المرأة السورية في وجه الحرب ومخلفاتها: شجاعة الصمود في مواجهة الموت الصامت
المرأة السورية في وجه الحرب ومخلفاتها: شجاعة الصمود في مواجهة الموت الصامت
● تقارير إنسانية ١٦ مايو ٢٠٢٥

المرأة السورية في وجه الحرب ومخلفاتها: شجاعة الصمود في مواجهة الموت الصامت

في مشهدٍ معقّد خلّفته سنوات الحرب الطويلة في سوريا، لم تكن المرأة السورية مجرّد متلقية للألم أو شاهدة على الخراب، بل كانت فاعلة في ساحات متعددة، تخوض معركة الصمود اليومي، وتشارك في إعادة ترميم ما مزّقته الحرب، بدءاً من التعليم والإغاثة، وصولاً إلى ميادين العمل الخطرة، وأخطرها إزالة مخلفات الحرب والألغام.

ورغم توقّف المعارك العسكرية، فإن ما خلّفته من ذخائر غير منفجرة وألغام مزروعة يواصل حصد الأرواح وتشويه الأجساد، لا سيما مع عودة المدنيين إلى مناطقهم وقراهم بعد التحرير. هذه الذخائر، المنتشرة في الحقول، وبين الأنقاض، وفي المدارس والمخيمات، تحوّلت إلى أدوات قتل صامتة، تفتك بأطفال وسكان عادوا بحثاً عن الحياة.

في هذا السياق، تداول ناشطون على مواقع التواصل صورة للشابة هبة كدع (29 عامًا)، وهي إحدى المتطوعات في مجال إزالة مخلفات الحرب. وقد أثار عملها ردود فعل واسعة، لما يحمله من مخاطر جمّة في ساحة ميدانية غالبًا ما تقتصر على الرجال.

في لقاء لها مع الجزيرة نت، قالت كدع إنها اختارت هذا الطريق بعد أن شاهدت حجم المأساة التي خلفتها الألغام في المناطق المحررة، حيث فقد كثيرون أطرافهم أو أصيبوا بتشوهات، وبعضهم قضى نتيجة ملامسة أجسام مخفية لم يعرفوا أنها قاتلة.

بدأت كدع كمتطوعة في حملات التوعية، قبل أن تلتحق بدورات تدريبية في السلامة والتعامل مع الذخائر المشبوهة، مؤكدة أن هذه ليست مسؤولية ذكورية فقط، بل إن على الجميع، رجالاً ونساء، أن يشاركوا في حماية المجتمع.

وأضافت:"الحرب لا تنتهي بمجرد توقف القتال، بل تبقى آثارها تتربص بالمدنيين، والأخطر أن كثيرًا من هذه المخلفات مزروع بطرق تمويه معقدة، منها ما يبدو كلعبة، أو موضوع داخل أثاث المنازل كالثلاجات والغسالات".
وأكدت كدع أن بعض هذه المخلفات تم توثيقها في مناطق كانت تحت سيطرة النظام السابق، الذي استخدم أساليب متقدمة في إخفاء أدوات القتل، بهدف إطالة أمد الخطر حتى بعد انسحابه.

كما وجهت دعوة للمجتمع الدولي والمنظمات المختصة لتقديم الدعم اللوجستي والتقني لتطهير الأرض السورية من هذه القنابل المؤجلة، محذرة من أن أي تهاون في التعامل معها يعني المزيد من الضحايا.

وختمت حديثها بالتشديد على أهمية عدم لمس أي جسم مجهول، مهما بدا بسيطًا، وضرورة التواصل مع فرق الهندسة المختصة عند الاشتباه بأي مادة خطرة.

إن ما تواجهه سوريا اليوم لم يعد يقتصر على إعادة الإعمار المادي، بل يتطلب جهدًا وطنيًا وإنسانيًا لإزالة آثار الحرب الأشد فتكًا. وتثبت المرأة السورية مرة أخرى أنها ليست في الهامش، بل في قلب الفعل والنجاة والبناء.

إن دخول النساء إلى ميادين كانت حكرًا على الرجال، مثل تفكيك الألغام، يعبّر عن وعي جديد وشجاعة جماعية، تؤسس لمرحلة ما بعد الحرب، حيث تكون المرأة شريكة في القرار، والحماية، والإعمار، وتكمل دورها في معركة البقاء وإعادة الحياة.

الكاتب: فريق العمل
مشاركة: 

اقرأ أيضاً:

ـــــــ ــ