المأساة تتكرر.. مقابر جماعية في السويداء والأهالي أمام مصير مجهول
المأساة تتكرر.. مقابر جماعية في السويداء والأهالي أمام مصير مجهول
● تقارير إنسانية ٢٥ يوليو ٢٠٢٥

المأساة تتكرر.. مقابر جماعية في السويداء والأهالي أمام مصير مجهول

لا يزال شبح المقابر الجماعية يلاحق السوريين بعد سقوط النظام البائد الذي ابتكر فكرتها ونفذها خلال حرب استمرت 14 عاماً. فأخفى من خلالها آلاف الجثث عن ذويها، متستراً على جرائمه، وممارساً انتقامه من معارضيه حتى بعد مماتهم. ليترك عوائلهم في انتظار قاتل، لا تعرف مصائر أبنائها المفقودين، فتعيش على ألم الفقدان والغموض.

بعد تحرير عدة مناطق في سوريا، كشف النقاب عن مقابر جماعية في إدلب وحمص وحماة ودير الزور وغيرها من المناطق التي شهدت صراعات دامية. ورغم سقوط نظام آل الأسد، لم تتعافَ سوريا من هذا الجرح العميق. مع أحداث السويداء، عاد كابوس المقابر الجماعية ليتصدر المشهد، مفتتحاً جرحاً غائراً في القلوب يصعب اندماله.

شهدت مدينة السويداء، جنوب سوريا، اشتباكات مسلحة أودت بحياة العشرات، حيث تراكمت الجثث في المشفى الوطني وسط ظروف كارثية. ووفقاً لمصادر محلية، دُفنت هذه الجثث في مقابر جماعية دون توثيق، مما أثار غضباً عارماً على منصات التواصل الاجتماعي وفي الواقع. وتشير تقارير حقوقية إلى أن هذه الطريقة في الدفن تعيق العدالة بإخفاء معالم الجرائم، مفاقمةً جرح السوريين الغائر.

على الصعيد الإنساني، تتكرر مأساة المقابر الجماعية التي عانى منها السوريون في ظل النظام البائد. خلال الأحداث الأخيرة في السويداء، فُقد عشرات الشباب من قوات الأمن العام والمدنيين، وبقيت عوائلهم حتى الآن في غياب تام للمعلومات عن مصيرهم. 

ودفن الموتى في مقابر جماعية، خاصة دون توثيق أو إشراك العائلات، كما حدث في السويداء، يترك آثاراً نفسية واجتماعية مدمرة على أهالي الضحايا وذويهم. أبرزها: 

عدم معرفة مصير الأحباء (حياة أو موت)، يجعلهم يعيشون على قيد الانتظار القاتل ما بين الأمل واليأس، هذا الغموض يؤدي إلى اضطرابات نفسية مثل القلق المزمن، الاكتئاب، أو اضطراب ما بعد الصدمة (PTSD).

إضافة إلى ما سبق، حُرمت العائلات في السويداء من دفن أبنائها وفق العادات والتقاليد، ومن إقامة جنازات تليق بهم أو وداعهم الأخير. هذا الحرمان يُعد انتهاكاً للقيم الاجتماعية والثقافية، مما يعمق شعورهم بالظلم. كما لم يتسنَ للأهالي دفن أحبائهم في قبور خاصة يمكن زيارتها.

كما ينعكس الأثر السلبي على العائلات، التي قد تنشغل بالبحث عن مصير المفقود، مما يؤدي إلى إهمال الجوانب الاقتصادية أو الاجتماعية، خاصة في ظل الأوضاع المتردية في سوريا، وذلك ما حصل مع عشرات الأسر خلال الحرب المندلعة في البلاد.

خصصت وزارة الداخلية السورية حسابات على واتساب وتليغرام للإبلاغ عن المفقودين خلال أحداث السويداء في يوليو 2025، داعيةً الأهالي إلى تقديم تفاصيل دقيقة عن المفقودين، تشمل الصورة الشخصية، بيانات الهوية، وآخر مكان تواجدوا فيه. ومع ذلك، أعرب العديد من الأهالي عن قلقهم من إطالة عملية البحث أو عدم التوصل إلى نتائج، كما حدث في مآسي سابقة.

يقترح ناشطون وحقوقيون إجراء فحوصات الحمض النووي لتوثيق الجثث وإعادة دفنها في قبور فردية، لتمكين العائلات من وداع أحبائهم وإتمام طقوس الحداد. كما يدعون إلى تقديم دعم نفسي للعائلات من خلال منظمات محلية ودولية لتخفيف آثار الخسارة الغامضة. وفي ظل تكرار مأساة المقابر الجماعية في السويداء، يبقى الأمل معلقاً على تحقيقات دولية شفافة تكشف مصير المفقودين، وتضمن العدالة للضحايا.

الكاتب: فريق العمل
مشاركة: 

اقرأ أيضاً:

ـــــــ ــ