الأول هو الجانب الأمني – العسكري، الثاني هو الموارد البشرية المتطوعة والمنتقاة، والثالث هو الإطار الإداري تحت إشراف وزارة الدفاع، مما يمنحها هوامش تحرك واسعة.
وقبل أيام نفذت "إدارة الأمن العام" بالتعاون مع "إدارة العمليات العسكرية"، حملة أمنية تستهدف فلول النظام البائد الرافضين للتسوية في منطقة قمحانة بريف حماة، والتي كانت تعتبر لوقت قريب مقراً لقوات "الطراميح" المقربة من "سهيل الحسن"، متورطة بجرائم حرب كبيرة بحق المدنيين في عموم ريف حماة وإدلب.
وتمكنت "إدارة العمليات العسكرية" وقوات "إدارة الأمن العام" من تحييد عدد من فلول نظام الأسد البائد، بعد اعتداءات متكررة طالت السكان والقوى الأمنية، ما استدعى انتشار واسع للجهاز الأمني وسط حملات أمنية في دمشق وحمص والساحل السوري وريف حماة.
شهدت بلدة طرنجة بريف القنيطرة، مساء اليوم، توغلاً لقوة عسكرية إسرائيلية داخل المنطقة العازلة، حيث أطلقت القنابل المضيئة وأعيرة نارية قبل انسحابها بعد اعتقال شابين من أبناء البلدة، تلاه قيام مسلحين بإطلاق النار على القوة الاسرائيلية.
وفي تطور لافت، أفادت وسائل إعلام اسرائيلية أن مسلحين سوريين أطلقوا النار على القوة الإسرائيلية أثناء انسحابها، حيث تعتبر هذه المرة الأولى التي يتم فيها استهداف القوات الإسرائيلية المتواجدة في سوريا منذ سقوط النظام الأسد.
من جانبه، قال المتحدث باسم جيش الاحتلال الإسرائيلي، أفيخاي أدرعي، في منشور على حسابه في منصة إكس (تويتر): “قبل قليل سمع ورصد إطلاق نار في منطقة تعمل فيها قوات جيش الدفاع داخل الأراضي السورية، وتحديدًا في المنطقة العازلة، مؤكدا أنه لم تقع إصابات حيث تواصل القوات مهامها،
وأضاف أفيخاي "سيبقى الجيش الاسرائيلي منتشرًا في المنطقة وسيتحرك لإزالة التهديدات الموجهة نحو دولة إسرائيل ومواطنيها."
وكشفت مصادر إعلامية في الجنوب السوري في وقت سابق، عن وصول تعزيزات عسكرية تابعة لجيش الاحتلال الإسرائيلي يضم دبابات وعربات عسكرية، قادماً من وادي اليرموك يصل إلى الطريق الواصل بين بلدتي جملة وعابدين غربي درعا.
وأعلنت إسرائيل عن استيلاءها على أكثر من 3300 قطعة عسكرية من سوريا خلال الأسابيع الستة الماضية، تضمنت دبابات، أسلحة، صواريخ مضادة للدبابات، قذائف صاروخية، ومعدات مراقبة.
وكانت أفادت مصادر أهلية من قرية كودنة بريف القنيطرة يوم الجمعة الماضية ٢٤ يناير ٢٠٢٥، أن قوات الاحتلال الإسرائيلي أطلقت النار بشكل مباشر على شابين ما أدى لإصابتهما بالرصاص بشكل مباشر، وقال نشطاء أن الشابين كانا يجمعان الحطب في حرش كودنة من الأشجار الحراجية، وعند اقتراب جرافات ودبابات جيش الإحتلال من المنطقة قاما بالتلويح في محاولة لمنع الجيش من تجريف الأشجار وتدميرها، إلا أن عناصر الجيش الإسرائيلي قاموا بإطلاق النار عليهم بشكل مباشر.
وأكدت المصادر أن الشابين “محمد الطحان” و”حمزة الطحان أبو ضرار” تعرضا لإصابات، حيث أصيب الأخير بطلقة رصاص ولكنها كانت سطحية، حيث تم نقلهما إلى مشفى الجولان لتلقي العلاج.
وأفاد نشطاء أن محمد الطحان أصيب بقدمه بطلقة رصاص مباشرة ولم يتمكن من الفرار بسبب ذلك، فقام جيش الإحتلال باحتجازه ومن ثم إطلاق سراحه، دون تقديم أي علاج له، ليتم نقله إلى المشفى.
وما تزال اسرائيل تواصل انتهاكاتها بحق المواطنين السوريين في المناطق التي توغلت فيها واحتلتها مؤخرا، حيث تقوم بتجريف الأراضي وتدمير المزارع واقتلاع الأشجار والاستيلاء على الممتلكات والموارد المائية.
يأتي هذا التحرك الإسرائيلي في ظل تصعيد مستمر على الحدود الجنوبية السورية، حيث تزايدت التوغلات والاعتداءات في الأسابيع الأخيرة.
وكانت اسرائيل في وقت سابق، قد وسعت عملياتها في القنيطرة، حيث سيطرت على سد المنطرة، أحد أكبر السدود المائية في المنطقة، وأقامت قاعدة عسكرية قرب السد، محاطة بسواتر ترابية، وفرضت حظر تجوال على السكان المحليين.
وباتت تسيطر على جبل الشيخ الذي يحوي مصادر مائية كبيرة ومصدر رئيسي لبعض الينابيع بريف دمشق، كما وصل أيضا إلى مشارف سد الوحدة الذي يربط بين سوريا والأردن، وتعتمد الأردن عليه كثيرا، وكذلك بات يسيطر بشكل عملي على نهر اليرموك، وبهذا باتت اسرائيل تهدد الأمن المائي في سوريا حيث وضعت يدها ما يقارب من 4 مليارات متر مربع من الماء الصالح للشرب.
وواصلت إسرائيل تعزيز وجودها العسكري في ريف القنيطرة الجنوبي، حيث توغلت في عدد من القرى والبلدات والتلال الحاكمة والمطلة، حيث تنفذ عمليات تفتيش وتجريف للأراضي الزراعية،
أكد وزير الخارجية الأميركي، ماركو روبيو، في مقابلة صحفية أن التطورات في سوريا تفتح الباب أمام إمكانية تحقيق استقرار جديد في المنطقة، مشيرًا إلى أن الإدارة الأميركية تتابع الوضع عن كثب لمعرفة اتجاهات المرحلة القادمة.
وأوضح روبيو أن المشهد السوري شهد تحولًا جذريًا بعد سقوط نظام الأسد، مضيفًا: “هذه المجموعة التي استلمت السلطة ليسوا بالضرورة أشخاصاً يمكن أن يجتازوا فحص الخلفية من قبل مكتب التحقيقات الفيدرالي، لكن إذا كانت هناك فرصة لإنشاء بيئة أكثر استقرارًا مما كان لدينا في عهد الأسد، حيث كانت إيران وروسيا تسيطران، وتنظيم داعش ينشط بحرية، فمن الضروري متابعة هذه الفرصة ومعرفة إلى أين تقودنا”.
وفي حديثه عن التأثير الإقليمي، شدد روبيو على أن استقرار سوريا ولبنان، وتراجع نفوذ “حزب الله” الذي كان يعمل لصالح إيران، يمكن أن يغير ديناميكية المنطقة، مما قد يسهل تحقيق تفاهمات كبرى، مثل الاتفاق المحتمل بين المملكة العربية السعودية وإسرائيل، والذي اعتبره خطوة مفصلية قد تعيد رسم خريطة التحالفات الإقليمية.
وختم روبيو حديثه بالإشارة إلى أن الوضع ما يزال معقدًا، لكن هناك فرصًا حقيقية لم يكن من الممكن تصورها قبل ثلاثة أشهر، وهو ما يتطلب متابعة حذرة من قبل الإدارة الأميركية وحلفائها في المنطقة.
وفحص الخلفية (Background Check) الذي أشار إليه وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو هو إجراء أمني وتحقيقي يُستخدم عادةً في الولايات المتحدة لفحص سجل الأفراد، خصوصًا عند التوظيف في مناصب حساسة أو عند منح التصاريح الأمنية.
ويشمل الفحص، السجل الجنائي، العلاقات والارتباطات، والملف المالي، والنشاطات السابقة.
وتصريح روبيو بمثابة تلميح إلى أن القيادة الجديدة في سوريا قد لا تكون متوافقة مع المعايير الأمنية الأميركية الصارمة.
وفي وقت سابق أكد وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو في اتصال هاتفي مع نظيره التركي هاكان فيدان على ضرورة إجراء عملية انتقال شاملة في سوريا بعد الإطاحة بنظام الأسد، مشددا على أهمية منع تحول سوريا إلى مصدر للإرهاب الدولي أو قاعدة للجهات الفاعلة الخبيثة لتحقيق أهدافها.
وفي ذات السياق، تحدث وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو مع العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني، حيث ناقشا التطورات في سوريا وأهمية ضمان عدم تحول سوريا إلى مصدر تهديد لجيرانها أو قاعدة للإرهاب.
وكان قائد الإدارة السورية الجديدة، أحمد الشرع، هنأ في بيان رسمي، الرئيس الأميركي السابع والأربعين، دونالد ترامب، بمناسبة تنصيبه رئيسًا للولايات المتحدة، معتبراً أن انتخابه يمثل شهادة على الثقة الكبيرة التي أولاها الشعب الأمريكي في قيادته.
ولفت الشرع في بيانه إلى أن "تنصيب ترامب هو خطوة هامة نحو استعادة الاستقرار في المنطقة، خاصة في ظل الصراعات التي شهدتها سوريا خلال العقد الماضي". وأضاف: "لقد جلبت هذه الحرب معاناة هائلة لسوريا، لكننا على يقين بأن ترامب سيكون الزعيم الذي سيجلب السلام إلى الشرق الأوسط".
وأكد الشرع أن الإدارة السورية الجديدة تتطلع إلى تحسين العلاقات بين الولايات المتحدة وسوريا على أساس الحوار والتفاهم المشترك، معربًا عن أمله في أن تسهم هذه الفرصة في تشكيل شراكة متينة بين البلدين تعكس تطلعات الشعبين السوري والأميركي.
وأشار الشرع إلى أن الإدارة السورية تأمل في أن تساهم هذه العلاقات في تحسين الوضع في المنطقة والعمل على بناء مستقبل أكثر استقرارًا للشعوب.
وجه بطاركة الروم الأرثوذكس، والسريان الأرثوذكس، والروم الكاثوليك في سوريا، برقية تهنئة مشتركة إلى الرئيس أحمد الشرع، بمناسبة تسلمه مهامه رئيسًا للجمهورية العربية السورية، معبرين عن دعمهم له في قيادة المرحلة الانتقالية وبناء مستقبل سوريا الجديد.
وجاء في البرقية، التي وقعها كل من البطريرك يوحنا العاشر بطريرك أنطاكية وسائر المشرق للروم الأرثوذكس، والبطريرك إغناطيوس أفرام الثاني بطريرك أنطاكية وسائر المشرق للسريان الأرثوذكس، والبطريرك يوسف العبسي بطريرك أنطاكية وسائر المشرق للروم الملكيين الكاثوليك:
“نبارك لكم النصر المبارك وتسلمكم مهامكم كرئيس للجمهورية العربية السورية، رافعين الدعاء إلى الله تعالى أن يسبغ عليكم القوة والحكمة لإدارة هذه المرحلة الانتقالية المفصلية بما فيه خير البلاد والعباد”.
وأكد البطاركة في رسالتهم أن الشعب السوري بجميع أطيافه عانى الكثير خلال السنوات الماضية، لكن المرحلة القادمة تفتح بابًا جديدًا نحو الأمان والحرية والكرامة لكل مواطن سوري.
وأعربوا عن تضامنهم الكامل مع القيادة السورية الجديدة، واستعدادهم للتعاون في سبيل النهوض بالوطن ومؤسساته الدستورية، بما يضمن استقرار سوريا وبناء مستقبلها على أسس قوية.
واختتمت البرقية برسالة دعم وتفاؤل بالمستقبل، جاء فيها:
“نشارككم فرح إشراقة شمس سوريا من جديد، ونضع يدنا بيدكم ومع كافة أبناء الشعب السوري للحفاظ على هذا النصر كإرث ثمين، يسطر صفحات جديدة ناصعة البياض في تاريخ سوريا المجيد. عشتم وعاشت سوريا وأبناؤها حرة أبية”.
المسيحيون في سوريا: التوزع السكاني والمخاوف من التغيرات السياسية
يُقدَّر عدد المسيحيين في سوريا قبل الثورة عام 2011 بحوالي 1.7 – 2.3 مليون نسمة، ما يشكّل نحو 8 – 10% من السكان، إلا أن أعدادهم تراجعت بشكل كبير بسبب الهجرة والنزوح نتيجة الصراع، حيث لا يوجد عدد دقيق ورسمي لهم الان.
ويتوزع المسيحيون في عدة مناطق، حيث تتركز أكبر المجتمعات المسيحية في دمشق، وحلب، وحمص، واللاذقية، إضافة إلى مناطق مثل محافظة الحسكة التي تضم نسبة كبيرة من السريان الآشوريين، وبعض القرى والبلدات مثل معلولا وصيدنايا وصدد ذات الأغلبية المسيحية.
فمع سقوط نظام الأسد، يشعر كثير من المسيحيين بالقلق إزاء مستقبلهم في سوريا الجديدة، لا سيما مع تصاعد دور الفصائل الإسلامية في فترات سابقة من الصراع. ويرتبط هذا القلق بالمخاوف من التهميش، أو فقدان التمثيل السياسي، أو تغير القوانين التي تحكم الحريات الدينية والاجتماعية. ومع ذلك، هناك أيضًا تفاؤل مشوب بالحذر لدى الغالبية بأن المرحلة القادمة قد تضمن شراكة وطنية جديدة تحترم جميع المكونات السورية.
أظهر استطلاع أجري من قبل مجموعة العمل من أجل فلسطينيي سوريا أن 74% من اللاجئين الفلسطينيين في سوريا، يعارضون زيارة وفد السلطة الفلسطينية برئاسة رئيس الوزراء الفلسطيني محمد مصطفى إلى دمشق للقاء رئيس الإدارة السورية الجديدة أحمد الشرع في قصر الشعب.
وأثارت الزيارة جدلًا واسعًا بين اللاجئين الفلسطينيين في سوريا، حيث انقسمت الآراء بين مرحبين ومعارضين واعبتر المعارضون أن وفد السلطة الفلسطينية لا يمثلهم، مما يعكس حالة الاستياء من القيادة الفلسطينية ومواقفها.
في المقابل، أيد 13% من اللاجئين الزيارة واعتبروها خطوة إيجابية قد تحمل بشريات للفلسطينيين في سوريا، بينما رأى 8% أنها زيارة دبلوماسية طبيعية. من جهة أخرى، وصف 3% من المشاركين الزيارة بالسلبية، مشيرين إلى أنها لن تقدم أي تغيير حقيقي للأوضاع.
انتقادات لاذعة للزيارة
عبر العديد من اللاجئين الفلسطينيين عن عدم ثقتهم في القيادة الفلسطينية الحالية، متهمين إياها بالفساد وعدم الكفاءة، واعتبروا أن الزيارة خطوة لا تخدم المصالح الفلسطينية، متسائلين عن جدوى اللقاء في ظل الانقسام الفلسطيني المستمر ومدى تأثيره على الأزمة الداخلية الفلسطينية.
التركيز على الأوضاع المعيشية في المخيمات
ركزت أصوات أخرى على الظروف المعيشية الصعبة التي يعاني منها اللاجئون الفلسطينيون في المخيمات بسوريا، متسائلين عن دور هذه الزيارة في تحسين أوضاعهم. وانتقد البعض توقيت الزيارة، معتبرين أنها محاولة لتطبيع العلاقات مع النظام السوري الذي تتهمه جهات دولية بارتكاب انتهاكات لحقوق الإنسان وجرائم حرب.
تشاؤم بشأن نتائج الزيارة
ولفتت المجموعة إلى أن شعور عام بالإحباط يسود بين اللاجئين الفلسطينيين في سوريا، حيث يرى الكثيرون أن الزيارة لن تحقق أي نتائج ملموسة على الأرض، كما شدد آخرون على أن الأولوية يجب أن تُعطى للقضايا الداخلية الفلسطينية، مثل إنهاء الانقسام السياسي، مكافحة الفساد، وتحسين الظروف المعيشية للاجئين الفلسطينيين في المخيمات، بدلاً من التركيز على الزيارات الدبلوماسية الخارجية.
أعلن جهاز الأمن العام، اليوم، عن إلقاء القبض على العميد عاطف نجيب، رئيس فرع الأمن السياسي السابق في درعا، والمتهم بارتكاب انتهاكات جسيمة بحق الأطفال السوريين في بداية الثورة عام 2011.
وأعلنت قوات الامن العام من القاء القبض على عاطف نجيب داخل مدينة اللاذقية بعد عملية أمنية دقيقة.
وكان عاطف، المشرف والمسؤول بشكل شخصي عن تعذيب واقتلاع أظافر الأطفال في درعا والتي أشعلت فتيل الاحتجاجات الشعبية ضد النظام البائد عام 2011.
وُلد عاطف نجيب عام 1960 في مدينة جبلة الساحلية في محافظة اللاذقية، وفيها درس المراحل الابتدائية والإعدادية والثانوية، وتخرّج في الكلية الحربية في حمص، التي تلقب بـ"أم الكليات العسكرية في سوريا"، وحصل منها على رتبة ملازم، ثم التحق بجهاز المخابرات، وشغل مناصب أمنية عدة، أبرزها رئاسة فرع الأمن السياسي في درعا، وهو ابن خالة الإرهابي الفار بشار الأسد، فوالدته فاطمة مخلوف هي شقيقة أنيسة مخلوف والدة الرئيس السوري المخلوع.
وأكدت مصادر مطلعة أن نجيب، الذي ظل متخفيًا داخل البلاد منذ سقوط النظام، كان قد تواصل مؤخرًا مع بعض المعارف في درعا طالبًا منهم مساعدته في الوصول إلى الناطق باسم المجلس الإسلامي السوري، الشيخ مطيع البطين، بهدف الحصول على شهادة تنفي عنه مسؤوليته عن تعذيب الأطفال.
وقال الشيخ مطيع قبل الأنباء عن إعتقال عاطف إن “الشهداء على هذه الجرائم هم الأطفال الذين أصبحوا اليوم رجالًا، وشهادتهم وشهادة أهلهم هي الفيصل.
وأضاف الشيخ مطيع إن الجرائم التي ارتكبها رؤساء الفروع الأمنية في درعا لا تقتصر على تعذيب الأطفال، بل تتجاوز ذلك إلى مجازر مروعة، من كان يريد شهادة الشهود، فمكان ذلك المحكمة، وعليه أن يسلم نفسه للعدالة أولًا”.
وبحسب المعلومات المتوفرة، فإن الأشخاص الذين تواصل معهم نجيب قاموا بإبلاغ جهاز الأمن العام بتفاصيل اتصالاته، ما مكّن الأجهزة الأمنية من تعقب تحركاته والوصول إلى مخبئه، حيث تم القبض عليه بعد عملية دقيقة، في حين قال نشطاء أن عاطف قام بتسليم نفسه.
ويعد اعتقال نجيب خطوة نحو تحقيق العدالة بحق المسؤولين عن الجرائم المرتكبة بحق الشعب السوري، ويفتح الباب أمام محاسبة كل من تلطخت أيديهم بالدماء وانتهكوا حقوق الأبرياء خلال العقود الماضية.
عاطف نجيب هو ضابط أمن سوري، شغل منصب رئيس فرع الأمن السياسي في محافظة درعا، ويعد أحد المسؤولين الرئيسيين عن اندلاع الثورة السورية عام 2011. ينتمي نجيب إلى عائلة الأسد الحاكمة، حيث إنه ابن خالة بشار الأسد، ما جعله يتمتع بنفوذ واسع في أجهزة الأمن خلال فترة عمله.
في عام 2011، كان نجيب مسؤولًا عن التعامل مع احتجاجات درعا، التي بدأت بعد اعتقال وتعذيب مجموعة من الأطفال بسبب كتابتهم شعارات مناهضة للنظام على جدران مدارسهم، وعند لقائه مع أهالي الأطفال المعتقلين قال لهم "إنسوا أطفالكم وأنجبوا غيرهم، وإذا لم تتمكنوا أحضروا نسائكم كي نقوم بإنجاب غيرهم.
وبحسب شهادات موثقة، تعرض الأطفال المعتقلون إلى تعذيب شديد، شمل اقتلاع الأظافر والانتهاكات الجسدية، مما أدى إلى غضب واسع في المحافظة، وتحول الاحتجاجات إلى انتفاضة شعبية سرعان ما انتشرت في مختلف أنحاء سوريا.
بعد تصاعد الاحتجاجات، أقيل نجيب من منصبه وغادر إلى دمشق، حيث اختفى عن الأنظار مع بدء توسع المظاهرات والعمليات العسكرية، وعقب سقوط نظام الأسد في ديسمبر 2024، وردت تقارير عن محاولته التخفي داخل سوريا، قبل أن يتم اعتقاله اليوم من قبل جهاز الأمن العام.
أثنى لويس بوينو، المتحدث باسم الاتحاد الأوروبي في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، على تصريحات رئيس الجمهورية العربية السورية "أحمد الشرع"، مؤكداً في حديثه لموقع "العربية" أن الاتحاد الأوروبي يرحب بالإعلان الذي قدمه الشرع.
وأوضح بوينو أن تصريحات "الشرع" حول مراحل الانتقال السياسي في سوريا تعتبر خطوة هامة، وأنها تخدم تطلعات الشعب السوري في تحقيق الاستقرار والتحول الديمقراطي.
الاتحاد الأوروبي يناقش الانتقال السياسي مع سوريا
وكشف بوينو عن أن وفداً دبلوماسياً أوروبياً قد التقى بوزير الخارجية السوري أسعد الشيباني في دمشق، حيث تم بحث عدة قضايا هامة تشمل الانتقال السياسي، الأمن، ورفع العقوبات المفروضة على سوريا. وأكد بوينو أن الاتحاد الأوروبي يواصل العمل لتعزيز التواجد الأوروبي في دمشق ودعم الجهود السورية نحو التحول السياسي والاستقرار.
"الاتحاد الأوروبي" يؤكد أن رفع العقوبات عن سوريا ليس على جدول أعماله حالياً
قالت "كايا كالاس" مسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي، إن التكتل لن يرفع العقوبات المفروضة على سوريا في الوقت الحاليـ لافتة إلى أن اجتماع وزراء خارجية التكتل المقرر عقده في بروكسل، اليوم الاثنين، والذي يتضمن سوريا على جدول أعماله، لن يتناول مسألة زيادة الدعم المالي المقدم لدمشق بخلاف ما قدمه الاتحاد الأوروبي بالفعل عبر وكالات الأمم المتحدة.
وأوضحت كالاس في مقابلة مع وكالة "رويترز" أن "إحدى القضايا المطروحة هي ما إذا كنا نستطيع في المستقبل النظر في تعديل نظام العقوبات، لكن هذا الأمر ليس ضمن جدول الأعمال في الوقت الراهن، وإنما قد يصبح محط نقاش في وقت لاحق عندما نرى خطوات إيجابية".
وكانت رحّبت معظم حكومات الاتحاد الأوروبي بسقوط نظام الأسد، لكنها تدرس مدى قدرتها على العمل مع مقاتلي المعارضة، بما في ذلك "هيئة تحرير الشام"، ويقول دبلوماسيون غربيون إنهم يريدون أن يروا نهج الجماعات في التعامل مع عملية الانتقال قبل اتخاذ قرارات كبيرة، مثل رفع العقوبات ورفع "هيئة تحرير الشام" من قوائم الإرهاب، وصولاً إلى تقديم الدعم المالي لسوريا في نهاية المطاف.
"أحمد الشرع" رئيساً للجمهورية العربية السورية
وأعلن الناطق باسم إدارة العمليات العسكرية "العقيد حسن عبدالغني"، تولية السيد القائد "أحمد الشرع" رئاسة البلاد في المرحلة الانتقالية، ويقوم بمهام رئاسة الجمهورية العربية السورية، ويمثلها في المحافل الدولية
وأعلن الناطق، تفويض السيد رئيس الجمهورية بتشكيل مجلس تشريعي مؤقت للمرحلة الانتقائية، يتولى مهامه إلى حين إقرار دستور دائم للبلاد ودخوله حيز التنفيذي، عقب إعلانه انتصار الثورة السورية العظيمة، واعتبار الثامن من كانون الأول من كل عام يوماً وطنياً.
في خطابه الأول بعد توليه الرئاسة .."الشرع" يُحدد خطوات المرحلة الانتقالية في سوريا الجديدة
وجه الرئيس السوري "أحمد الشرع" كلمة إلى أبناء الشعب السوري، في أول خطاب له بعد توليه رئاسة الجمهورية السورية في المرحلة الانتقالية، مؤكدًا أن سوريا بدأت مرحلة جديدة بعد "تحررها" من نظام الأسد.
تحرير سوريا وذكرى التضحيات
بدأ الشرع خطابه بالحديث عن "تحرر سوريا" بعد سنوات من المعاناة، مؤكدًا أن هذا التحرير تحقق بفضل تضحيات الشعب السوري في الداخل والخارج، من الشهداء والمعتقلين، وجميع السوريين الذين قدموا أرواحهم ودماءهم من أجل الحرية والكرامة. كما أشار إلى أن هذا النصر انطلق من هتافات المتظاهرين في الساحات، ومن التضحيات الجسيمة التي قدمها الثوار، حتى في وجه القصف الصاروخي والبراميل المتفجرة والمواد الكيميائية.
المرحلة الانتقالية والتوجهات المستقبلية
أكد الشرع أن المرحلة الحالية هي مرحلة انتقالية، تتطلب مشاركة حقيقية من جميع السوريين، سواء في الداخل أو الخارج، لبناء مستقبل سوريا، وأوضح أن الهدف هو تشكيل حكومة انتقالية شاملة تعكس تنوع المجتمع السوري، بما في ذلك الرجال والنساء والشباب، لتولي مسؤوليات بناء المؤسسات السورية الجديدة.
وأشار الشرع إلى أنه بناءً على تفويضه الحالي، سيعلن عن تشكيل لجنة تحضيرية لاختيار مجلس تشريعي مصغر يشغل الفراغ الناتج عن حل مجلس الشعب. كما سيعلن عن لجنة تحضيرية لمؤتمر الحوار الوطني، والذي سيكون منصة للمناقشات والمشاورات بين مختلف الأطراف السياسية لتحديد برنامج سوريا السياسي المستقبلي.
التوجهات الأساسية للحكومة الجديدة
في خطابه، ركز الشرع على بعض الأولويات الأساسية التي ستعمل الحكومة الانتقالية على تحقيقها، ومنها: تحقيق السلم الأهلي عبر ملاحقة المجرمين الذين ارتكبوا جرائم ضد الشعب السوري، سواء كانوا في الداخل أو الخارج.
وأكد "الشرع" على وحدة الأراضي السورية، وعلى وحدة سوريا والسيادة الوطنية، والعمل على فرض سيادة الدولة على كامل أراضيها، وتحدث عن إعادة مؤسسات حكومية قوية تستند إلى الكفاءة والعدل، من دون فساد أو محسوبيات.
وشدد على أهمية تعزيز الاقتصاد السوري ليعود لسوريا مكانتها الإقليمية والدولية، وتحقيق فرص عمل حقيقية لتحسين الظروف المعيشية للمواطنين، والتركيز على إعادة توفير الخدمات المفقودة في العديد من المناطق.
دعوة للمشاركة في بناء وطن جديد
اختتم الرئيس الشرع خطابه بالدعوة إلى جميع السوريين للمشاركة في بناء وطن جديد يقوم على العدل والشورى، مع التأكيد على أن سوريا ستصبح "منارة للعلم والتقدم" و"ملاذًا للسلام والازدهار". وقال: "سنصنع سوريا المستقبل، سوريا الرخاء والتقدم والازدهار".
التطلع إلى سوريا جديدة
كان خطاب الشرع بمثابة دعوة للوحدة والتعاون بين جميع الأطياف السورية، مع التأكيد على أن بناء سوريا جديدة يستدعي مشاركة الجميع في تحقيق السلام والعدالة، سعيًا إلى دولة مزدهرة وآمنة.
حل الفصائل ومجلس الشعب وحزب البعث وإلغاء الدستور
كما أعلن المتحدث، حل جميع الفصائل العسكرية، والأجسام الثورية السياسية والمدنية، وتدمج في مؤسسات الدولة، إلغاء العمل بدستور سنة 2012، وإيقاف العمل بجميع القوانين الاستثنائية، وحل مجلس الشعب المشكل في زمن النظام البائد، واللجان المنبثقة عنه، وحل جيش النظام البائد، وإعادة بناء الجيش السوري على أسس وطنية.
وأكد حل جميع الأجهزة الأمنية التابعة للنظام البائد، بفروعها وتسمياتها المختلفة، وجميع الميليشيات التي أنشأها، وتشكيل مؤسسة أمنية جديدة تحفظ أمن المواطنين، وحل حزب البعث العربي الاشتراكي، وأحزاب الجبهة الوطنية التقدمية، وما يتبع لها من منظمات ومؤسسات ولجان، ويحظر إعادة تشكيلها تحت أي اسم آخر، على أن تعود جميع أصولها إلى الدولة السورية.
انعقاد مؤتمر النصر في 29 كانون الثاني 2025
وكانت عقدت الإدارة السورية الجديدة، بمشاركة واسعة لجميع المكونات العسكرية والمدنية، في دمشق، اليوم الأربعاء 29 كانون الثاني 2025، "مؤتمر النصر"، لتعلن فيه خطوات بناء سوريا الجديدة، عقب سقوط نظام الأسد الذي حكم سوريا بالحديد والنار لمدة 54 عاماً، ليكون هذا المؤتمر، بمثابة إعلان انتهاء حقبة الاستبداد، والبدء بحقبة جديدة في سوريا الحرة.
تشهد مدينة حماة اليوم الجمعة 31 كانون الثاني، أولى فعاليات إحياء الذكرى الثالثة والأربعين لمجزرة حماة، تتضمن فعاليات وطنية وإنسانية واسعة، تهدف إلى تسليط الضوء على واحدة من أكثر الجرائم دموية في تاريخ سوريا، والتي راح ضحيتها الآلاف من الأبرياء في شباط ١٩٨٢، وهي الفعالية الأولى التي ستشهدها مدينة "أم الفداء" منذ تاريخ المجزرة.
وشهدت ساحة العاصي وسط المدينة تجمع عشرات الآلاف من المدنيين من أبناء محافظة حماة والمحافظات الأخرى، ابتهاجاً بانتصار الثورة السورية وإسقاط نظام الأسد، وبدء أولى فعاليات إحياء مجازر الثمانينات التي لاتزال تحفر في ذاكرة أبناء المدينة.
ومن المتوقع أن تتضمن الفعاليات، خلال الأيام القادمة، "جلسات نقاشية"، بمشاركة الناجين وأسر الضحايا لعرض شهاداتهم حول المجزرة وآثارها، إضافة إلى "معارض توثيقية" تضم صورًا ووثائق وأعمالًا فنية تُبرز حجم المأساة الإنسانية التي شهدتها حماة، و"وقفة تضامنية" في مواقع رمزية بالمدينة لإحياء ذكرى الضحايا، مع إشعال الشموع والوقوف دقيقة صمت.
كما تتضمن "فعاليات رياضية"، من خلال تنظيم "بطولة حماة 82" الرمزية لإحياء ذكرى المجزرة بروح التضامن والعدالة، و"أنشطة ثقافية" أمسيات فنية وموسيقية تحمل رسائل تضامن وصمود، و"توعية مجتمعية" عبر تنظيم ورش عمل وجلسات توعية تستهدف الأجيال الشابة حول أهمية العدالة والمحاسبة.
في الذكرى الـ 43 لمجزرة حمـاة 1982.. مدينة حُطمت وجريمة لن تُمحى من الذاكرة
عقب سقوط نظام الأسد، وبعد عقود طويلة من معاناة مريرة عاشتها مدينة حماة، يتطلع أبناؤها إلى محاسبة مجرمي الحرب الذين ارتكبوا انتهاكات واسعة خلال السنوات الماضية، وخاصة أولئك الذين تورطوا في مجزرة حماة 1982، وكذلك الانتهاكات الجسيمة التي شهدتها المدينة خلال سنين الثورة السورية منذ عام 2011.
شباط ذكرى مؤلمة
يحمل شهر شباط 1982، في طياته ذكرى أليمة لدى الشعب السوري عامة وأهالي مدينة حماة خاصة، رغم مرور 43 عاماً على ارتكاب النظام السوري بقيادة حافظ الأسد وشقيقه رفعت، واحدة من أبشع المذابح في تاريخ سوريا الحديث، تسببت في مقتل عشرات الآلاف من المدنيين ودمار مدينة بأكملها، تاركة وراءها جرحًا عميقًا في ذاكرة الشعب السوري، ورغم مرور عدة عقود، تبقى المجزرة تحفر في ذاكرة السوريين الطامحين لمحاسبة المجرمين عقب سقوط نظام الأسد وإنهاء حكم الديكتاتور.
مجزرة حماة 1982.. تاريخ لن ينسى
مجزرة حمــاة حدثت في شهر فبراير/شباط 1982 في مدينة حماة السورية، واستمرت 27 يوما، نفذتها عدة فرق وألوية من الجيش السوري، وعلى رأسها قوات سرايا الدفاع، وأدت وفقا لبيانات حقوقية منها "الشبكة السورية لحقوق الإنسان" إلى مقتل ما بين 30 إلى 40 ألف مدني، إضافة إلى نحو 17 ألف مفقود، في وقت استطاعت الشبكة توثيق قرابة 3762 مختفٍ قسرياً، إضافة إلى بيانات لقرابة 7984 مدنياً تم قتلهم، إذ لم تحظ المجزرة بأي تغطية أو توثيق أو حتى تفاعل دولي حينها.
سردية المجزرة: هيمنة حزب البعث على الحكم وتوليه السلطة
لم تكن أحداث مجزرة حماة عام 1982 مفصولة عن العقدين الأخيرين اللذين سبقا المجزرة وما حدث فيهما في سوريا عامة ومدينة حماة خاصة. شهدت تلك الفترة صدامات ومواجهات وقتل واعتقالات شملت الأحزاب المعارضة والمسلحين، وقد بدأت بعد انقلاب حزب البعث على الحكم وتوليه السلطة.
أحداث "جامع السلطان" 1964: أولى المواجهات
من أبرز الأحداث التي سبقت المجزرة كانت "أحداث جامع السلطان" في عام 1964، حين نشأت هبة شعبية في مدينة حماة وعدة مدن سوريا أخرى اعتراضًا على حكم البعث، التي قابلها الجيش السوري بتدخل عسكري ومحاصرة للجامع وقصف مئذنته، مما أسفر عن مقتل العديد من المدنيين.
انقلاب حافظ الأسد وبدء التصفيات
مع انقلاب حافظ الأسد على الحكم في 1970، بدأت حملة اعتقالات في صفوف المعارضين، وأقر دستورًا جديدًا عام 1973 منح فيه نفسه صلاحيات واسعة، مما أثار موجة من الاحتجاجات في حماة عرفت بـ"أحداث الدستور"، حيث تم اعتقال العديد من المعارضين. كان عدد من هؤلاء دعا إلى الجهاد ضد حزب البعث، مما زاد من الملاحقات والاعتقالات.
تأسيس "الطليعة المقاتلة" وتصاعد التوترات
بعد اغتيال عدد من أبناء المدينة، بدأت "الطليعة المقاتلة"، وهي مجموعة مسلحة من المعارضة، بتصعيد عملياتها ضد النظام، ففي 16 يونيو 1979، هاجمت هذه المجموعة مدرسة المدفعية في حلب وقتلت العديد من الضباط العلويين، مما وجهت فيه الدولة الاتهام إلى جماعة الإخوان المسلمين. تلت هذه الحادثة محاولة فاشلة لاغتيال حافظ الأسد في 26 يونيو 1980، والتي أضيفت إلى سلسلة التصعيدات التي قوبلت بالانتقام من سجن تدمر حيث قُتل أكثر من ألف سجين.
صدور مرسوم تشريعي 49 لعام 1980
في 7 يوليو 1980، صدر مرسوم تشريعي رقم 49، الذي حظر الانتماء لجماعة الإخوان المسلمين، وأباح ارتكاب المجازر تحت ذريعة القضاء على التنظيم، وكانت مدينة حماة تضم عددًا كبيرًا من منتسبي الإخوان، مما جعلها نقطة مواجهة مع النظام، كما شهدت المدينة عدة انتفاضات رفضًا لحكم البعث، مما دفع حافظ الأسد لاتخاذ قرار اجتياح المدينة.
الاستعداد للمجزرة وحشد القوات
في نهاية يناير 1982، حاصرت قوات من أجهزة الأمن والجيش مدينة حماة، وتمركزت بعض القوات في عدة مناطق داخل المدينة، وتوزعت القوات المشاركة في المجزرة بين:
(قوات سرايا الدفاع: 12 ألف جندي بقيادة رفعت الأسد - قوات الوحدات الخاصة: بالأسلحة الثقيلة والدبابات والمدفعية - الكتائب الحزبية: تتكون من مدنيين دربوا على حمل السلاح - قوات فرع الأمن العسكري - - قوات أمن الدولة - الأمن السياسي).
بداية المجزرة: حصار المدينة وبدء القصف العشوائي
في 2 فبراير 1982، بدأت القوات باقتحام المدينة، وأدت الاشتباكات الأولية إلى انسحاب القوات المقتحمة وبدأت بعد ذلك عمليات القصف العشوائي باستخدام المدافع والرشاشات والطائرات، مما دمر الأحياء السكنية بشكل كبير، وطال القصف المساجد والعيادات وأماكن العبادة، مما أسفر عن مقتل وجرح أعداد كبيرة من المدنيين.
الاقتحام البري .. شباط 1982 تاريخ لن ينسى
في 4 فبراير 1982، بدأت المرحلة الثانية من المجزرة باقتحام بري نفذته دبابات اللواء 47. دارت معركة عنيفة في الأحياء السكنية، وقامت القوات بنصب راجمات صواريخ وقاذفات هاون، مما أدى إلى تدمير العديد من المنازل في المدينة.
نتائج المجزرة: قتلى بالآلاف يوم دمرت قوات الأسد مدينة بأكملها
خلفت مجزرة حماة التي استمرت 27 يوما نحو 30 إلى 40 ألف قتيل مدني، وتوثق بيانات الشبكة السورية لحقوق الإنسان مقتل 7984 منهم، كما تم تقدير المفقودين بحوالي 17 ألف شخص. كما دمر القصف العديد من الأحياء في المدينة بنسبة متفاوتة، حيث سويت بالأرض بعض المناطق بشكل كامل مثل الكيلانية والعصيدة الشمالية، ولايمكن وصف هول المجزرة التي أغفلها الإعلام الرسمي والعربي والدولي، كما لم تحظ المجزرة التي كانت أبشع إبادة في تاريح سوريا القديم والمعاصر بأي موقف دولي.
ما بعد المجزرة: سيطرة الخوف والرعب
بعد المجزرة، سيطر الخوف على أهالي المدينة، واعتقلت القوات العديد من المدنيين على نحو عشوائي، وتعرضوا للاعتقال والتعذيب، بينما تم نقل المعتقلين إلى السجون بعد تفتيش المنازل. استمر الحصار والخوف من المداهمات حتى منتصف مارس 1982، وأُجبر الأهالي، عقب تتالي المجازر، على الخروج بمسيرة تأييد لحافظ الأسد، في شارع “8 من آذار” وسط المدينة المنكوبة، وهتفوا فيها “بالروح بالدم نفديك يا حافظ”.
لطالما رفضت سلطات نظام الأسد، الإفصاح عن أي معلومات تتعلق بمصير الآلاف الذين اقتادتهم قوات الجيش في حماة إلى معسكرات اعتقال جماعية، أنشئت خصوصا، ولم يعثر لهم على أثر، ومصير آخرين أيضا تم اعتقالهم في العقد الأخير من حكم الأسد الابن.
مجزرة حماة: سياسة حكم بالخوف
في مقال نشرته صحيفة "The New York Times"، استخدم الصحفي "توماس فريدمان" مصطلح "قواعد حماة" لوصف العمل الإجرامي الذي نفذته قوات نظام حافظ الأسد بقيادة شقيقه رفعت ووزير دفاعه مصطفى طلاس، والذي استمر 27 يومًا. فريدمان فسر المصطلح على أنه السياسة التي اتبعها حافظ الأسد تجاه شعبه: "احكم بالخوف، ازرع الخوف في قلوب شعبك من خلال السماح لهم بمعرفة أنك لا تتبع أي قواعد على الإطلاق".
حماة وثورة 2011 ضد الأسد الابن
عاشت مدينة حماة مابين عامي 1982 و 2011 واقعاً مظلماً ومنع أبنائها المهجرين خارج سوريا من العودة، في حين حرم ذويهم وأقربائهم من الوظائف وبقيت المدينة تعاني الجور والتضييق من أجهزة النظام الأمنية، لتنتفض حماة عن بكرة أبيها وتلعب دورًا محوريًا في الثورة السورية عام 2011، حيث كانت واحدة من أبرز المدن التي شهدت مظاهرات ضخمة ضد بشار الأسد.
في بداية الثورة عام 2011، كانت حماة من أوائل المدن التي انطلقت فيها المظاهرات الشعبية ضد نظام الأسد، وشهدت ساحاتها حماة حشودًا ضخمة من المواطنين الذين انتفضوا لإسقاط النظام، وتميزت بأهازيج تظاهراتها التي أزعجت النظام وسعى للانتقام من أهاليها.
رد فعل النظام وإعادة القمع
حاول النظام السوري قمع المظاهرات الشعبية في حماة بعنف، حيث تم استخدام القوة المفرطة في مواجهة الاحتجاجات، ورغم الحملة الأمنية العنيفة، استمرت المظاهرات في حماة ورفض السكان التراجع عن مطالبهم، قبل أن تواجه المدينة حملات أمنية وعسكرية، أفضت لخروج الثوار منها وخضعت لسيطرة النظام من جديد.
أهمية حماة في الحراك الثوري
كانت حماة رمزًا للثورة ضد الاستبداد، حيث حملت المدينة إرثًا طويلًا من مقاومة الظلم، وقد عبر سكانها عن رفضهم لحكم الأسد، والشعار الشهير "إسقاط النظام" كان يتردد في شوارع حماة، مما جعلها في مرمى استهداف القوات النظامية، وقدمت حماة مثالاً على التنوع في الحراك الثوري السوري، حيث شملت المظاهرات مختلف الفئات الاجتماعية والسياسية، لتكون أحد معاقل الثورة السورية في عام 2011، وكان لها دور كبير في تحفيز الحركة الشعبية ضد النظام، مما جعلها هدفًا رئيسيًا للقمع العسكري، لكن أيضًا جعلها رمزًا للثوار في صراعهم من أجل الحرية والعدالة.
مدينة حماة محررة حرة من دنس الأسد وأزلامه
تمكن مقاتلو "إدارة العمليات العسكرية" يوم الخميس 5 كانون الأول 2024، من تحرير كامل مدينة حماة، بعد معارك عنيفة خاضها المقاتلون على أحياء المدينة انطلاقاً من جهة الشرق، لتقابلها القوات المهاجمة من محوري زين العابدين وقمحانة والمحور الشمالي الغربي، لتكون مدينة حماة، حرة محررة من دنس النظام لأول مرة منذ عشرات السنين، ضمن عملية "ردع العدوان" التي خلصت أهالي حماة من بطش وجور وظلم عائلة الأسد امتدت لعقود طويلة من التضييق والتهميش والاستبداد.
فتح التحقيق الجنائي في مجزرة حماة
في خطوة هامة، فتح مكتب المدعي العام السويسري تحقيقًا جنائيًا في الجرائم التي ارتكبتها قوات الجيش السوري وسرايا الدفاع في مدينة حماة عام 1982، بناءً على شكوى قدمتها منظمة "ترايل إنترناشيونال" السويسرية، سعياً لتحقيق العدالة لآلاف الضحايا المدنيين، واستند التحقيق الجنائي إلى مبدأ الولاية القضائية العالمية الذي يتيح للدول التحقيق مع المشتبه بهم ومحاكمتهم بغض النظر عن مكان ارتكاب الجريمة أو جنسية الضحايا.
سوريا على قمة مؤشر الإفلات من العقاب
على مر العقود، احتلت سوريا المراتب الأولى في المؤشر العالمي للإفلات من العقاب، باعتبارها الدولة التي تسجل أسوأ حالات الإفلات من المحاسبة على مستوى العالم، وتشمل الجرائم التي أفلت مرتكبوها من العقاب، في إطار نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية، جرائم ضد الإنسانية مثل القتل العمد، الإبادة الجماعية، الاعتقال التعسفي، التعذيب، الاغتصاب، والاضطهاد لأسباب سياسية أو دينية أو ثقافية.
مذكرة توقيف دولية لرفعت الأسد
في أغسطس 2023، أصدرت المحكمة الجنائية الفيدرالية السويسرية مذكرة توقيف دولية بحق رفعت الأسد، بتهم ارتكاب جرائم حرب في مدينة حماة عام 1982، تستند المذكرة إلى مبدأ الولاية القضائية العالمية، الذي يسمح للدول بمحاكمة الجرائم الدولية بغض النظر عن مكان وقوعها أو جنسية المتهمين.
جاءت الخطوة بعد تحقيقات استمرت سنوات، حيث قدمت منظمة "ترايل إنترناشونال" شكوى ضد رفعت الأسد في 2013، متهمة إياه بارتكاب جرائم حرب في حماة، وعلى الرغم من صدور المذكرة، إلا أن تنفيذها واجه صعوبات بعد فرار رفعت الأسد إلى سوريا في 2021 بعد 37 عامًا من المنفى، ومن ثم إلى جهة مجهولة عقب سقوط النظام، لكن المذكرة تمثل خطوة مهمة نحو تحقيق العدالة لضحايا مجزرة حماة، وتبعث برسالة قوية مفادها أن المسؤولين عن الجرائم ضد الإنسانية لن يفلتوا من العقاب.
آمال بمحاسبة المجرمين عقب سقوط نظام الأسد
ويطالب أهالي حماة بمحاسبة جميع المسؤولين عن الجرائم التي ارتكبت بحق المدنيين في مدينتهم، بما في ذلك رفعت الأسد وأركان نظامه الذين أمروا أو شاركوا في عمليات القتل الجماعي والتعذيب، وتتطلع المدينة إلى إجراء محاكمات عادلة للمسؤولين عن المجازر التي ارتكبت بحق المدنيين، ويأملون في أن يتم تحويل هؤلاء المجرمين إلى العدالة الدولية، خاصة محكمة الجنايات الدولية، بعد أن رفض النظام تقديمهم للمحاكمة داخل سوريا.
ويعتبر أهالي حماة أن قضية الإفلات من العقاب في سوريا كانت من أبرز القضايا التي عززت الاستبداد وعنف النظام، ويطالبون بوضع آلية قانونية لحظر هذا الإفلات وتقديم كافة مرتكبي الجرائم للمحاكمة، كما يطالبون بالتحقيق في الجرائم المرتكبة في سنوات الحرب الطويلة، بدءًا من مجزرة حماة 1982، وصولًا إلى مجزرة 2011 التي ارتكبتها قوات النظام ضد المتظاهرين في المدينة.