
"أكسيوس": مباحثات تمهيدية بين سوريا وإسرائيل برعاية أميركية وملف الجولان يتصدر النقاش
كشف موقع "أكسيوس" الإخباري، عن أن إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب بدأت بإجراء "مباحثات تمهيدية" غير معلنة بين سوريا وإسرائيل، بهدف التوصل إلى اتفاق أمني مشترك، في خطوة يُنظر إليها على أنها تمهيد لتطبيع محتمل ومفاوضات سلام في المستقبل القريب.
ووفقاً لما نقله الموقع عن مصادر أميركية وإسرائيلية مطلعة، فإن المحادثات تركز على تحديث الترتيبات الأمنية في المنطقة الحدودية، وتخفيف التوترات المزمنة، في ظل مؤشرات على استعداد الطرفين للنظر في ترتيبات جديدة قد تُفضي إلى اتفاق شامل.
إلا أن إسرائيل، بحسب تلك المصادر، تشدد على ضرورة ضمان أن يُفضي أي حوار إلى سلام رسمي ونهائي، رغم اعترافها بأن العملية ستكون معقّدة وتتطلب وقتاً، لا سيما بسبب القضايا السيادية العالقة، وفي مقدمتها مصير هضبة الجولان المحتلة.
وفي السياق ذاته، صرّح المبعوث الأميركي الخاص إلى سوريا، توماس باراك، في مقابلة مع قناة الجزيرة، أن حكومة الرئيس السوري أحمد الشرع "تجري محادثات هادئة مع إسرائيل تشمل مختلف القضايا"، مؤكداً أن الإدارة السورية الجديدة لا تسعى إلى صراع جديد مع تل أبيب، بل تبحث عن حلول طويلة الأمد. وأضاف باراك أن "منح فرصة للقيادة السورية الجديدة هو أمر منطقي وضروري في هذه المرحلة المفصلية".
وفي منشور سابق له على منصة "إكس"، كتب باراك أن "سوريا الجديدة تولد من الحقيقة والمساءلة والتعاون الإقليمي"، معتبراً أن نهاية نظام بشار الأسد فتحت الباب للسلام، وأن قرار رفع العقوبات يهدف إلى تمكين الشعب السوري من إعادة البناء والانفتاح على العالم.
من جهتها، نقلت صحيفة "يديعوت أحرونوت" الإسرائيلية عن مسؤولين قولهم إن من غير المرجح أن يوافق الرئيس أحمد الشرع على توقيع اتفاق سلام دون انسحاب إسرائيلي من الجولان المحتل، في إشارة إلى العقبة الرئيسية التي تعيق التوصل إلى تسوية نهائية.
وذكرت الصحيفة أن إدارة ترامب تتابع تفاصيل هذه المفاوضات عن كثب، والتي لا تقتصر على الأمن بل تشمل أيضاً ملفات سيادية حساسة مثل الجولان.
في المقابل، أفادت صحيفة "الأخبار" اللبنانية نقلاً عن مصادر سورية مطلعة بأن الرئيس الشرع "منفتح على إقامة علاقات دبلوماسية مع إسرائيل"، لكنه يفضل حالياً تبني صيغة "عدم الحرب" بدلاً من التطبيع الكامل.
وأشارت تلك المصادر إلى أن المفاوضات الجارية تتركز حول صيغة انسحاب تدريجي للقوات الإسرائيلية من الأراضي التي دخلتها بعد سقوط نظام الأسد في 8 كانون الأول/ديسمبر 2024، مقابل إعلان سوري رسمي بإنهاء حالة الحرب.
وتشير التسريبات إلى أن الولايات المتحدة تُمارس ضغوطاً دبلوماسية على الطرفين لدفع المفاوضات نحو اتفاق، وسط جهود وساطة تشارك فيها أطراف عربية منخرطة في "اتفاقيات أبراهام"، حيث أكد الرئيس ترامب مؤخراً في مقابلة مع قناة "فوكس نيوز" أنه قرر رفع العقوبات عن سوريا "بناءً على طلب من دول صديقة" بغرض إنجاح المسار التفاوضي.
وتُعدّ هضبة الجولان من أبرز القضايا الخلافية في هذا الملف، إذ تحتل إسرائيل نحو 1200 كيلومتر مربع من الأراضي السورية منذ حرب عام 1967، وضمّتها لاحقاً في خطوة لم يعترف بها سوى الولايات المتحدة.
وقد جدد وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر موقف حكومته، قائلاً: "لا يمكن لأي اتفاق سلام أن يُبرم من دون بقاء الجولان تحت السيادة الإسرائيلية"، بينما تؤكد دمشق أن "استعادة الأراضي المحتلة هو شرط سيادي لا يقبل المساومة".
وفي ظل هذا الواقع المعقّد، يرى مراقبون أن المحادثات بين دمشق وتل أبيب دخلت مرحلة دقيقة، محكومة بتوازنات داخلية وخارجية، وتقاطعات إقليمية ودولية، وبينما تطرح الحكومة السورية رؤية مشروطة للسلام، فإن تمسكها بالثوابت الوطنية، وعلى رأسها استعادة الجولان، يبقى المعيار الأهم في أي اتفاق محتمل، وسط ترقب واسع لما قد يُعلن عنه في النصف الثاني من العام الجاري.