الداخلية السورية: التوغّل الإسرائيلي في بيت جن انتهاك للسيادة وتصعيد يهدد الاستقرار
أدانت وزارة الداخلية السورية، في بيان رسمي، العملية العسكرية التي نفذتها قوات الاحتلال الإسرائيلي فجر اليوم في قرية بيت جن بريف دمشق الغربي، ووصفتها بأنها "انتهاك صارخ لسيادة الجمهورية العربية السورية وخرق فاضح للمواثيق والقوانين الدولية".
وأوضحت الوزارة أن قوة عسكرية تابعة للاحتلال، تضم دبابات وناقلات جند وآليات راجلة، توغّلت في قرية بيت جن، بغطاء من طائرات استطلاع مسيّرة، ونفّذت عمليات دهم واسعة طالت منازل مدنيين في البلدة، وأسفرت عن اختطاف سبعة مواطنين، نُقلوا لاحقًا إلى داخل الأراضي المحتلة، ولا يزال مصيرهم مجهولًا حتى الآن.
أكدت وزارة الداخلية أن العملية ترافقت مع إطلاق نار مباشر على السكان المدنيين، ما أدى إلى استشهاد أحد الأهالي، في تصعيد وصفته بـ"الخطير"، معتبرة أن هذه الجرائم تعكس منهج الاحتلال في استهداف السيادة السورية وزعزعة أمن المدنيين في الجنوب.
شددت الوزارة على أن مثل هذه "الاستفزازات المتكرّرة" لن تُسهم إلا في زيادة التوتر والاضطراب في المنطقة، مؤكدة أن استمرار الاحتلال بانتهاك السيادة السورية وارتكاب عمليات اعتقال وقتل ممنهجة داخل أراضي الجمهورية، يُعد تهديدًا مباشرًا للسلم الإقليمي، ويقوّض أي مساعٍ نحو التهدئة أو الاستقرار.
وكان أعلن الجيش الإسرائيلي، تنفيذه عملية عسكرية في منطقة بيت جن بريف دمشق الغربي، زاعمًا أنها استهدفت عناصر من حركة "حماس" كانوا ينشطون في المنطقة، وأوضح المتحدث باسم الجيش أن "قوات من لواء الإسكندروني نفذت مداهمة ليلية لاعتقال إرهابيين خططوا لعمليات ضد إسرائيل".
وأوضح المتحدث أن العملية جرت بناءً على معلومات استخباراتية تم جمعها خلال الأسابيع الماضية، وأن المعتقلين نُقلوا إلى داخل الأراضي المحتلة للتحقيق معهم من قبل الوحدة 504.
وكانت شهدت بلدة بيت جن، فجر الخميس، اقتحامًا بريًا واسعًا من قبل وحدة إسرائيلية خاصة، حيث داهمت البلدة وفتحت النار على الشاب محمد حمادة ما أدى إلى استشهاده على الفور، وفقًا لشهود عيان، فيما أفادت مصادر ميدانية باعتقال 8 مدنيين هم: علي قاسم حمادة، محمد بديع حمادة، مأمون السعدي، حسام الصفدي، أحمد الصفدي، محمد الصفدي، عامر البدوي، وخالد سعد الدين، واقتادتهم إلى جهة مجهولة دون الإعلان عن التهم أو تقديم أي تفاصيل بشأن خلفية الاعتقال.
وكان نفى محمد أبو عساف، أحد وجهاء مزرعة بيت جن، في تصريحات لمواقع محلية، صحة الرواية الإسرائيلية التي تحدثت عن استهداف عنصر من "حماس"، مؤكدًا أن الشاب المستهدف هو أنس عبود، وهو مقاتل سابق في فصائل الثورة السورية، وقد أُصيب بجروح حرجة بعد استهداف سيارته بواسطة طائرة مسيّرة، وأوضح أن الهجوم وقع أثناء وجود عبود مع أحد أقاربه على الطريق الرئيسية في البلدة، ما أدى إلى تدمير المركبة ونقله إلى المستشفى بحالة خطرة.
وتسود بيت جن حالة من التوتر والغضب الشعبي عقب الاقتحام الإسرائيلي، حيث أدت العملية إلى استشهاد شاب مدني واعتقال آخرين من دون أي مبرر معلن، وسط دعوات شعبية للإفراج الفوري عن المعتقلين، ومطالبات للحكومة السورية الجديدة بالتدخل لوقف الانتهاكات الإسرائيلية المتكررة في الجنوب السوري.
وكانت تعرضت بلدة بيت جن في 8 حزيران/يونيو لغارة جوية إسرائيلية نفذتها طائرة مسيّرة استهدفت سيارة مدنية في منطقة المزرعة، ما أدى إلى إصابة ثلاثة أشخاص، وقال المتحدث باسم جيش الاحتلال حينها إن الغارة استهدفت "عنصرًا في حماس"، دون تقديم أدلة ملموسة، فيما أكدت مصادر محلية أن المستهدفين مدنيون ولا ينتمون لأي جهة مسلحة.
وترى تقارير محلية ودولية أن هذه العمليات الإسرائيلية تأتي في سياق حملة متواصلة لإفشال جهود الحكومة السورية الجديدة بقيادة الرئيس أحمد الشرع في بسط السيادة على الجنوب السوري، خصوصًا بعد تصاعد الغارات التي طالت مواقع عسكرية في دمشق ودرعا والقنيطرة في 3 حزيران، بذريعة الرد على سقوط صاروخين في الجولان المحتل لم يوقعا أي خسائر.
وكانت حللّت شبكة "شام" الاستراتيجية الإسرائيلية بوصفها تقوم على منع أي استقرار مستدام في الجنوب السوري، وإبقاء المنطقة في حالة توتر دائم ما لم يتم التنسيق المباشر مع تل أبيب، في محاولة واضحة لفرض واقع أمني جديد يتعارض مع السيادة السورية، ويعرقل عملية إعادة بناء الدولة بعد سقوط نظام الأسد البائد.
تؤكد الحكومة السورية الجديدة، بقيادة الرئيس أحمد الشرع، التزامها باستعادة الأمن في الجنوب السوري دون التورط في مواجهة مباشرة مع إسرائيل، مع الاستمرار بتطبيق اتفاق فصل القوات لعام 1974، والعمل على توسيع سيطرة الدولة وبسط القانون، رغم استمرار الاعتداءات الإسرائيلية وتكرار استهداف المدنيين والمنشآت الحيوية.
وتتكرر الانتهاكات الإسرائيلية بحق الأراضي السورية، في ظل غياب أي ردّ دولي حاسم، ما يعزز من التحديات التي تواجهها دمشق في مسارها الانتقالي، ويؤكد أن معركة استعادة القرار السيادي الوطني ما زالت طويلة ومعقدة، وتشمل مواجهة جميع أشكال الاحتلال والهيمنة، وفي مقدمتها الاحتلال الإسرائيلي للجولان والمناطق الحدودية.