سوريا
سوريا
● أخبار سورية ١٠ أكتوبر ٢٠٢٥

الشيباني: نفتح صفحة جديدة من العلاقات مع لبنان تقوم على الاحترام والمصالح المتبادلة

قال وزير الخارجية السوري أسعد حسن الشيباني في تصريح للصحفيين عقب لقائه نظيره اللبناني يوسف رجي في بيروت، إن زيارته إلى لبنان "تعبّر عن توجّه سوريا الجديدة الذي يكنّ للبنان كل الاحترام"، مؤكداً أن الزيارة تأتي في إطار العمل على تعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين.

وأوضح الشيباني أن دمشق "تعمل على إعادة بناء العلاقات مع لبنان على أساس المصالح المتبادلة وسياسة حسن الجوار"، مشيراً إلى رغبة الجانبين في "تجاوز أخطاء الماضي التي كانت سوريا ولبنان من ضحاياها على حدّ سواء".

من جهته، قال وزير الخارجية اللبناني يوسف رجي إن "هناك حسن نية واضحة بين لبنان وسوريا في الالتزام ببناء علاقات ثنائية وطيدة"، مؤكداً أن البلدين "يسيران في مسار جديد من التنمية والازدهار الاقتصادي والتعاون المتبادل بما يخدم مصلحة الشعبين".

وفي تصريح آخر عقب لقائه الرئيس اللبناني جوزيف عون، أوضح الوزير الشيباني أن سوريا "تسعى إلى إطلاق علاقات تجارية واستثمارية جديدة مع لبنان"، لافتاً إلى أن بلاده "تعيش مرحلة من التعافي وإعادة الإعمار، ويجب أن ينعكس هذا التعافي إيجاباً على لبنان والمنطقة".

كما عبّر الوزير الشيباني عن شكر بلاده للبنان على استضافته اللاجئين السوريين خلال السنوات الماضية، مؤكداً أن "دمشق تعمل على عودتهم إلى وطنهم ضمن خطة دولية تضمن عودتهم الكريمة والآمنة".

وأضاف أن الزيارة تمثّل خطوة جديدة في مسار التعاون السوري – اللبناني، وتؤكد التزام الجانبين بإرساء علاقات قائمة على الثقة المتبادلة والمصالح المشتركة بين الشعبين الشقيقين.

الشيباني في بيروت: محطة تأسيسية لمسار جديد في العلاقات السورية - اللبنانية
وكان وصل وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني، صباح اليوم الجمعة، إلى العاصمة اللبنانية بيروت في أول زيارة رسمية تتضمّن سلسلة لقاءات مع عدد من كبار المسؤولين اللبنانيين، من بينهم وزير الخارجية يوسف رجي، ورئيس الجمهورية جوزيف عون، ورئيس الحكومة نواف سلام.

وتحمل الزيارة طابعًا سياسيًا ودبلوماسيًا رفيعًا، إذ تهدف إلى بحث الملفات العالقة بين البلدين، وفي مقدّمتها ملف الموقوفين السوريين في السجون اللبنانية، وضبط الحدود المشتركة، ومكافحة عمليات التهريب، إلى جانب متابعة نتائج اللقاءات السابقة بين القيادتين السورية واللبنانية.

خلفية اللقاءات بين القيادتين
تأتي زيارة الشيباني بعد أقل من شهر على اللقاء الذي جمع الرئيس السوري أحمد الشرع بنظيره اللبناني جوزيف عون على هامش القمة العربية الإسلامية الطارئة في الدوحة منتصف سبتمبر الماضي.

وكان اللقاء قد شكّل دفعة مهمة في مسار الحوار الثنائي، حيث تناول قضايا حساسة أبرزها ترسيم الحدود البحرية، وملف النازحين، والموقوفين السوريين في لبنان، مع الاتفاق على استمرار التواصل بين وزيري الخارجية في البلدين وتشكيل لجان متخصّصة لمتابعة الملفات الأمنية والاقتصادية.

زيارة مؤجّلة وحوارات صعبة
زيارة الشيباني إلى بيروت هي الأولى له منذ تولّيه المنصب، وقد تأخرت لاعتبارات مرتبطة بملف الموقوفين السوريين الذي يشكّل، من وجهة نظر دمشق، المدخل الأساسي لتحسين العلاقات بين البلدين، إلا أن النقاشات المستمرة بين اللجان المشتركة أظهرت أن تسويته تحتاج إلى وقت أطول مما كان متوقعًا.

وتطالب دمشق بفتح السجون اللبنانية وإطلاق سراح جميع الموقوفين السوريين، بينما اقترح الجانب اللبناني تصنيفهم إلى ثلاث فئات: محكومون بجرائم خطيرة تتضمن أعمالًا أمنية أو اعتداءات على الجيش، موقوفون بجرائم جنح بسيطة، وموقوفون لم تصدر بحقهم أحكام بعد.

تباين في المواقف
لبنان عرض إطلاق سراح المحكومين بجرائم خفيفة وتسريع محاكمة غير المحكومين، مع إعادة النظر في ملفات المدانين بجرائم أمنية لا تتعلق بمواجهة الجيش اللبناني، لكن دمشق أبدت تحفظًا على هذا الطرح، معتبرة أن الملف لا يجوز أن يكون موضوع تفاوض أو مقايضة، وطالبت بإطلاق سراح جميع الموقوفين، ولا سيما الذين أُوقفوا لأسباب سياسية أو لانتمائهم إلى فصائل المعارضة السورية في السنوات الماضية.

آليات قضائية وتبادل مطالب
في الاجتماع الأخير بين اللجنتين السورية واللبنانية، طرح الجانب اللبناني إنشاء آلية قضائية مشتركة تتيح نقل الموقوفين السوريين لمحاكمتهم أو استكمال محكومياتهم في سوريا، على أن تُعدّ لوائح بأسمائهم وتُحدد آلية التسليم بعد توقيع الاتفاقية القضائية.

وفي المقابل، طالب لبنان دمشق بتقديم ملفات ومعلومات حول قضايا أمنية عالقة، بينها أسماء متهمين بجرائم ارتُكبت في لبنان مثل اغتيال الرئيس بشير الجميل، ولا سيما حبيب الشرتوني، إضافة إلى أي معلومات متعلقة بعمليات أمنية سابقة.

وقد أبدى الوفد السوري استعدادًا للتعاون وتقديم ما يتوافر من معلومات، لكنه أشار إلى أن معظم بيانات النظام السابق إما أُحرقت أو نُقلت إلى روسيا عقب سقوطه، مؤكدًا أن دمشق تتعامل مع هذه القضايا وفق الأطر القانونية، وأنها سلّمت بالفعل بعض المطلوبين عندما توفرت أدلة كافية ضدهم.

الترسيم والحدود... ملف لا يقل تعقيدًا
لا يقتصر الخلاف السوري-اللبناني على ملف الموقوفين، إذ ما زال ملف ترسيم الحدود البرية والبحرية بحاجة إلى توافق سياسي، ورغم استمرار التنسيق الميداني بين الجيشين في إطار غرفة العمليات المشتركة، فإن دمشق تطالب بانسحاب الجيش اللبناني من نقاط تعتبرها تابعة لأراضيها منذ أحداث عرسال عام 2014، في حين يؤكد الجانب اللبناني أنه يتمركز ضمن حدوده السيادية.

ويتوقع أن يكون هذا الملف جزءًا من مسار الترسيم الشامل الذي تعمل عليه اللجان المشتركة بدعم من المملكة العربية السعودية، التي تبدي اهتمامًا واضحًا بإعادة ترتيب العلاقات بين البلدين وتشجيع الحوار المباشر بينهما.

حساسية الملف الأمني
تفضّل دمشق تجنّب أي سجالات إعلامية أو سياسية مع لبنان، مؤكدة أن ملف الموقوفين لا يجب أن يتحول إلى ورقة مقايضة، وفي المقابل، حذّرت من أن أي مطالبة لبنانية بتسليم شخصيات محسوبة على النظام السابق قد تُقابل بمطالب سورية بتسليم ضباط وشخصيات تورطت في جرائم داخل سوريا أو لجأت إلى لبنان.

نحو مرحلة جديدة من التعاون
تعتبر زيارة الشيباني إلى بيروت محطة تأسيسية لمسار جديد من العلاقات السورية-اللبنانية، يقوم على معالجة الملفات الخلافية بروح الشراكة والتنسيق، ويمهّد لرفع مستوى التمثيل الدبلوماسي وفتح الحدود أمام المواطنين من الجانبين دون قيود، كما يتوقّع أن تشمل المرحلة المقبلة بحث مشاريع اقتصادية مشتركة تشمل خطوط النقل والتجارة والترانزيت والطاقة، بما يعزز التكامل بين البلدين.

الكاتب: فريق العمل
مشاركة: 

اقرأ أيضاً:

ـــــــ ــ