العودة إلى الديار: خيام على أنقاض الدمار تعكس إصرار السوريين على الحياة
العودة إلى الديار: خيام على أنقاض الدمار تعكس إصرار السوريين على الحياة
● أخبار سورية ٦ مايو ٢٠٢٥

العودة إلى الديار: خيام على أنقاض الدمار تعكس إصرار السوريين على الحياة

زالت العقبة الكبرى التي كانت تحول بين السوريين وعودتهم إلى ديارهم، بعد أن سقط الإرهابي بشار الأسد، وفرّ هاربًا إلى روسيا، متجاهلًا شعارات الصمود والمقاومة التي لطالما أرهق بها مسامعنا خلال فترة حكمه، وروّجت لها وسائل الإعلام المنضوية تحت رايته.


 سقوط الطاغية، أُفسح المجال أمام النازحين للعودة إلى قراهم ومدنهم الأم، حيث استقبلتهم الحياة لأول مرة، وعاشوا فيها أجمل الذكريات التي كانت تراودهم خلال وجودهم في بلدان النزوح، فتتقد الأشواق ويغمرهم شعور الحسرة.

لكن جرائم الأسد وجيشه، والممارسات الوحشية التي ارتكبوها في تلك القرى والمدن، أفسدت فرحة السوريين بالنصر. فمعظم المنازل مهدّمة، والوضع الخدمي سيئ، وظروف مناطق العودة غير مهيأة لعيش حياة طبيعية. وتناقلت وسائل الإعلام صوراً ومقاطع فيديو توثّق حجم الدمار الذي سبّبه قصف النظام وتخريب قواته أثناء تواجدهم هناك، انتقامًا من المدنيين.

ومع ذلك، فإن السوريين الذين تحدّوا الأسد على مدار 14 عاماً، وخرجوا في الاحتجاجات، وصبروا على القصف والنزوح وسائر مآسي الحرب، لم يتوقفوا عند دمار البنية التحتية وسوء الأوضاع، ولم يسمحوا للعقبات بأن تمنعهم من العودة. ومن أبرز الأمثلة على ذلك أهالي قرية الأربعين شمال حماة، الذين رجعوا إليها بعد سنوات، فنصبوا خيامهم فوق أنقاض منازلهم التي دمّرها النظام البائد، في مشهد يعكس إصرارهم على العودة والاستقرار، وتمسّكهم بأرضهم رغم الدمار.

وتعاني هذه القرية من عقبات عدة، وثّقها مقطع فيديو انتشر عبر وسائل التواصل الاجتماعي، أبرزها: دمار المنازل، وجود الألغام، انتشار الأفاعي، وغياب المياه المجانية، وغيرها من الصعوبات التي تعيق الحياة الطبيعية.

وانتشرت صورة لخيمة نُصبت في المكان لعائلة عائدة، عكست معاني وأفكاراً تبناها الشعب السوري، أهمها أن العودة ضرورة، حتى لو كانت فوق الركام، فهي قرار لا رجعة فيه. كما تشير الصورة إلى روح الصمود التي يتحلى بها السوريون في مواجهة الأزمات، فالصمود خيارٌ اختاروه، وليس مجرد شعار كما كان يردده الأسد في خطاباته الرنانة.

ويرفض الأهالي الانتظار أكثر في المخيمات، فهم يدركون أن قراهم أولى بهم في هذا الوقت، وتحتاج إلى جهودهم ونشاطاتهم لإعادة بنائها واستعادتها. فالأرض هوية لا تقبل المساومة. في الوقت ذاته، يوجّه العائدون من قلب الركام نداءً إلى المجتمع الدولي والمنظمات الإنسانية، يطالبون فيه بالحد الأدنى من الدعم لتثبيتهم في أماكنهم، ويؤكدون أن من عاد لا ينوي المغادرة، بل يحتاج إلى شراكة للبقاء.

وقد عادت آلاف العائلات إلى قراها، ووفق تقديرات مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين (UNHCR)، فإن أكثر من 1.4 مليون سوري عادوا إلى ديارهم منذ ديسمبر 2024 وحتى أبريل 2025، عقب سقوط نظام بشار الأسد. من بين هؤلاء، عاد حوالي 400 ألف لاجئ من دول الجوار مثل تركيا ولبنان والأردن، بينما عاد أكثر من مليون نازح داخلي إلى مناطقهم الأصلية داخل سوريا.

عودة السوريين إلى ديارهم، رغم كل المعوقات والمخاطر، ليست مجرد حركة سكانية، بل هي فعل مقاومة حقيقي ضد القهر والتهجير، ورسالة واضحة بأن الشعب الذي ثار من أجل حريته، لا يقبل أن يُسلَب أرضه أو كرامته. وبين الأنقاض، تولد إرادة الحياة من جديد، ليعيد السوريون بناء وطنهم بسواعدهم، مهما طال الطريق.

الكاتب: فريق العمل
مشاركة: 

اقرأ أيضاً:

ـــــــ ــ