راية الدم فوق قم.. رفع العلم الأحمر في إيران يعلن عهد الثأر المفتوح
في مشهد رمزي محمّل بالدلالات العقائدية والسياسية، رُفع فجر الجمعة العلم الأحمر فوق القبة الفيروزية لمسجد جمكران في مدينة قم، وذلك عقب الضربات الجوية التي شنّتها إسرائيل على مواقع عسكرية ونووية داخل إيران، وأدّت إلى مقتل كبار قادة الحرس الثوري وعدد من العلماء النوويين البارزين.
الراية الحمراء، التي كُتب عليها "يالثارات الحسين"، لا تُرفع في التقليد الشيعي إلا عند إعلان حالة الثأر، وهي عادة مرتبطة تاريخيًا بمظلمة كربلاء والمطالبة بالانتقام لدم الحسين بن علي، لكنها هنا اتخذت بُعدًا سياسيًا مباشرًا، لتصبح إعلانًا رمزيًا بأن "دم القادة الإيرانيين لن يذهب سُدى"، وفق ما ردّده المشاركون في المراسم.
حشود من الزائرين والمقيمين تجمّعت في محيط المسجد، وهتف المتظاهرون بشعارات نارية منها "الموت لأمريكا" و"الموت لإسرائيل"، وسط دعوات صريحة للانتقام من العملية العسكرية التي أطلق عليها جيش الاحتلال اسم "الأسد الصاعد".
وطالب المحتشدون، في مشهد أعاد إلى الأذهان أجواء تعبئة الحرب العراقية الإيرانية، بردّ حاسم يوازي "حجم الكارثة"، على حد وصفهم، معتبرين أن ما جرى هو اعتداء على سيادة إيران وكرامتها الوطنية.
رفع العلم الأحمر في هذا التوقيت، وضمن هذا السياق، لا يعبّر فقط عن مشاعر الحزن والغضب، بل يُعدّ رسالة سياسية موجهة للعالم: إيران دخلت مرحلة جديدة من المواجهة، والرد لم يعد احتمالًا بل صار التزامًا. إذ يحمل العلم دلالة ضمنية على أن دماء القتلى، وعلى رأسهم الجنرال حسين سلامي، رئيس الحرس الثوري الإيراني، واللواء محمد باقري، رئيس هيئة الأركان العامة، ستُثأر حتمًا.
دلالات هذا الفعل تتجاوز البعد الرمزي، إذ تُعدّ مقدمة محتملة لتعبئة جماهيرية داخلية، وربما خارطة طريق للرد الإيراني المرتقب. فرفع العلم الأحمر يُستخدم في إيران في لحظات تُراد لها أن تكون مفصلية، ويتم فيها مخاطبة الجمهور بمزيج من المشاعر الدينية والتعبئة السياسية.
وبينما لم تُصدر السلطات الإيرانية بعد موقفًا رسميًا واضحًا بشأن طبيعة الرد أو توقيته، فإن رفع هذه الراية على واحد من أقدس مساجد الشيعة في قم قد يكون إشارة إلى أن طهران تتجه نحو تصعيد حتمي، خصوصًا في ظل خسارة عدد من كبار علمائها النوويين وقادة مؤسستها العسكرية.
ويُجمع مراقبون على أن هذا التطور ينذر بإعادة تشكيل قواعد الاشتباك في المنطقة، ويفرض معادلة جديدة تُظهر أن الرد الإيراني بات مسألة وقت، وسط تساؤلات مفتوحة حول حجمه، وحدوده، وانعكاساته الإقليمية والدولية.