يبدو أن هيئة التنسيق الوطنية لقوى التغيير الديمقراطي قد اقتربت من إعلان انضمامها إلى الائتلاف الوطني في جسد موحد ، بعد أن أثمرت اللقاء التي جرى مؤخراً في مقر الإتحاد في بروكسل بين الطرفين ، ليكون باكورة عمل كامل لا يكتفي بمجرد اجتماعات و بيانات.
فبعد تحديد "خريطة طريق" واحدة متفق عليها ، من المفروض وفقاً للمعلومات أن يكون الإعلان عن الإندماج هو يوم الأربعاء ، بعد اجتماع المكتب التنفيذي للهئية في دمشق ، لدراسة ما خرج به اجتماع بروكسل.
و توصل الطرفان إلى خارطة طريق لإنقاذ سورية تضم المبادئ الأساسية للتسوية السياسية ، و حينها وضع الوفدان نص يتضمن ضرورة المصادقة عليها من قبل مرجعياتهما، و أعلنت اليوم الهيئة السياسية للائتلاف موافقتها على فحوى الوثيقة المتفق عليها .
وتدعو الوثيقة إلى تنفيذ "بيان جنيف" (01 حزيران/يونيو 2012) بدءاً بتشكيل "هيئة الحكم الانتقالية" التي تمارس كامل السلطات التشريعية والقضائية والتنفيذية، بما فيها كافة سلطات وصلاحيات رئيس الجمهورية على وزارات وهيئات ومؤسسات الدولة، والتي تشمل الجيش والقوات المسلحة وأجهزة وفروع الاستخبارات والأمن والشرطة.
كما تضمنت بنود أخرى من إدانة العنف من قبل قوات الأسد و رفض إرهاب داعش و حزب الله ، مع الطلب من الأمم المتحدة و الدول المعنية التدخل لمساعدة السوريين على القيام بعملية الإنتقال السياسي .
و قيام الهيئة بخطوة الإنضمام الكامل للائتلاف ، يعتبر من الناحية السياسية مكسب للمعارضة السياسية الخارجية المنتمية لجناح الائتلاف ليحافظ على تفوقه على بقية الأجنحة التي أخذت منحى مشابه من حيث الشكل ، و لكن فشلت في التواجد ضمن هيكلية موحدة .
و إن كانت هذه الخطوة من الناحية السياسية جيدة ، لكن إن لم تستتبع أو تترافق مع خطوات ميدانية ، كتشكيل إدارة عسكرية موحدة ، أو وجود جسم عام لها ، فإن الأمور لن تتغير كثيراً ، و ستكون عبارة عن نقطة إضافية ضد الأسد ، دون أن تكون ذات فعالية على إنهائه .
خاضت اليوم جوبر مع ثوارها معركة جديدة في الدفاع عن النفس ضد غزو القوات و المليشيات الطائفية ، و تمكنت مع قلب ركامها على المتقدمين ، و حولت حفرها لقبور من جديد لكل من يقترب منها.
الحملة الجديدة التي اتخذت شكلاً عنيفاً لم يشهده الحي منذ قرابة العام ، كانت غايتها تحقيق شيء ما ، و لوكان تقدم بسيط ، يعيد بعضاً من الهيبة التي إنتهت و تكسرت أمام الثوار ، من إدلب شمالاً إلى درعا و الأهم في الوقت الحالي الزبداني .
سنين القصف و الدمار و الحصار و التقطير ، لم تؤثر بأهل جوبر ، جوبر النقطة الأكثر قرباً من قلب دمشق ، و مركز القوة للثورة السورية ، والإعتماد عليها كبير في الدخول إلى دمشق ، و تحريرها .
ساعات طويلة من القصف المكثف من جبل قاسيون و محيط الغوطة و الفرق العسكرية القريبة من دمشق ، غطاء جو مرعب ، و استخدام لكل ماهو مألف و غير مألف ، و طبعاً "الكلور" الأسدي حاضراً ، مشاركة القوات الأميز لدى الأسد و مليشيات حزب الله و كل المتواجدين بصفه ، هي ملخص بسيط لما تعرضت له جوبر اليوم .
هذه الكثافة ، و قوة الهجوم ، و عنف القصف ، لم تؤثر على المرابطين و لا المساندين الذين إنضموا إليهم ، فالفرق بين صاحب الأرض و المعتدي هو الفيصل ، و تمكنت جوبر مع ثوارها من نفض غبار الهجوم ، و تكبيد المهاجمين أفدح الخسائر التي زادت عن 25 قتيل جلّهم من ضباط النخبة.
و الملفت ليس صد الهجوم بقدرة و ثبات ، الملفت هو حجم العزيمة التي يمتلكها القلة المتواجدة هناك ، قلة العدد و العتاد ، ورغم ذلك انتقلوا من مواقع الدفاع البطولي إلى الهجوم العنيف .
جوبر و ثوارها لهم من معنى الإسم نصيب كامل ، فجوبر هي "جب الجبابرة" كانت و ستزال كذلك.
العرب والعروبة كذبة كبيرة، لكن للأسف ما زال البعض يصدقها منذ عقود. صحيح أن القومجيين صدعوا رؤوسنا بمفهوم العرب والعروبة منذ منتصف القرن الماضي، إلا أن مفهوم العروبة كان مجرد مطية سياسية حقيرة لتحقيق أهداف سلطوية قذرة لا أكثر ولا أقل.
فالأنظمة التي رفعت شعار العروبة كانت تحكم بلدانها طائفيا وقبليا، كما هو الحال في سوريا وليبيا واليمن. فالنظام السوري مثلا له علاقة بالقومية العربية كما لي علاقة بكوكب عطارد، فهو نظام لم يرتق يوما إلى مرتبة الوطنية الضيقة، فما بالك أن يكون قوميا! لقد حكم النظام السوري بشعار عروبي قومي، بينما كان في الواقع مجرد نظام ما قبل الدولة، لا بل إنه لم يكن حتى نظاما طائفيا كما يتهمه البعض، فقد كان مجردعصابة تجمع بين الطائفية والنفعية والبلطجية، بينما كان مثيلاه في اليمن وليبيا نظامين يحكمان بتوازنات قبلية قروسطية لا تمت لمفهوم الدولة بصلة. وينطبق الأمر على النظام العراقي بدرجات معينة. باختصار شديد، فإن العروبة كانت مجرد مصطلح سياسي هلامي فضفاض، لا وجود له عمليا إلا في أشعار سليمان العيسى وأمثاله.
ومن المفارقات الفاقعة جدا، أن النظام السوري الذي يتغنى بالعروبة ليل نهار، ربط مصيره، وعقد معاهدات دفاع مشترك مع إيران الفارسية عدوة العرب التاريخية قوميا. وربما كان النظام السوري واقعيا في تحالفه مع إيران بعد أن وجد أن لا مشروع عربيا في الأفق يمكن الركون إليه أو التحالف معه، فتحالف مع إيران التي كانت، على عكس العرب، تعمل من أجل مشروع واضح المعالم بغض النظر عن اتفاقنا أو اختلافنا معه.
بعبارة أخرى، فإن أكثر من تاجر بمفهوم العرب والعروبة هم القومجيون العرب الذين نقلوا البندقية الإيديولوجية من الكتف البعثي والناصري إلى الكتف الفارسي بخفة عجيبة. وفي هذه الأيام نرى الكثير ممن يسمون أنفسهم قوميين يعملون تحت الراية الإيرانية على رؤوس الأشهاد. والمضحك أكثر أن الذين كانوا يترددون على قصور صدام حسين، ويدافعون عنه ليل نهار، ويقبضون منه الملايين، صاروا الآن مدافعين عن المشروع الإيراني وملالي طهران الذين أشرفوا عبر أذنابهم في العراق على إعدام صدام حسين شنقاً في عيد الأضحى المبارك. وقد وصف الشاعر العراقي مظفر النواب العرب والعروبة وصفا دقيقا في قصيدته الشهيرة الموسومة "القدس عروس عروبتكم".
وكما فشل النهج البعثي والقومي في الارتقاء إلى أدنى درجات العروبة، لم تنجح التكتلات الشمال إفريقية المتمثلة بما يسمى باتحاد المغرب العربي، فالمغرب أقرب لإسرائيل مثلا مما هو للجزائر الجارة. والنظام الجزائري العسكرتاري الديكتاتوري أقرب إلى فاشية النظام السوري مما هو للجار المغربي، مع الاعتراف طبعا بأن النظام المغربي يبقى أفضل ألف مرة من أنظمة البعث والجملكيات السورية والليبية والجزائرية.
صحيح أن اتحاد دول مجلس التعاون الخليجي حافظ على اجتماعات منتظمة منذ نشأته، إلا أنه لم يرتق بدوره إلى طموحات الوحدة المنشودة.
باختصار لم يكن العرب يوما منذ الاستقلال على قلب رجل واحد، فقد فشلوا في أن يكونوا عربا بالمفهوم السياسي حتى على المستوى الجهوي الضيق كالبعثي والمغاربي والخليجي. لا شك أن مشاعر العروبة كانت، وما زالت قوية على المستوى الشعبي، إلا أنه لا قيمة لتلك المشاعر في البورصة السياسية، فالعرب سياسيا عربان وملل ونحل متناحرة لا يجمعهم أي مشروع أو هدف أو قضية. وبالتالي، فمن الخطأ الفادح الحديث عن «العرب» ومقارنتهم بالأمم والدول الأخرى في المنطقة كإيران وتركيا وإسرائيل. فكيف نقارن أنظمة تسمي نفسها زورا وبهتانا عربية بالأمة الإيرانية الواحدة ذات الرسالة المحددة، أو بالأمة التركية. إذا لا مكان للعرب على أرض الواقع من الناحية السياسية، وبالتالي من الأفضل أن نتحدث عن سياسات محلية بدل الحديث عن سياسة عربية.
على العكس من ذلك، نجد أن إيران رفعت شعارات معينة وعملت على تنفيذها بحذافيرها. وبينما كان من يسمون بالعرب يتناحرون فيما بينهم، ويتآمرون بعضهم على بعض ليل نهار، كانت إيران تجمع تحت جناحيها كل الحركات والأحزاب والفعاليات، ذات التوجهات العقدية المشتركة، فكل الأحزاب العراقية المؤثرة مثلا تقريبا ترعرعت في إيران.
وقد نجحت إيران في صنع أذرع مذهبية لها في العراق وسوريا واليمن ولبنان. وبينما استثمرت إيران بحلفائها الشيعة في البلدان العربية المذكورة، كانت الدول العربية (بين قوسين) تلاحق، وتشيطن، وتضع على قوائم الإرهاب أي حركة أو حزب إسلامي حتى لو كان معتدلا. لاحظوا أيضا كيف تحولت أذرع إيران في بعض الدول العربية إلى قوة ضاربة في العراق واليمن ولبنان، بينما أصبحت القوى التابعة لبعض الدول العربية في تلك البلدان مثارا للسخرية والتهكم.
ولا ننسى أبدا أن العرب تحالفوا بشكل غير مباشر مع إيران بعضهم ضد بعض، ليس فقط كما فعل النظام السوري، بل أيضا عندما تآمر بعض العرب مع أمريكا في غزو العراق، فسقط صدام حسين، مما فسح المجال واسعا أمام التغول الإيراني في العراق.
وليت التآمر العربي على العرب توقف في العراق، فما إن اندلعت الثورات الشعبية العربية، حتى التف عليها بعض العرب خوفا من أن تصل إليهم شرارتها، فدعموا فلول الأنظمة الساقطة الفاسدة العفنة ضد الأنظمة الجديدة، بدل الاستثمار في أنظمة جديدة ربما تصلح ما أفسدته الأنظمة الساقطة، وتصنع قوة عربية جديدة قادرة على مواجهة القوى الإقليمية الأخرى كإيران وغيرها.
وفي الوقت الذي عمل فيه بعض من يسمون بالعرب على تقويض الربيع العربي وإعادته إلى المربع الأول، كانت إيران تدعم حلفاءها بالغالي والنفيس بغض النظر عن وحشيتهم. ما الفرق بين الميليشيات الشيعية التي تقاتل في سوريا والعراق ولبنان وبين داعش وأخواتها؟ لا فرق أبدا. لكن بينما تقف إيران إلى جانب جماعاتها، نجد أن العرب المزعومين لم يتحملوا حركة سياسية معتدلة جداً كالإخوان المسلمين، فتآمروا عليها في مصر واليمن رغم وصولها إلى السلطة بأصوات الشعب.
احصدوا ما زرعت أياديكم يا من تسمون أنفسكم عربا!
تقول الحقيقة العلمية بأنك لو أردت ضرب مسمار بزجاجة من خارجها لما تحطمت إلا أن كانت الضربة قوية وكافية حتى تتكسر ولكن ماهو أسهل لتحطيمها وتصبح قطعا متناثرة فما عليك سوى وضع ضع مسمار صغير داخل الزجاجة وقم برج الزجاجة فستجد الزجاجة تحطمت بسهولة وبأسرع مما تتخيل كذلك هي إيران لا يمكن كسرها من الخارج إلا بقوة كبيرة وهذا مكلف و سيكون له تداعيات كبيرة أيضا وبالتالي وانطلاقا من الحقيقة العلمية وبدراسة داخل هذه الزجاجة (إيران ) نجد أن تحقيق هذه الحقيقة أمرا ليس صعبا لكنه أيضا ليس سهلا وليس نزهة لكنه ممكن جدا.
طالما أن إيران تعبث بدول جوارها والعالم العربي والإسلامي دون رادع بل تحقق بعض القوى الإقليمية والدولية غايتها بإضعاف و استنزاف العالم العربي بالفزاعة الإيرانية فهذا يحتم ضرورة التفكير والعمل الجاد وفق خطة عمل محكمة على مستوى الإستراتيجية والتكتيك لإلهاء إيران بمشاكلها الداخلية وتفعيلها وصولا لتقسيم إيران لثمان دول متناحرة.
طالما إيران مستقرة من الداخل او بالأحرى هناك حالة سكون فإنها لن تتوقف عن عداء العالم العربي والإسلامي وبالتالي يجب العمل لأن تنتهي حالة السكون الداخلي لتلفت إيران لمعالجة مشاكلها الداخلية التي لا يجب أن تنتهي ولسنوات طويلة حتى تنعم بلداننا بالأمن والاستقرار.
الدارسون والباحثون المتخصصون في الشأن الإيراني يعلمون أن استثمار مشاكل إيران الداخلية أمر ممكن لا سيما وإن علمنا أن الفرس لا يشكلون سوى 40 إلى 42 % من مجموع الشعوب المكونة لإيران الحالية والفرس يتمركزون ديمغرافيا في الوسط الجغرافي لإيران في حين تحيط بهذا الوسط المتعجرف و المتكبر باقي الشعوب في إيران وهم الكرد في الشمال الغربي والعرب في إقليم الاحواز المحتل (الغني بالنفط والغاز والذي يشكل عماد اقتصاد إيران اي ما بين 80 إلى 85% من النفط والغاز ) وهناك قومية اللور في رقعة جغرافية تمتد من مناطق الكرد حتى الأحواز أي تقريبا بالقرب من طول الحدود الإيرانية العراقية إلى جانب المسلمين السنة في إقليم بلوشستان سيستان وهؤلاء يتمركزون في الجنوب والجنوب الشرقي و الغربي اي أنهم يمتدون على رقعة جغرافية إستراتيجية غاية في الأهمية متصل بالخليج العربي وباكستان وأفغانستان وكذلك هناك التركمان في الشرق والشمال الشرقي وهذا يعني تواصلهم الجغرافي مع أفغانستان تركمانستان أضف إلى القومية القزوينية في الشمال بالقرب من بحر قزوين كذلك الاذريين وهم يمتدون من مناطق طهران وصولا لمناطق اقصى الشمال الغربي أذربيجان ويتواصلون مع جغرافيا مع دولة أذربيجان التي تعتبرها إيران جزءا تم اقتطاعه من أراضيها الاذرية إلى جانب حدود لا تتجاوز 35 كم مع أرمينيا.
أذربيجان ترتبط بعلاقات متوترة للغاية مع إيران لقضايا متعددة منها وجود قاعدة تجسس إسرائيلية على إيران في أذربيجان إلى جانب حالة القلق التي تعتري إيران وخلافات مع الدول المطلة على بحر قزوين.
هذا قسم من القوميات التي تشكل إيران الحالية وهذه القوميات والاختلافات جميعها تحيط بالوسط الفارسي وجميعها دون استثناء لديها مشاكل وخلافات عميقة مع الفرس ومع النظام الإيراني وعلينا أن لا ننسى أن الفرس 40 الى 42 % لا يشكلون الأكثرية من مجموع الشعوب المكونة لإيران الحالية وجميع هذه الشعوب لا تتحدث اللغة الفارسية الا كلغة ثانية لانها اللغة الرسمية للتعليم والاعلام وجميع هذه الشعوب مضطهدة من الوسط وتعاني من نظام الحكم.
أضف أن حالة الفقر المدقع التي يعيشها الإيرانيون ووجود نحو مليوني لاجئ أفغاني كلها عوامل وعناصر هامة يمكن ان تساهم في تفجير إيران من الداخل. لا سيما وأن حالة الاضطهاد بحق أهل السنة في إيران وصلت الذروة وعلينا أن لا ننسى ان الدستور الإيراني للجمهورية الإسلامية في إيران يعترف دستوريا بالديانة الزرداشتية (المجوس) وباليهودية ولديهم نواب في البرلمان في حين لا يعترف بالسنة و يمنع عليهم أي شكل من أشكال الحرية الدينية مع العلم ان الدستور الإيراني يعتبر ان الإسلام الشيعي على المذهب الاثنا عشري هو الدين الرسمي للدولة مع العلم ان المذهب الشيعي فرضه الشاه الصفوي في أوائل القرن السادس عشر.
علينا أيضا ان نضع في عين الاعتبار ان الفرس هم من الآريين اي من نفس قومية الاوربيين (ابناء عمومة) وهم مجموعة قبائل كانت تعيش بالقرب من شرق قزوين ثم حلت عبر التاريخ في إيران وتم تسمية إيران باسمها الحالي في الثلاثينات من القرن الماضي وكانت تسمى فارس.
رغم ان الشباب (اقل من 30 سنة ) يشكلون نحو 65 % الا ان الشعب الايراني شعب هرم و النمو السكاني الإيراني في خطر وهم يعانوا من ذات المشكلة التي تعاني منها اوربا فإيران الحالية بحدود 75 مليون نسمة ستتضاءل هذه الأعداد خلال عقود فالفقر والنزوح من الريف للمدينة وعوامل أخرى ساهمت بالعزوف عن الزواج إلى جانب ان متوسط الإنجاب لا يتجاوز طفلين منذ نحو ثلاثين سنة وحتى الآن بتراجع أكثر من الثلثين في متوسط نسبة الإنجاب وهذا الجيل من الشباب في شبه قطيعة مع عصر ملالي إيران وهو شباب يبحث عن ذاته وحريته والتواصل مع الغرب ولا يعتبر أنه معني بحكم رجال الدين في نظام ثيوقراطي كما ان هؤلاء الشباب هم من خرجوا يعبرون عن فرحتهم بتوقيع الاتفاق النووي لأنهم يريدون التخلص من العزلة الدولية بل ويريدون التخلص من حكم رجال الدين لا سيما وأن حجم المعاناة يتزايد من قمع الحرس الثوري وهيمنته على الاقتصاد وموارد الدولة والحريات العامة والإعلام.
فجميع الإيرانيين محتقنين من الاستثمارات والفساد المتنامي الذي يمارسه كبار جنرالات الحرس الثوري فجميع الأبراج التي بنيت في طهران يقف وراءها متنفذون و مستثمرون من الحرس الثوري وأغلب المشاريع الاقتصادية يقف وراءها ضباط في الحرس الثوري كما ان مدينة الاستثمارات في مدينة مشهد مسقط رأس الخامنئي يقف وراءها رجال دين وجنرالات في الحرس الثوري.
إيران الملالي وقم وحكم رجال الدين في وادي وباقي الإيرانيين في واد آخر ويكفي زيارة إلى مناطق مثل دربند و داركيه في جبال البرز المحيطة بطهران لتنتقل من عالم الملالي إلى عالم الشباب الباحث عن مكان يشعر فيه بالحرية.
المعارضة الإيرانية المتمثلة ب مجاهدي خلق لا تقل خطورة عن نظام الملالي وحرسهم الثوري. والحرس الثوري في إيران هو دولة داخل الدولة فهو الذراع العسكرية والأمنية الضاربة لمرشد إيران الخامنئي وأعتقد أن موته سيشكل نهاية ولاية الفقيه في إيران وحكم الملالي.
في بحث في أسماء واصول العائلات التي تعيش في إيران على الضفة المقابلة للإمارات والكويت وعمان نجد أن أصولها عربية وهذا يؤكد أن اغلب هذه العائلات لك تتخلى عن أراضيها رغم ضم مناطقهم للحكم الفارسي عندما تم اقتطاع هذه الأراضي العربية لصالح فارس مقابل مصالح أخرى للإمبراطورية البريطانية في القرن السابع عشر.
على الدول المتضررة من أيران ان تعمل من داخل إيران لإضعافها وتفتيتها بذات الاستراتيجية التي تعمل بها ايران في اضعاف وتفتيت العالم العربي والإسلامي وان تقوم
بدعم ومساعدة جميع أنواع المعارضة المناهضة للنظام الإيراني في الداخل وبشكل خاص الكرد والسنة والاحواز وعلينا أن نتخيل لو ان الأحواز المحتل عاد إلى حاضنته العربية وتمكن من الاستقلال فحينها يخسر النظام الإيراني 80 % من موارده الاقتصادية من النفط والغاز و التي يعتمد عليها بشكل أساسي.
كثيرة من الأحداث كان يجب استثمارها لإضعاف إيران ومساعدة الشعوب المضطهدة في إيران فأحداث مهاباد والانتفاضة المستمرة في الاحواز والمقاومة السنية المسلحة يجب ان تحظى بالدعم والاهتمام والمساعدة وبالتالي تتحطم الزجاجة من داخلها وتنال الشعوب المضطهدة في إيران حقوقها.
لعل أربع سنوات مضت من عمر الثورة السورية وأكثر بقليل كفيلة للشعب السوري أن يعي خطورة التآمر الدولي والغربي على قضيته وثورته والتي كشفت كذب ودجل كل من يدعي نصرته للثورة السورية ممن سمو أنفسهم أصدقاءً للشعب السوري وأوهموا الشعب بدعم مؤسسات عملوا على تشكيلها في الخارج بعيداً عن ذلك الشعب المحاصر المقهور في فنادق وشاليهات وقاعات مؤتمرات لم تقدم للشعب السوري حتى اليوم أي شيء يخفف عنه آلامه وأوجاعه بل زادت ذلك في ادعائها تمثيل هذه الشعب ونصبت نفسها الحكم والناطق باسم أوجاعه سعياً منها لنيل المناصب والمكاسب السياسية على حساب دماء الشهداء ودموع وأنّات الثكالى والمعتقلين في سجون الظلم .
ولا يخفى على أحد دور الدول التي أوهمتنا بدعم الشعب السوري في تكريس التفرقة والكلمة وضرب كل مشروع ثوري نابع من صميم الشعب ومبادئه والعمل على بناء مؤسسات تدعي تمثيلها للشعب السوري بدعم منها فكان المجلس الوطني ثم أتبع بالإئتلاف والحكومة السورية واليوم مجلس قيادة الثورة فغدت قضية الشعب السوري مسرحاً للتجاذبات السياسية وتصفية الحسابات الدولية كل على حساب الشعب الثائر على الأرض فلم تعطِ هذه الدول للفصائل على الأرض أي أهمية في تمثيل الشعب وسعت لتمثيله بشخصيات منها انشقت عن النظام ولجات لدول الجوار ومنها من باع ضميره وكرامته من اجل منصب او حفنة دولارات أغرقته بها تلك الدول تلك ، سعياً منها على تحقيق مصالحها وبناء تيار يكون عوناً لها في السيطرة على موارد سوريا واستخدامها كأوراق ضغط على دول اخرى يمكن أن تكون بينهما حسابات قديمة .
ومع المطالبات الرامية لتشكيل تيار وطني موحد يمثل إرادة الشعب الحقيقية على الأرض تشكلت مؤسسات الإئتلاف والحكومة وقبلها المجلس الوطني واليوم مجلس قيادة الثورة وكلها ادعت تمثيلها للشعب السوري القابع تحت رحمة البراميل وأصبحت تنطق باسمه في المحافل الدولية والمؤتمرات السياسية لتبدأ مرحلة جديدة من الصراع خارج الحدود بين التيارات والدول فكل تيار يتبع لجهة ودولة معينة وكل منهم يسعى لكسب التأييد الشعبي المزيف عن طريق شخصيات عملت على تربيتها منذ إنطلاقة الثورة وكسبها لصفها لتكون يدها في كل مؤتمر أو محفل أو تشكيل .
وبعد سنوات من الظلم وإدراك الفصائل العاملة على الأرض ممن تشارك الشعب ألامه وأوجاعه وتحمي أعراضه وممتلكاته أهمية العمل السياسي في المعركة ووصولها ليقين تام أن الحسم في سوريا لن يكون بالسلاح وحده فلابد من تكاتف السياسة وفرض مطالب الشعب بالقوة وهنا بدأت مرحلة الصراع بين الداخل والخارج ، فيمن يمثل الشعب ومن له الحق بالتكلم باسم الشعب وبدأت تسقط الأقنعة تباعاً واستطاعت الفصائل الكبرى فرض شروطها على مؤسسات الثورة في الخارج من إئتلاف وحكومة ودول غربية وعربية وطالبت بإعادة تأهيل مؤسسات الثورة بما يضمن التمثيل الحقيقي للشعب والفصائل العاملة على الأرض بشخصيات تخرج من صلب الثورة ومن رحم الشعب الثائر تنطق باسمه وتنقل اوجاعه و آلامه في المحافل الدولية والعربية .
واليوم وبعد محاولة من البعض الالتفاف على الفصائل الكبرى في الداخل بعد موجة السخط على الائتلاف والحكومة المؤقتة لعدم استجابتها لمطالب الشعب وتلبية احتياجاته وضعف تمثيل الفصائل الحقيقية والفاعلة في مؤسسات الثورة وتسلط البعض بدعم من دول عربية وغربية على هذه المؤسسات التي لم تقدم للشعب الثائر أي شيء يخفف عنه المعاناة أو يرفع عنه الظلم ، شُكّل منذ أيام ماسمي بالقيادة العسكرية الجديدة وحظيت بدعم مجلس قيادة الثورة ولكن لم تلبث ساعات قليلة حتى خرجت كبرى فصائل الثورة في سوريا بينها حركة أحرار الشام وجيش الإسلام والجبهة الشامية والاتحاد الإسلامي لأجناد الشام ببيان تستنكر فيه هذا التشكيل وتعتبره خرقاً لمبادئ مجلس قيادة الثورة والتي تجاوزت كل هذه الفصائل وأكتفت بتأييد فصائل صغرى لا تمثل إلا فئة قليلة من الشعب السوري الثائر لتعلن تشكيل مجلسها مطالبة بإنهاء هذا المجلس العسكري وإعادة تشكيل مجلس جديد يعطي التشكيلات العسكرية على الأرض والشعب السوري الثائر التمثيل الحقيقي بعيداً عن الصراعات الإقليمية والتجاذبات السياسية التي أرهقت الشعب وأطالت في عمر النظام لعدم قدرتها على تشكيل كيان موحد يحظى باعتراف الشعب ويكون الممثل الشرعي الوحيد له .
تنهال هذه الأيام في الإعلام البيانات و عمليات القصف هنا و هناك ، نصرة للزبداني ، و ضرباً لمناطق تماثل بقيمتها ما للزبداني من قيمة استراتيجية و معنوية ، و لكن هل نجح شيء ما في إيقاف العمليات هناك ، و هل حصل الثوار في الزبداني على لحظة استراحة لإعادة ترتيب الصفوف ، أم أن الأمر قد حسم و الجميع بات يسرع لتبرئة نفسه عن خذل "الزبداني" ، كما يحدث في كل المناطق الاستراتيجية تتعرض للهجوم .
لن أعود إلى القصير و لا القلمون ولا لمدن و مناطق هنا و هناك ، و لكن مافائدة البيان وحتى رمي آلاف القذائف على المناطق الشيعية في ادلب و حلب ، هل من نتيجة حُصدت و نحن لانعلم ، و ماالفائدة من تسريبات بأن هناك من يتحدث مع الثوار لإيقاف القصف على المناطق الشيعية ، ليتم وقف القصف على الزبداني ، هل هي لذر الرماد في العيون و تبريد القلب ، و إراحة الضمير بأن تم فعل شيء جيد للمحاصرين هناك في الزبداني .
على مدى سني الثورة لم تأتي عمليات القصف البعيد بأي نتيجة ، و الهجوم على منطقة أو منطقتين أيضاً ، و خير دليل هو الإبقاء على الفوعة و كفريا ، لم يف بالهدف بحماية إدلب و ريفها من جنون قصف الأسد و مليشياته ، بل على العكس الجنون إزداد .
عمليات القصف من بعيد بنفس الإسلوب جعلت النظام و حزب الله و إيران يتيقنون أنها عبارة عن موجة و تمر كالعادة ، و لا داعي للمفاوضة على أي شيء .
الزبداني اليوم تقف وحيدة ، و تتم مواساتها ببيانات و قذائف و شعارات ترفع من هذا و ذلك دون أن يقترب أحد و يقدم العون الفعلي ، أو يبدأ عملية الإنتقام و الرد على الزبداني ، بالقصف و التقدم و الإقتحام ، وعلى الأقل منطقة بمنطقة ، ألم بألم ، موت بموت ، لست من هنا من مشجعي القتل ، و لكن للتأكيد أن الجزاء حاضر و أن الثوار جديين .
الفوعة و كفريا و الزهراء و نبل قرى شيعية تصيب إيران و حزب الله بمقتل ، سهل الغاب و قرى الساحل تصيب النظام بعجز ، دمشق و محيطها يوهن النظام ، و الطاقة و المياه توقف كل شيء ، مالم يتحرك الجميع سويةً أو فراداً و لكن بجدية لن يكون هناك زبداني ، و سيكون "ظهر دمشق" قد بات آمناً ، و سيتم الإنتقال إلى النقاط الأخرى التي تقاعست من وادي بردى إلى الغوطة فالجنوب .
اجتمع مجلس العموم البريطاني منذ سنتين في بريطانيا للتصويت على قرار المشاركة بعمل عسكري ضد بشار الأسد، وقليل من المراقبين يومها هم الذين توقعوا أن نتائج هذا التصويت -الذي تم بعد أسبوع من هجوم الدكتاتور السوري بالسلاح الكيماوي على مواقع المعارضة الشعبية السورية - ستكون له آثار كارثية على المنطقة وتكاليف باهظة سندفع ثمنها.
قام إد مليباند زعيم حزب العمال البريطاني وذلك في سعيه لطرد شبح توني بلير ولتحقيق مكاسب سياسية بجمع الأصوات الكافية لنقض قرار الحكومة البريطانية في المشاركة في أي عمل عسكري ضد بشار.لقد ولد هذا التصويت يومها ترددا عند الرئيس الأمريكي باراك أوباما إزاء أي عمل عسكري تأديبي ضد نظام الأسد وما تلا ذلك من أحداث - أصبحت كما يقال- تاريخا معروفا، ويا له من تاريخ!!!
أربعة ملايين لاجئ، وستة ملايين مهجر داخل سوريا، وأكثر من ثلاثمئة ألف شهيد مدني؛ قتل معظمهم بأسلحة تقليدية على يد قوات الأسد المجرمة. كل ذلك يعطيكم بعض التصور عن الحقيقة الكاملة للأحداث .
لقد وصل صدى هذا القرار إلى أماكن أبعد من مصدر الواقعة نفسها:
فلقد شعر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أنه بإمكانه استغلال افتقار الغرب للحزم ليمارس سياسته التوسعية في أوكرانيا، وتم استغلال الحدث في الرقة حيث كان تنظيم ما يسمى بالدولة ضعيفا لتعزيز خطابهم الإعلامي القائم على فكرة:"أن الغرب والنظام السوري ومعه حلفاؤه الإيرانيين الشيعة يعملون مجتمعين لهزيمة وإذلال العرب السنة في المنطقة".
إنه لمن الصعوبة بمكان أن تحاول شرح حقيقة ما يجري في الأروقة الداخلية للسياسة البريطانية للمدنيين الغاضبين والمصدومين في ضواحي دمشق.
لقد وقع الشعب السوري فريسة بين تراخي الغرب، وجنون العظمة عند بشار، وطموحات إيران الإمبريالية، ووهم روسيا بالثأر للحرب الباردة، ووحشية داعش وجنونها، هذا الشعب الذي لم يخرج في ثورته إلا طلبا للحرية والكرامة والحياة السعيدة. إننا في حركة أحرار الشام ومع باقي الفصائل الثورية المسلحة ما خرجنا إلا دفاعا عن شعبنا، وما حملنا السلاح إلا عندما خيرنا بين الاستسلام غير المشروط للنظام الأسدي وبين القتال لنيل حرية شعبنا فاخترنا ما اختاره شعبنا.
على الرغم من أن روح الثورة التي عايشناها في أيامها الأولى لا تزال كامنة فينا إلا أننا أدركنا أنه كلما طال زمن النزاع لن يبق لنا ما ننقذه في سوريا. إننا نعمل في حركة أحرار الشام على إسقاط النظام بكل رموزه ومؤسساته، وإلحاق هزيمة نكراء بتنظيم ما يسمى بالدولة، وتأسيس حكومة تمثل السوريين في دمشق تضع البلاد على بداية مسار السلم والتعافي الاقتصادي.
نريد أن نرى نظاما سياسيا يحترم هوية الأغلبية في سوريا وتطلعاتها السياسية المشروعة، ويوفر للأقليات دورا إيجابيا في مستقبل سوريا. نريد أن نضمن وحدة التراب السوري، ونضع حدا لتواجد الميليشيات الأجنبية على أراضينا.
لقد أدركنا أن رؤيتنا هذه لا يمكن أن تتحقق بوسائل عسكرية فحسب, إذ لا بد من عملية سياسية متزامنة معها، وهذا يعني أنه قد يتوجب علينا اتخاذ قرارات صعبة، لكن دون مساومة على الثوابت والمسلمات:
1. يجب على الأسد وعصابته المجرمة ورموزه الرحيل عن سدة الحكم .
2. يجب القيام بعملية جذرية لإعادة بناء كلا من الجيش والمؤسسات الأمنية.
3. نرفض أي نوع ووصاية أو نفوذ لإيران في سوريا، ولا تعنينا أي اتفاقات سرية تمت مع “آيات الله” على هامش الاتفاق النووي فيما يخص قتال داعش.
في الأيام الماضية صرح رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كامرون عن نية بلاده تغيير سياستها إزاء أي تدخل عسكري في سوريا، وذكر أن بريطانيا “سترفع مستوى الأداء، وتقوم بالمزيد” فيما يخص قتال داعش في العراق وسوريا. نحن في حركة أحرار الشام قد فقدنا ما يقارب ( ٧٠٠ )مقاتل في حربنا مع داعش، ونرابط حاليا مع حلفائنا على الأرض على جبهات مواجهة لهم تمتد حوالي (٤٥ ) كلم في محافظة حلب. إننا نعي تماما ماذا يعني مواجهة تهديد داعش، ولكن ما يجب أن يدركه كامرون هو أن تقويض مصالح السنة في المنقطة لصالح إيران وحلفائها سيزيد من قوة داعش، وقدرتها على التوسع.
نعتقد أن داعش لا تمثل تهديدا أمنيا وعسكريا فحسب، بل هي ظاهرة اجتماعية وفكرية يجب أن يتم مواجهتها على مختلف المستويات، وهذا يتطلب بديلا سنيا في سوريا يحل محل النظام وداعش في نفس الوقت.
إن حركة أحرار الشام- كفصيل إسلامي سني من الأغلبية- له حضور قوي وفعال في المشهد الثوري يقوم على بناء هذا البديل، ولكن هذا البديل -بالتأكيد- لن يكون وفق المعايير الغربية الليبرالية. كما نعلم جميعا، فإن الأنظمة السياسية ونماذج الحكم لا يمكن استيرادها إلى الشرق الأوسط، و أن يكتب لها النجاح والازدهار، فهناك تجارب تاريخية، ونسيج اجتماعي، وثقافة سياسية مختلفة كليا عن الغرب. إننا في سوريا نحتاج أن يكون هنالك دور أساسي ومحوري للدين في أي نظام سياسي يتولد عن النزاع الذي نعيشه اليوم، وهذا النظام السياسي يجب ان ينسجم مع عقيدة وديانة الأغلبية في سوريا، إن إنشاء أي شرعية سياسية جديدة يحتاج بالضرورة إلى طرح طبيعي وعملي، الأمر الذي كان غائبا عن طروحات المجتمع الدولي إلى الآن.
لقد ضاعت فرصة توجيه ضربة حاسمة للنظام، وإنهاء النزاع مبكرا منذ سنتين بسبب التصويت الذي قام به إد ميليباند, وما تلا ذلك من تساهل من قبل المجتمع الدولي السبب الذي جعل الأمور تتجه إلى الأسوء.
إن سياسة واشنطن الحالية التي تقوم على تقويض مصالح السنة في المنقطة مقابل التودد الى إيران سيزيد من صعوبة هزيمة داعش، وإنهاء نظام الأسد، وتحقيق حل سياسي. وبينما تستعد القوات الجوية البريطانية لمشاركة التحالف في قتال داعش في سوريا، فإن على الحكومة البريطانية أن تدرك أن هزيمة تنظيم الدولة يتطلب أمورا أكثر من مجرد إلقاء القنابل عليهم.
القنبلة النووية الإيرانية فرضية، قد تكون وقد لا تكون، بعد عشرة أعوام وفق الاتفاق النووي الذي وقّعته طهران مع القوى الكبرى صباح الثلاثاء الماضي، ولكن البراميل المتفجرة -التي تصنعها إيران، وترسلها للنظامين الطائفيين في العراق وسورية؛ لتُلقى بعد ذلك على رؤوس المدنيين- حقيقة، ويبدو أنه من النفاق الدولي أن ننشغل بالفرضية على حساب الواقع.
البراميل المتفجرة تقتل الآن، بينما تقرأ هذه المقالة، أطفالا ونساء في سورية والعراق، ولكنها لم ترد ولو بسطر في عشرات الصفحات التي رسمت اتفاق فيينا، والذي "بفضله سيحل السلام في الشرق الأوسط والعالم"، كما يمكن لأي سياسي أميركي أو أوروبي أسهم في صياغة الاتفاق الصعب أن يقول (فيما لو فاز) في حفلة تسلم جائزة نوبل للسلام.
إنها سلاح كراهية وليست سلاح حرب، لا تستحق علماء يحددون مواصفاتها ومحتوياتها، لا تحتاج إلى نسبة معينة من "التخصيب"، ولا لأجهزة طرد مركزي يجادل الخبراء في عددها والمسموح منها والممنوع. أي طالب بليد في الكيمياء يستطيع صنعها في ورشة رديئة إن توافرت لديه الحماية من المحاسبة والضمير الميت، واجتمع كل ذلك في طهران وبغداد ودمشق، ولو غفلت السعودية أكثر عن اليمن لصُنعت أيضا في صنعاء وصعدة، قنابل صمّمت دون أجهزة توجيه متطورة، هدفها معاقبة المدنيين وإرهابهم، إنها مثل سيارة مفخخة تترك في شارع جانبي لتنفجر وسط باعة جوالين أو طلبة مدارس، حينها تكون إرهابا، ولكنها حتى الآن سلاح حربي في العرف الأميركي والأوروبي، إنها سيارات مفخخة تُلقى من حوامات لمعاقبة المدنيين الذين تمردوا على النظام، ولا تستطيع أن تفرق بين مدرسة أو مقر عسكري.
لو أرادت الولايات المتحدة أن تجرّم قنابل الكراهية هذه، لكان سهلا عليها ذلك، تدفع بقضيتها إلى محكمة الجنايات الدولية، ثم مجلس الأمن، ثم تصدر قرارا يجرّم صانعيها وملقيها، ولكنها لم تفعل.
هي حسابات سياسية، الروس استخدموها بغزارة في حربهم في الشيشان خلال التسعينات، وجعلوا عالي العاصمة غروزني سافلها، فاستدعى بشار الأسد تجربتهم إلى حلب وحمص وريف دمشق ودرعا، ودمّر أجمل مدن الشام بقنابل صنعتها إيران، والآن يستخدمها جيش العراق الطائفي شريك واشنطن في الحرب على الإرهاب ضد المدنيين العراقيين، وليس "داعش"، فالخبير العسكري الأميركي يعرف هذه القنابل ومحدودية أثرها في المسلحين وفداحة أثرها في المدنيين.
ثمة احتجاجات عابرة في الإعلام الغربي، أو على لسان سياسيين وبرلمانيين هناك، ولكنها لم تصبح قضية سلم عالمي تستحق أن يجتمع وزراء خارجية ست دول كبرى من أجلها مع إيران؛ لمناقشتها والضغط عليها، ذلك أنهم جميعا لا يزالون يعيشون في "الخطر الافتراضي" الذي يهدد إسرائيل، متجاهلين "الخطر الواقعي" الذي تعيشه المنطقة.
لذلك، السعودية ومعظم دول الخليج وضحايا البراميل المتفجرة في سورية والعراق غاضبون ومتوجسون من اتفاق فيينا، فهذه البراميل وعلى خطورتها رمز للسياسة الإيرانية العدوانية في المنطقة، إنها "الحشد الشعبي" في العراق، وتهجير السنّة هناك، وانقلاب الحوثيين وصالح في اليمن، وقصفهم للمدنيين في كل مدينة رفضتهم، ومليشيات تشحن من أقصى الأرض، من باميان الأفغانية، لتدرب وتسلح لتمضي وتقتل حمويين وحلبيين وحماصنة لا يعرفونهم من قبل، ولا يمثلون عداء لهم، ناهيك عن مليشيات العدو القريب "حزب الله"، الذي يقاتل في الزبداني، وإيرانيين وعراقيين يقاتلون حول دمشق وفي حلب، لا تجوز مقارنتهم بالمقاتلين الأجانب في صفوف "داعش" أو "النصرة"، فهؤلاء خارج القانون، ولو عاد أحدهم إلى بلاده لاعتقل، ولكن المليشيات الشيعية تشحن في طائرات إيرانية رسمية تطير في مسارات جوية معتمدة من "الاتحاد الدولي للنقل الجوي"، ويعودون إلى بلادهم، ليتم الاحتفاء بهم "كأبطال أو شهداء" لا إرهابيين أو مجرمي حرب.
كمواطن، معني بأمنه وأمن أهله في هذا الشرق العربي الحزين، أجد أن السياسة الإيرانية العدوانية الحالية هي الخطر الداهم، وليس القنبلة النووية، وبالتالي أنا غير معني بالخطر "الافتراضي" المقبل، وهو ما يستوجب وقفة عالمية ضده، وقبل ذلك وقفة من الدول القادرة محليا على التصدي له، لذلك أؤيد وبقوة سياسة بلدي المملكة العربية السعودية، وأراها المشروع الوحيد الذي يمكن أن يحميني، بل ينقذ السوري واليمني والعراقي من التغول الإيراني، وسيكون التسامح مع إيران في مقابل "تنازلاتها" المزعومة في فيينا أكبر خطأ يمكن أن نقع فيه، حتى لو جاء ذلك بوعود ومواثيق من الرئيس الأميركي باراك أوباما الذي ما فتئ يرسل التعهدات والوعود لدول الخليج منذ اجتماع كامب ديفيد قبل أسابيع وحتى الأمس.
لقد قدمت دول الخليج وعدا للرئيس في قمة كامب ديفيد بدعم الاتفاق، وهو دعم يحتاجه في معركته المقبلة مع الكونغرس لتمريرها، ولكن حري بقادة هذه الدول والمملكة تحديدا وهي القوة الوحيدة القادرة والمستقرة في المنطقة والتي أنيطت بها ليس آمال شعوبها فقط بل كل شعوب المنطقة، أن تراجع أداء الإدارة الأميركية منذ احتفالية كامب ديفيد، هل تغيرت؟ هل تحسن دعمها وتعدلت رؤيتها للصراع في سورية؟ هل تدعم الجهد السعودي في اليمن لتحريره من الانقلاب الإيراني مثلما وعدت؟ الإشارات تقول إن لا جديد، المنطقة في حاجة إلى أفعال لا أقوال، وحتى ذلك الحين فإن تقديم دعم للاتفاق على بياض مضر للأمن القومي في المنطقة.
فمثلما تفاوض إيران بشراسة، يجب أن نفاوض مثلها وبشراسة أكبر، ومثلما تقاوم هي بقوة يجب أن نقاوم بقوة أكبر. للإيرانيين مشروعهم الذي يتعارض مع مشروعنا، ولا يوجد سبب لقبول طرح أوروبي حالم لا يعرف المنطقة وغير معني بأمن أهلها. إن ثمة مساحة يمكن أن يتقارب فيها المشروعان، فنحن نريد بناء المنطقة على أسس عدالة وتعددية، وهم يريدونها طائفية ضيقة.
موقف عربي صلب تقوده السعودية ضد الاتفاق ضروري لسلام المنطقة، طالما أن الخطر الافتراضي مقدّم على الخطر الواقع الآن. إنها وصفة لاتفاق سلام يفضي إلى حروب طائفية لا تنتهي، ولا حاجة للقول مرة أخرى إن هناك مشروعا سعوديا يرفض الهيمنة الإيرانية، وستواجهه بكل قوة، كما قال الراحل سعود الفيصل: "لسنا دعاة حرب، ولكن إن قُرعت طبولها فنحن جاهزون".
فن صناعة الكراهية يبدو اليوم عنوانا كبيرا مزاجها هنا في مناطق جنوب دمشق المحاصر بشكل خاص وتمتد أثاره على خارطة سوريا تقريبا عبر أعمال العنف أحيانا ، وأخرى بين أهل البلد والأخرين وبين المناطق الأخرى فيما بينها.
و تأخذ صناعة الكراهية أبعاد سياسيه في حالات عدة وقد تتجلى مظاهرها في احتقانات قد تتعدى حدود الخطابات ومع الأسف هذه المظاهر العدائية التي تظهر مشاعر التقاتل البدائية و التي ترفع جميعها شعارات دينية .
و تعتمد هذه الصناعة ، على ماقامت به البشرية من التفاف على القيم الاساسيه للأديان بوضعها رسالات سماويه اخلاقيه ، لتبرير تحيزات تقوم على مبررات مشحونة بتطبيق مساحة الهوية للفرد على حساب العديد من الأنتماءات التي يتم تهميشها لاسباب سياسيه في الأغلب يقودها أصحاب مصالح السلطة والسياسة ممن يتوسلون لدين وسيله للوصل إلى الحكم .
ويمتد هذا الأحتقان المناطقي والعشائري والعرقي من حدود الواقع إلى الواقع الإفتراضي على شبكات الإنترنت حيث يقوم الداعمون بعمل مواقع ترفع شعارات دينية يغلب عليه التعصب لعشيرة او منطقة لا علاقة بالثورة إطلاقا لا من قريب ولا من بعيد .
لن أتحدث عن الفيس بوك كنموذج في صناعة فن الكراهية ولاعن شبكات التواصل بل أتحدث عن "نحن من وإلى أين ؟.. "
ربما طال الأمد وطالت حياة أناس دنسو أرض إدلب وعاثوا فيها فساداً وظلما وسط انتظار وتروي وترقب لمئات العائلات المشردة في ريف إدلب وعلى الحدود السورية التركية تنتظر نزع السم القاتل القابع وسط المحافظة المحررة إلا من شرذمة أذناب حزب الله والحرث الثوري القابعين في بلدات كفريا والفوعة ولاسيما بعد إطلاق جيش الفتح لعدة عمليات من المقرر أن تحرر هذه البلدات دون أي عمل جاد حتى اليوم ودون معرفة الأسباب لذلك.
يقول أحد النازحين من مدينة بنش القريبة من بلدة الفوعة الموالية " انتظرنا طويلاً ومازلنا ننتظر ذلك اليوم الذي تنام فيه مدينة بنش ليلها دون قصف مدفعي قادم من روابض المدفعية والصواريخ في بلدات كفريا والفوعة ولا اعلم ما سبب تأخر جيش الفتح عن دخول هذه البلدات التي عاثت فساداً ورعباً وظلما بحق كل البلدات القريبة منها وحتى اليوم مازالت تقصف وبشدة كل المناطق ويكون رد الثوار بقصفها بالمثل ولكن هذا لم يعد يجدي وحان الوقت لوقفة شجاعة من فصائل الفتح وتوحيد الجهود واقحام البلدتين وحرق كل من فيها من عناصر حزب الله والحرث الثوري وشبيحة النظام فمن استطاع اقتحام مدينة محصنة كإدلب لن تعجزه بلدات صغيرة قطع عنها الدعم وهي تحت الحصار منذ أربعة أشهر ومازالت صامدة.
وتعتبر بلدات كفريا والفوعة أحد أهم مواطن الطائفة الشيعية المناصرة لنظام الأسد في إدلب والتي شارك أبنائها قوات النظام في عمليات القتل والتنكيل بحق الشعب في محافظة إدلب ولم يتركوا مجالاً للصفح أو العفو من قبل أهالي المنطقة وبلدات بنش وتفتناز وطعوم ومعرة مصرين وسرمين وسراقب وعشرات البلدات التي يطالها قصف أبناء هذه البلدات بشكل يومي دون أن تأبه لحصار أو قطع إمداد عنها لا بل زاد ذلك قيامهم بأعمالهم اليومية وزراعة الحقول المحيطة بالبلدات وجني محاصيلها دون أي اعتبار لفصائل جيش الفتح التي من المفروض أن تطبق الحصار عليها كما يحاصر النظام مناطق المدنيين في الغوطة والزبداني وحمص وحماة وحلب وعشرات المناطق في وقت حرم مئات الفلاحين من أبناء مدينة بنش ومعرة مصرين من الوصول لحقولهم وجني محاصيلهم التي حرقتها مدفعية الفوعة بعد استهدافها المتكرر براجمات الصواريخ وقذائف المدفعية الثقيلة.
وبعد سيطرة جيش الفتح على مدينة إدلب باتت هذه البلدات محاصرة بشكل كامل الى الشمال والشمال الشرقي من مركز المحافظة واستكمل جيش الفتح انتصاراته في المسطومة وأريحا ومحمبل تاركاً ورائه ذلك السم القاتل وسط جسد المحافظة ينهش بها كل يوم ويقتل أبنائها ورجالها بالمدفعية الثقيلة بالإضافة لعشرات الغارات الجوية التي ينفذها طيران الأسد الحربي بشكل يومي على البلدات المحيطة بها بغية حمايتها وأبعاد الثوار عنها كيف لا يفعل ذلك وهي من يتغنى اليوم بثباتها وصمودها في وجه جيش الفتح بعد اندحار أساطيره السابقة في القرميد والمسطومة ووادي الضيف سابقاً.
ووسط المعاناة والقصف اليومي تخرج مطالبات عدة لجيش الفتح أن يبدأ بعمل حقيقي وجاد لتحرير هذه البلدات من براثن الطائفة الشيعية وتخليص المنطقة من هذا الورم السرطاني القابع وسط جسد المحافظة عل أهل البلدات المجاورة تنعم بقسط من الراحة والهدوء بعيداً عن قصف مدافعها وظلم شبيحتها محذرة من مغبة السير وراء الأوامر الخارجية التي لا يخفى على أحد أنها تحاول منع هذه المعركة بحجة حماية الأقليات تحت ضغط إيراني كبير على الدول الداعمة لوقف أي عمل يستهدف بلدات كفريا والفوعة في وقت تشن فيه قواتها ومرتزقتها أعنف هجوم على بلدة الزبداني بعد أن دمرت منازلها وشردت أهلها فحق على جيش الفتح نصرتها والمعاملة بالمثل وسحق الطغاة في إدلب لتتوازن كفة الرعب التي يلعب النظام على وترها ويحاول كسر إرادة الشعب من خلالها.
اليوم اليوم وليس غداً حق عليكم قادة جيش الفتح أن تقفوا وقفة رجل واحد كما عهدناكم وأن تبدؤوا بدك حصون الطغاة في الفوعة وكفريا وتخلصوا محافظة إدلب الخضراء من شرذمة هشة ستسقط تحت أقدامكم في الوقت الذي يكون فيه العمل جاداً وحقيقاً بعيداً عن أي معارك إعلامية او بيانات وهمية لا تعطي للشعب حقه وتشفي غله من قاتليه.
يحتدم الصراع داخل هيئات المعارضة السورية حول من سيدعم المجلس العسكري المسؤول (شكلياً – بريستيجياً) عن قيادة المواجهة مع قوات الأسد و مواليه ، الصراع يتخذ أشكال متنوعة و غريبة ، بدأت بحل المجلس القديم من قبل الائتلاف ، و دراسة اعادة التشكيل من خلال لجنة خاصة و الآن مجلس قيادة الثورة يطلق اجتماعاً لتشكيل المجلس ...!؟
لعل الفشل الذي لحق كل الأشكال التي اتخذها التمثيل الخارجي للثورة ، سياسياً و حكومياً و عسكرياً و إنسانياً ، يراد به ان يلحق إلى من هم بالداخل كي لا يقال أن التمثيل الخارجي وحده الفاشل تماماً ، بل الثوار داخل سوريا قد فشليوا تماماً (وماحدا أحسن من حدا) ، كصيغة استهزائية على خلاف الوقائع التي سآتي على ذكرها على عجال .
من أشهر ست كان لنا لقاء مع رئيس الائتلاف المنتخب حديثاً خالد خوجة ، وتحدث حينها عن الشأن العسكري و توحيد الفصائل و تشكيل مجلس الثلاثين من الفصائل البارزة و قائمة المشروعات التي سمعناها في كل مرة يخرج بها الخوجة على الإعلام ، وكان الإعتماد وفق حديثة أنذاك على اللواء سليم إدريس ، و إن قلت حينها أن الإعتماد على نفس الكادر القديم سينبأ بفشل كل الخطط ، فهناك أشخاص حُرقت أوراقهم ، و إستخدامه من جديد فشل استباقي .
و مضت الأشهر ليصدر قرار المجلس العسكري ، و تشكيل لجنة من 9 أشخاص لدراسة تشكيل مجلس جديد يراعى تمثيل الفصائل الثورية الفاعلة على الأرض ، و سبق ذلك اجتماع هنا و هناك مع الفصائل وكان قيادات فصائل كبيرة قد التقى مع ممثلي الائتلاف و أغلب اللقاءات كانت بحضور الخوجة ، و لم يرشح شيء و لا أي كلام سوى ما سمعته أن الخوجة يحمل أخبار سارة في القريب العاجل و الجهود ستتكلل بالنجاح ، و كالعادة مضت الأيام ، لم نشمع عن ماهية الجهود التي بذلت و لم نر اي شيء ملموس .
اليوم اعلن مجلس قيادة الثورة عن عقده لمؤتمر في مدينة الريحانية التركية ، بغية إعادة هيكلة القيادة العسكرية الموحدة ، بما يتناسب مع القوى الثورية على الأرض (وفق ماجاء بدعوة المجلس للمؤتمر) ، هذا الإجتماع الذي رفضه الائتلاف و لم يعترف به و استبق ذلك بأن ما سيخرج عنه ليس ذو أهمية و ليسوا ذوي صلاحية للقيام بهذا العمل .
ولانعرف الصراع الدائر هنا و هناك و تدخل هذا التشكيل المعارضاتي و ذلك ، و ادعاء هذا الصلاحية و سحبها من ذلك ، لأجل مجلس لايملك على الأرض أي سيطرة و لاحتى أعضائه بقادرين على الدخول إلى أن منطقة اللهم بعض الجبهات و لكيلومترات محددة ، لم كل هذه "العجقة" ، و المؤتمرات و الإجتماعات و الهدر طبعاً بالمصاريف ... و على مبدأ "نحن مجتمعون فنحن موجودن إذاً"
إن المتأمل في السيرة النبوية يلحظ قيام رجال مغمورين بأعمال عظيمة ، ويعجب من طريقته صلى الله عليه وسلم في صناعة الرجال ، وإعداد الطاقات البشرية التي رأينا أثرها في قصص الصحابة الذين ضربوا أمثلة عظيمة في الإبداع الدعوي والخطابي والعلمي والتجاري والدبلوماسي الذي تجلى في حسن مقالتهم لملوك الأرض..
والملفت للنظر أن أكثر هؤلاء المبدعين لم يكونوا من الصف الأول ولا من الدائرة الضيقة حول الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم ، مما يدل على الإعداد القوي والتربية العظيمة التي تلقوها في مدرسة النبوة..
واليوم هناك ثغرات كثيرة في الثورة السورية ، ولكن أهمها - في نظري - ثغرة تنمية الطاقات والموارد البشرية..
والناس - في أصل الخلقة - " كالإبل المئة لا تكاد تجد فيها راحلة "، فكيف إذا أضيف لقلة الرواحل عقودٌ من التجهيل والطمس والقمع التي أنتجت أجيالًا خاوية إلا من رحم الله.
وتصبح هذه الثغرة أعظم ضررًا وأشد خطرًا إذا لاحظنا سياسة التطهير التي انتهجتها العصابات الطائفية في سورية والتي تقوم على استئصال شأفة المسلمين واستهداف نخبهم.
إن العنصر البشري هو الصندوق الأسود لكل ثورة ، وبدونه تموت الثورة في مهدها..
والثورة مهما بلغت من العطاء والتدفق فهي غير قادرة على تعويض النقص الحاد في الكوادر التي ترتقي يوميًا ، وكم رأينا من فصيل قد انفرط عقده لموت قائده ، أو مؤسسة قد انهارت بسبب ذهاب الصف الأول فيها..
ومع اتساع رقعة الثورة وتنوع متطلباتها تظهر الحاجة ماسة إلى الدماء الجديدة ، وإلى المؤسسات التي تعنى بإعداد وتأهيل الطاقات والكوادر الشبابية..
وكلما كان الناشط فاعلًا ومؤثرًا كان الحفاظ عليه أوجب وحصانته آكد ، وكم فقدنا من الطاقات بسبب بعض الاستعراضات الثورية " قائد عسكري ، قناص ، إعلامي ، طالب علم .. " ، فالواجب البعد عن الظهور الإعلامي الذي غالبًا ما تعقبه اغتيالاتٌ مؤلمة ، وعدم حرق الرموز في المناصب الوهمية والمعارك الجانبية ، وعدم الزج بهم فيما لا يحسنونه ، وعدم الاستجابة لاستفزاز الحاضنة الشعبية التي كثيرًا ما تطالب الناشط بأن يتحول إلى " سوبرمان الثورة " !!.
وقد كان من سياسة عمر رضي الله عنه إرجاع كبار الصحابة إلى المدينة ومنعهم من الخروج إلى الثغور والمعارك بعد أن لمس شدة الحاجة إليهم ، ورأى عظم الخطب بفقدهم في حروب الردة.
قال عمر رضي الله عنه لجلسائه يومًا : تمنّوا. فتمنّوا.
فقال عمر: لكنّي أتمنّى بيتًا ممتلئًا رجالًا مثل أبي عبيدة بن الجرّاح . سير أعلام النبلاء (1/14).