وجّه الإعلامي اللبناني "طوني خليفة"، رسالة مباشرة إلى الرئيس السوري "الشرع" على الهواء، حملت في مضمونها نداءً واضحاً وصريحاً بضرورة اغتنام اللحظة التاريخية لتحقيق حلم السوريين الذي طال انتظاره.
في رسالته، قال خليفة: "في سوريا اليوم، انتقلنا من مرحلة الخوف من الدولة إلى مرحلة الخوف على الدولة. السوريون تواقون إلى دولة يخافون عليها لا منها، يخافون على رئيسها، لا من رئيسها، على جيشها لا من جيشها، على أمنها لا من أمنها، على قانونها وعدالتها لا من قانونها وقضاتها".
وأكد أن هذه اللحظة تمثل فرصة نادرة بعد سنوات طويلة من التهميش والعقوبات، وبعد عودة سوريا إلى الحضن العربي والدولي، داعياً إلى احتضان داخلي شامل من جميع المكوّنات الوطنية، لأن ضياع هذه الفرصة يعني انتصار الكابوس من جديد.
حديث طوني خليفة لامس واقعاً جديداً يعيشه الشعب السوري؛ إذ تغيّر شعور الناس تجاه الدولة، فبعد أن كان الخوف منها يسيطر على حياتهم لعقود، باتوا اليوم يخافون عليها، يتمسكون بها، ويحرصون على مستقبلها. هناك ولاء جديد تشكّل، مبني على الأمل، لا الرعب.
هذا التحوّل في العلاقة بين الشعب والدولة لا يمكن فصله عن الحقبة السوداء التي عاشها السوريون في ظل نظام المجرم بشار الأسد ووالده حافظ. لعقود، زرع النظام الخوف في كل بيت، وكانت المخابرات تمارس الاعتقال والقمع دون رادع. كلمة واحدة قد تقود إلى السجن أو حتى الإعدام. الشعب السوري لم يكن يثق بدولته، بل كان يكرهها، ويكره من يقودها، نتيجة الظلم والفساد والتسلط.
لكن اليوم، ذلك الكره تلاشى مع الزمن، وأصبح جزءاً من الماضي. هناك وعي جديد وواقع مختلف. السوريون، بعد ما ذاقوه من ويلات الحرب والانقسام، باتوا يتطلعون إلى دولة عادلة، حاضنة، قوية بقانونها لا ببطشها. الدولة التي حلموا بها بدأت تتشكل في الوعي العام، وهي اليوم بحاجة إلى قيادة جادة لتحقيق هذا الحلم فعلياً على الأرض.
كان الخوف في عهد آل الأسد، الأب والابن، هو الرفيق اليومي لكل سوري، يتسلل إلى البيوت، ويُكمم الأفواه، ويشلّ التفكير. لم يكن الحديث في السياسة مجرد مخاطرة، بل كان فعلاً انتحارياً؛ فكلمة واحدة، أو حتى نكتة عابرة، كانت كافية لجرّ صاحبها إلى أقبية السجون، التي كانت تغصّ بعشرات الآلاف، بل بمئات الآلاف، من المعتقلين. كثيرون لم يعودوا أبداً، وآخرون عادوا بأجساد منخورة ونفوس مكسورة، وأهالٍ أضناهم الانتظار والبكاء، دون خبر أو أمل.
فرض حافظ الأسد ثم ابنه بشار قبضتهما الحديدية على الدولة والمجتمع عبر أجهزة أمنية متشعبة: المخابرات العسكرية، الجوية، السياسية، أمن الدولة، وغيرها. لم يكن الجيش أداة لحماية الوطن، بل سيفاً مسلطاً على رقاب الشعب، وقوة قمع في يد النظام.
لم يعرف السوريون في ظل هذا الحكم سوى القمع، والانتهاكات، والتجسس، وكأن البلاد كلها معتقل كبير. لقد كان نظاماً قائماً على الترهيب، لا على الشرعية، وعلى كسر الكرامة، لا على حمايتها. والآن تلاشت تلك القيود، ويأمل الشعب السوري أن لا تتكرر وأن يكون القادم أفضل.
الحلم الذي تحدّث عنه طوني خليفة ليس حلماً سياسياً فقط، بل هو حلم وطني، حلم ببلد يُحتضن من داخله كما يُحتضن من خارجه، بلد يخاف شعبه على مستقبله، لا على حياته..
لقد مرّت سوريا بجحيم من الألم والخوف، لكن اللحظة الآن مختلفة. هناك فرصة حقيقية لتحقيق انتقال تاريخي من دولة القمع إلى دولة العدل، من دولة يُخاف منها إلى دولة يُخاف عليها. هذا الحلم يجب ألا يُفرّط به. لأننا إن خسرناه، لن يبقى سوى الكابوس، بحسب رسالة خليفة.