صورة اللواء محمد فارس
صورة اللواء محمد فارس
● أخبار سورية ٢١ أبريل ٢٠٢٤

عارض النظام فحاربه التهميش.. "محمد فارس" سيرة أول رائد فضاء سوري

غيب الموت رائد الفضاء السوري اللواء المنشق عن جيش النظام محمد فارس في مشفى سانكو بولاية غازي عنتاب التركية، مساء أمس الجمعة، بعد صراع مع المرض دام عدة شهور، منهياً مسيرة حافلة بالإنجازات والمواقف المشرفة المنحازة إلى مطالب الشعب السوري بالحرية والكرامة.

ويُعتبر فارس بطلاً قومياً في سورية، رغم التهميش الذي تعرض له اللواء فارس من نظامَي حافظ وبشار الأسد وعدم انخراطه في أي من الأجسام العسكرية والسياسية التمثيلية للثورة السورية، وهو حاصل على العديد من الأوسمة والتكريمات على المستويين العالمي والوطني.

واللواء فارس من مواليد 1951 في حي الموغامبو بمدينة حلب حيث قضى معظم حياته، وهو خرّيج الأكاديمية الجوية العسكرية وضابط سابق في سلاح الجو السوري بصفة طيّار مقاتل على الطائرة ميغ 21، كما كان مدرباً للطيران قبل أن يتم اختياره لتمثيل سورية بالفضاء الخارجي في 1987، وعمل مديراً للمعهد الجوي في سورية منذ 1998 حتى 2004. وفي نهاية 2004 رُفع إلى رتبة لواء وعيّن مديراً لإدارة التنظيم في قيادة القوى الجوية السورية.

وفارس هو أول سوري وثاني عربي يصعد إلى الفضاء الخارجي، وكانت رحلته ضمن برنامج الفضاء السوفييتي في مركبة الفضاء سويوز في رحلة إلى المحطة الفضائية مير في 22 تموز 1987، مع اثنين من رواد الفضاء الروس ضمن رحلة استمرت تسعة أيام كانت ضمن برنامج للتعاون في مجال الفضاء كان يقوم به الاتحاد السوفييتي السابق مع الدول الصديقة له.

وجرى اختيار فارس لتمثيل سورية بعد اختبارات صعبة أُجريت على 10 ضباط طيارين، في مجالات الصحة الجسدية والصحة النفسية والمعرفة العلمية، واختير ضابط آخر محسوب على النظام يدعى منير حبيب بديلاً لفارس في حال حدوث أي طارئ. وقال فارس في لقاءات إعلامية سابقة عن تجربته إن النظام بذل جهوداً لتكون الرحلة من نصيب حبيب، لكن الروس أصروا على اختياره هو لهذه الرحلة التي تم التحضير لها لمدة عامين في مدينة النجوم القريبة من موسكو.

أنجز محمد فارس خلال رحلته  13 تجربة علمية على متن المركبة الفضائية بالإضافة إلى عدة أبحاث في مجالات صناعية وجيولوجية وكيميائية وطبية وفي الرصد الفضائي والاستشعار عن بعد تم الإعداد لها في سورية، ووصفها في لقاءاته الإعلامية بأنها كانت جميعها تجارب ناجحة.

وتعرض فارس بعد عودته من رحلته الفضائية للتهميش من النظام السوري الذي حاول التعتيم على إنجازه، ووصف فارس ذلك بأنه كان تهميشاً متعمداً من رأس النظام، تبعه تهميش من كل أجهزة النظام، ووضح فارس أنه تم إقصاؤه حتى عن معظم اللقاءات الروتينية التي كانت تتم احتفاءً برواد الفضاء خارج سورية، حتى إنه تم إقصاؤه عن لقاء جمع حافظ الأسد مع رواد الفضاء الروس الذين كانوا برفقة فارس.

وقال فارس إنه عقب عودتهِ مِن الفضاء طلب مِن "حافظ الأسد" تأسيس معهدٍ قوميٍ لعلوم الفضاء بهدف مساعدة غيره مِن السوريين على الانخراط في أبحاث الفضاء، ولكن الأسد رفض مقترحه، كما بدأت الأجهزة الأمنية للنظام تطلق الإشاعات تقلل من أهمية الرحلة وأهمية الأبحاث التي أجراها، وكانت إحدى تلك الإشاعات التي أطلقتها الأجهزة تعقيباً على أبحاثه العلمية هي أن فارس كانت مهمته الجلوس في المركبة الفضائية فقط، وأنه كان يتم ضربه على يده كلما مدها على أحد الأجهزة في المركبة الفضائية، وعلق الفارس على تلك الإشاعة بأنه مد يديه وقال يداي سالمتان لم تتعرضا للضرب.

انضم فارس مع ابنه إلى صفوف المتظاهرين مع انطلاق الثورة السورية في آذار/مارس 2011، وفي عام 2012 انتقل هو وعائلته إلى مدينة كفرحمرة بريف حلب، كانت تحت سيطرة فصائل المعارضة السورية، هرباً من بطش النظام، وذلك بعد أن استشعر بالخطر الذي يتهدده في مدينة حلب.

انتقل فارس لاحقاً إلى مدينة غازي عنتاب في تركيا، ومن ثم إلى مدينة إسطنبول، وشارك فارس في العديد مِن الفعاليات والتظاهرات المناصرة للثورة، كما كانت له مشاركات في مؤتمرات ولقاءات ودروس في جامعات تركية، كما كانت الحكومة التركية تستشيره في بعض القضايا التي تخص اللاجئين السوريين في تركية.

لطالما عبر فارس عن أمنيته في أن تستفيد سورية من خبراته وخبرات زملائه الطيارين في بناء قوة جوية حقيقية للتصدي لأعداء سورية وليس لقتل أبناء الوطن.

اللواء فارس متزوج من السيدة هند عقيل التي أسست خلال وجودها في تركيا جمعية اللمة السورية، تعنى بشؤون اللاجئين السوريين. وحاز فارس الجنسية التركية، وصنّفه الهلال الأحمر التركي بأنه أول رائد فضاء تركي كونه نال الجنسية.

وأطلقت صحيفة "ذا غارديان" البريطانية على فارس لقب "آرمسترونغ العرب" وسُمي مطار وشوارع باسمه في سورية، وكانت رغبته التي أعلنها قبل وفاته أن يعيش في بلده ويشاهد أطفاله يلعبون بسلام من دون خوف من القنابل.

المصدر: موقع "العربي الجديد"

الكاتب: فريق العمل
مشاركة: 

اقرأ أيضاً:

ـــــــ ــ