أعلن عضو الكونغرس الجمهوري "جو ويلسون"، عن تقديم مشروع قانون جديد لإلغاء "قانون قيصر" بشكل كامل، بما يشمل العقوبات المفروضة على سوريا، في خطوة اعتبرها مراقبون نقطة تحوّل رئيسية في السياسة الأمريكية تجاه دمشق.
وقال ويلسون في منشور عبر منصة "إكس" إنه قدم تشريعاً مشتركاً بين الحزبين الجمهوري والديمقراطي يقضي بـ"إلغاء قانون قيصر ومفاعيله كافة"، ويأتي هذا الإعلان بالتزامن مع دخول الترخيص العام رقم 25 حيز التنفيذ، والذي أصدرته وزارة الخزانة الأمريكية في 23 أيار، ويقضي برفع شامل وفوري للعقوبات الاقتصادية على سوريا، تماشياً مع قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الذي أعلن مؤخرًا نهاية العقوبات ضمن سياسة "أمريكا أولاً".
بحسب بيان صادر عن مكتب مراقبة الأصول الأجنبية (OFAC)، فإن الترخيص الجديد يتيح للشركات والمؤسسات الدولية إجراء تعاملات مالية وتجارية واستثمارية في القطاعات كافة، بما في ذلك الخدمات المصرفية والطاقة والبنية التحتية، وذلك بعد سنوات من العزلة الاقتصادية المفروضة خلال عهد النظام السابق بقيادة بشار الأسد.
وفي خطوة موازية، كانت أصدرت وزارة الخارجية الأمريكية قرارًا رسميًا بإعفاء سوريا من "قانون قيصر"، ما يفتح المجال أمام عودة التعاون الاقتصادي والإنساني مع دول المنطقة، ويتيح إطلاق مشاريع تنموية عاجلة لدعم تعافي البلاد.
وكان أكد وزير الخزانة سكوت بيسنت أن قرار الإدارة يهدف إلى دعم سوريا كدولة موحدة ومستقرة، معتبراً أن انتهاء حكم النظام السابق يمثّل بداية جديدة للسوريين، قائمة على السلام والكرامة والفرص.
بدورها، صرّحت تامي بروس، رئيسة الخدمة الصحفية في وزارة الخارجية، أن تعليق العقوبات يأتي ضمن رؤية استراتيجية لضمان الهزيمة الدائمة لتنظيم داعش، وتعزيز قدرات السوريين على بناء مستقبل اقتصادي مستدام.
وفي تصريحات لافتة، أكد المبعوث الأمريكي الخاص إلى سوريا أن الولايات المتحدة تطوي صفحة التدخلات والوصاية، وأن المرحلة المقبلة ستُبنى على الشراكة الإقليمية والدبلوماسية، بعيدًا عن الخرائط المصطنعة والتقسيمات المفروضة. وقال إن زمن "سايكس بيكو" انتهى، وإن واشنطن لن تسمح بتكرار أخطاء الماضي، مشددًا على أن فرصة السلام بدأت مع سقوط نظام الأسد البائد، كما ورد في خطاب ترامب الأخير في الرياض.
وأشار المبعوث إلى أن المأساة السورية لم تكن نتيجة العقوبات فقط، بل نتيجة انقسامات عميقة، موضحاً أن الوحدة والاستثمار في الإنسان السوري هي السبيل لتحقيق تعافٍ حقيقي.
وفي سياق التنسيق السياسي، كان عقد الرئيس السوري أحمد الشرع ووزير الخارجية أسعد الشيباني لقاءً مع المبعوث الأمريكي توماس باراك في مدينة إسطنبول، حيث ناقش الطرفان تفاصيل تنفيذ قرار رفع العقوبات، والتعاون في إطلاق مشاريع اقتصادية كبرى.
ونشر باراك تغريدة مطوّلة أشار فيها إلى أن الرئيس الشرع رحّب بإعلان وزير الخارجية ماركو روبيرو تعليق العقوبات لمدة 180 يومًا، ضمن خطة أميركية أوسع لإعادة إدماج سوريا في الاقتصاد الدولي، بعد سنوات من العزلة والعقوبات.
يُذكر أن رفع العقوبات جاء بعد القمة التي جمعت الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بالرئيس الشرع في الرياض، حيث دعا الأخير إلى تطبيع العلاقات مع دول المنطقة، بما في ذلك إسرائيل، ضمن إطار تعاون إقليمي يعزز الاستقرار.
وقال روبرت أرليت، المستشار الاستراتيجي في الحزب الجمهوري، إن قرار رفع العقوبات يشكّل محطة مفصلية في مسار استعادة الاستقرار في سوريا، مشددًا على أهمية دعم الشعب السوري لتجاوز ما تعرض له خلال العقود الماضية.
"قانون قيصر"، الذي دخل حيّز التنفيذ عام 2019 بعد تمريره في الكونغرس الأمريكي، كان يهدف إلى محاسبة نظام الأسد على الانتهاكات الجسيمة التي ارتكبها بحق السوريين، وقد استند إلى شهادات ومئات آلاف الصور التي سرّبها منشق عن النظام تحت الاسم المستعار "قيصر".
ورغم تأثيره الواسع في تقييد الاقتصاد السوري، فإن المرحلة السياسية الجديدة بعد سقوط النظام البائد دفعت بالولايات المتحدة إلى إعادة تقييم الأثر الإنساني والاقتصادي للعقوبات، وصولاً إلى قرار إلغائها بالكامل.