
الشبكة السورية تُدين الإهمال الدولي والأممي في الاستجابة لحرائق اللاذقية وتُشيد بالتفاعل الإقليمي
أدانت الشَّبكة السورية لحقوق الإنسان في بيان لها بعنوان “الإهمال الدولي والأممي المتكرر في سوريا: من زلزال شباط/فبراير 2023 إلى حرائق تموز/يوليو 2025”، الاستجابة الدولية المتقاعسة لكارثة الحرائق البيئية التي اجتاحت المناطق الساحلية السورية منذ 30 حزيران/يونيو 2025، والتي تُمثل واحدة من أعنف الكوارث البيئية في التاريخ السوري المعاصر.
وقالت الشبكة إن هذه الكارثة تكشف عن مستوى صادم من الإهمال الذي يواجهه السوريون حتى في أقسى ظروفهم الإنسانية.
وأوضحت أنه خلال ستة أيام متتالية، التهمت النيران أكثر من 14,000 هكتار من الغابات والأراضي الزراعية – ما يعادل 140 كيلومتراً مربعاً – وهو ما يُمثل أكثر من 4 % من إجمالي الغطاء الحرجي في البلاد، وامتدت رقعة الدمار إلى 34 موقعاً رئيساً في أرياف محافظتي اللاذقية وطرطوس، شاملة مناطق ذات أهمية بيئية حيوية مثل جبل التركمان، الفرنلق، رأس البسيط، قسطل، معاف وربيعة.
شكّلت الحرائق جبهة نشطة امتدت لأكثر من 23 كيلومتراً، مهددة بشكل مباشر محمية الفرنلق – آخر الغابات الساحلية الكثيفة المتبقية في سوريا. وقد اضطرت مئات العائلات إلى إخلاء منازلها في قرى بيت عيوش، المزرعة، صبورة، والبسيط، مع تضرر أكثر من 5000 شخص بشكل مباشر وتسجيل مئات النازحين.
تُجسد استجابة المجتمع الدولي لهذه الكارثة واحدة من أبرز حالات الفشل الإنساني في التاريخ المعاصر، فحتى الآن، اقتصرت مشاركة الأمم المتحدة على ما وصفته بـ “التقييمات العاجلة” بعد أربعة أيام كاملة من اندلاع النيران، بينما كانت الحرائق تلتهم آلاف الهكتارات كل ساعة.
وقالت إن الاتحاد الأوروبي لم يتفاعل مع الكارثة طوال ستة أيام، رغم ادعائه الدائم الريادة في قضايا المناخ والبيئة، ورغم امتلاكه لآلية الحماية المدنية الأوروبية التي تتيح إرسال فرق إطفاء ومروحيات متخصصة إلى أي نقطة داخل القارة خلال أقل من 24 ساعة.
ووفق الشبكة، لم تُنسّق جامعة الدول العربية أي استجابة جماعية، رغم كون الكارثة تمس منطقة عربية، فيما بقي البنك الدولي صامتاً تماماً، ولم يُقدّم أي دعم طارئ رغم أنَّ آثار الحرائق طالت البنية التحتية والاقتصاد السوري بشكل مباشر.
وفي مقابل هذا الصمت الدولي، قدّمت دول الجوار السوري نموذجاً فاعلاً وسريعاً للاستجابة الإنسانية، حيث أرسلت تركيا مروحيتين و11 سيارة إطفاء فور تلقيها نداء الاستغاثة في 5 تموز/يوليو، وبادر الأردن بإرسال فرق دفاع مدني متخصصة ومروحيتين من طراز “بلاك هوك” مزوّدتين بأنظمة إطفاء حديثة، كما أن لبنان ورغم أزماته الاقتصادية العميقة، تمكّن من إرسال مروحيتين في 7 تموز/يوليو.
تُعد الاستجابة الدولية المتأخرة - وفق الشبكة - خرقاً لعدد من المبادئ الأساسية في القانون الدولي العام منها انتهاك مبدأ عدم التمييز حيث يُشكّل التفاوت في سرعة وكثافة الاستجابة الدولية للكوارث الطبيعية بين سوريا ودول أخرى انتهاكاً مباشراً لمبدأ عدم التمييز، أحد الركائز الجوهرية في القانون الدولي.
كذلك إخلال بالالتزامات البيئية الدولية، إذ يمثل غياب التدخل الدولي إخلالاً واضحاً بالالتزامات البيئية المنصوص عليها في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ واتفاق باريس للمناخ.
وأكدت الشبكة أن هذا الإخفاق يُعيد إلى الأذهان نفس النمط من التقصير الذي شاب التعامل مع زلزال شباط/فبراير 2023، حين اضطر مارتن غريفيث، وكيل الأمين العام للشؤون الإنسانية ومنسق الإغاثة في حالات الطوارئ في الأمم المتحدة في ذلك الوقت، إلى الإقرار بأنَّ المنظمة “خذلت حتى الآن الناس في شمال غرب سوريا”.
وطالبت الشَّبكة السورية لحقوق الإنسان الأمم المتحدة بإعلان حالة الطوارئ البيئية في سوريا وتفعيل صندوق الاستجابة المركزية للطوارئ بمبلغ لا يقل عن 75 مليون دولار أمريكي، ونشر فرق تقنية متخصصة من مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية وبرنامج الأمم المتحدة للبيئة خلال 24 ساعة، وتشكيل لجنة تحقيق مستقلة للتحقيق في أسباب تأخر الاستجابة الأممية وتقديم تقرير خلال 30 يوماً.
وطالبت الاتحاد الأوروبي بتفعيل آلية الحماية المدنية الأوروبية لإرسال فرق إطفاء ومعدات متخصصة خلال 48 ساعة، وإطلاق مبادرة أوروبية للعدالة المناخية في منطقة البحر المتوسط تشمل سوريا كشريك فعلي.
وأشارت إلى أن ما حدث خلال الأيام الستة الكارثية لا يمكن وصفه إلا بكونه تقصيراً فاضحاً في أبسط مبادئ التضامن الإنساني والالتزامات المنصوص عليها في القانون الدولي، لقد تحوّلت كل ساعة تأخير إلى مزيد من الخسائر والمعاناة، في انتهاك واضح للالتزامات التي يجب أن تضمن الحماية لكل إنسان دون تمييز، بغض النظر عن جنسيته.