اغتيال سلامي وباقري: ضربة استراتيجية تهز بنية القيادة الإيرانية وتفاقم أزمة النظام
مثّل اغتيال قائد الحرس الثوري الإيراني حسين سلامي ورئيس هيئة الأركان العامة محمد باقري تطوراً نوعياً غير مسبوق في المواجهة بين إسرائيل وإيران، موجهاً ضربة موجعة لبنية القيادة العليا في الحرس الثوري، الذي يشكل العمود الفقري للنظام الإيراني في الداخل والخارج.
وتكمن خطورة هذه الضربة في أنها استهدفت اثنين من أبرز العقول الأمنية والعسكرية الإيرانية، ما يخلق فراغاً قيادياً يصعب على النظام ملؤه سريعاً، لا سيما في ظل بيئة إقليمية ملتهبة وتوازنات داخلية دقيقة.
يُعد الحرس الثوري، وتحديداً "فيلق القدس"، الذراع الإقليمية الأكثر فاعلية للنظام الإيراني في تنفيذ أجنداته الخارجية، من سوريا ولبنان إلى اليمن والعراق. ويُتوقع أن يؤدي فقدان سلامي وباقري إلى إرباك واضح في التنسيق العملياتي لتلك الشبكات، وخاصة بعد تراجع نفوذ إيران في بعض الساحات بفعل الضربات المتتالية والضغوط العسكرية والسياسية.
داخلياً، يشكل غياب شخصيتين بوزن سلامي وباقري لحظة حرجة بالنسبة للمرشد علي خامنئي، الذي يواجه بالفعل تحديات اقتصادية غير مسبوقة واحتقاناً سياسياً يتصاعد مع اقتراب الانتخابات الرئاسية. وفي ظل ذلك، قد يفتح الاغتيال الباب أمام صراع داخلي محتمل بين أجنحة الحرس الثوري، إذ تختلف رؤاها حول إدارة التوتر مع الغرب، ومستقبل الاتفاق النووي، وتعامل إيران مع الضربات الإسرائيلية المتصاعدة.
في الشارع الإيراني، من المرجح أن تسهم هذه التطورات في تغذية مشاعر الغضب والإحباط، لا سيما في ظل تردي الأوضاع المعيشية وانهيار الثقة بالسلطة. إذ يرى قطاع واسع من الإيرانيين أن السياسات الخارجية المتشددة، وخصوصاً عسكرة السياسة الإقليمية، هي السبب الرئيسي في الحصار والعزلة التي تعيشها البلاد، ما يجعل هذه العملية محفزاً إضافياً لحراك شعبي محتمل.
رغم جسامة الضربة، لا يبدو أن النظام الإيراني سيتجه نحو مواجهة شاملة ومباشرة مع إسرائيل، خاصة في ظل تقليص نفوذه الإقليمي وخسارة العديد من أدواته العسكرية، خصوصاً في سوريا ولبنان. ومع ذلك، يُتوقع أن يسعى إلى ردود محسوبة، على الأغلب عبر حلفائه، بغية الحفاظ على هيبة الردع دون التورط في حرب قد تهدد استقراره الداخلي.
في المحصلة، يكشف اغتيال سلامي وباقري هشاشة منظومة القيادة الإيرانية أمام الضربات الاستخباراتية الدقيقة، ويفرض على النظام اختباراً صعباً في قدرته على احتواء التداعيات السياسية والأمنية لهذا الحدث المفصلي. وإذا لم يتمكن من ترميم التصدعات سريعاً، فإن المرحلة المقبلة قد تشهد اضطراباً داخلياً أعمق، وربما تحولات حقيقية في توازن القوى داخل بنية السلطة.
وعين المرشد الإيراني الأعلى علي خامنئي محمد باكبور قائدا عاما للحرس الثوري الإيراني خلفا لحسين سلامي الذي قتل خلال الهجمات الإسرائيلية، وعبد الرحيم موسوي خلفا لـ باقري، كما عين المرشد "علي شادماني" قائدا لمقر خاتم الأنبياء العسكري خلفا لـ غلام علي رشيد الذي قتل في الهجمات نفسها.