
المبعوث الأمريكي إلى سوريا: نثق بالحكومة الجديدة.. ولا تقدم في المحادثات مع الأكراد
قال المبعوث الأمريكي الخاص إلى سوريا، في تصريحات نقلتها وكالة "أسوشيتد برس"، إن بلاده تتابع عن كثب تطورات الملف السوري، مؤكداً أن واشنطن لا ترى حتى الآن أي تقدم حقيقي في المحادثات الجارية بين الحكومة السورية المركزية وممثلي قوات سوريا الديمقراطية (قسد)، فيما شدد في الوقت ذاته على الثقة الكاملة بالحكومة السورية وجيشها الجديد.
وفي سلسلة تصريحات، أشار المبعوث إلى أن قوات سوريا الديمقراطية كانت شريكًا هامًا للولايات المتحدة في الحرب ضد تنظيم الدولة، مؤكداً على ضرورة ضمان مستقبل سياسي وأمني واضح لها في سوريا الجديدة.
وقال: "نريد التأكد من حصول قوات سوريا الديمقراطية على فرصة محترمة للاندماج في بنية الحكومة السورية"، في إشارة إلى مساعٍ أمريكية لتقريب وجهات النظر بين الطرفين، وإنهاء حالة التوتر القائمة في بعض المناطق الشمالية والشرقية من البلاد.
وفيما يتعلق بالوجود العسكري الأمريكي في سوريا، أوضح المبعوث أن واشنطن "ليست في عجلة من أمرها" لسحب قواتها بشكل كامل، وأن الأولوية الحالية تتركز على ضمان الاستقرار ومنع عودة التهديدات الإرهابية.
وتحمل هذه التصريحات دلالة واضحة على تغير في الموقف الأمريكي من دمشق بعد تشكيل الحكومة السورية الجديدة، حيث أكد المبعوث أن بلاده "تثق ثقة كاملة في الحكومة السورية وجيشها"، في واحدة من أوضح الإشارات حتى الآن إلى انفتاح دبلوماسي أمريكي على السلطة الجديدة بعد سقوط النظام السابق.
وبينما تحاول واشنطن الحفاظ على توازن في علاقاتها مع الأطراف السورية المختلفة، يُفهم من التصريحات أن الإدارة الأمريكية تدفع باتجاه تسوية سياسية تشمل دمج قسد في المؤسسات الرسمية، دون تقويض وحدة الدولة السورية.
وكانت أفادت مصادر إعلامية سورية بأن الحكومة السورية رفضت خلال اجتماع رسمي في دمشق عدداً من المقترحات التي تقدّم بها وفد قوات سوريا الديمقراطية (قسد)، مؤكدة تمسّكها الكامل ببنود اتفاق آذار، ومشددة على ضرورة تنفيذ الاتفاق دون تأخير أو التواء.
وبحسب ما نقلته هذه المصادر، فقد أصرّ وفد قسد على الانضمام إلى الجيش السوري كقوة مستقلة تحت مسمى "قوات سوريا الديمقراطية"، مع الإبقاء على هيكليته العسكرية والإدارية، وهو ما رفضته دمشق بشكل قاطع، مؤكدة أن "لا مكان لأي تشكيل عسكري مستقل خارج إطار مؤسسة الجيش العربي السوري".
كما طالبت الإدارة الذاتية، وفق المصادر ذاتها، بتكريس نظام حكم لا مركزي يمنحها صلاحيات واسعة في شمال شرقي البلاد، تشمل الإدارة المحلية والأمن الداخلي، وهو ما اعتبرته الحكومة السورية مخالفاً لمبدأ السيادة ووحدة الدولة.
وخلال الاجتماع، شددت الحكومة على أن جميع المناطق السورية، بما في ذلك شمال شرق البلاد، يجب أن تخضع للسلطة الإدارية والأمنية المركزية في دمشق، ودعت وفد قسد إلى التوقف عن المماطلة والالتزام الصارم بتنفيذ اتفاق آذار، محذّرة من أن الاستمرار في تأجيل التنفيذ ومحاولات الالتفاف على الاتفاق قد تؤدي إلى "تداعيات خطيرة لا تصب في مصلحة أي طرف".
وبحسب المصادر الإعلامية السورية، فإن وفد قسد طلب تمديد الفترة الزمنية المقررة لتنفيذ الاتفاق، مشيراً إلى تعقيدات داخلية وظروف ميدانية تتطلب مزيداً من الوقت.
يُشار إلى أن اتفاق آذار الذي تم توقيعه بوساطة دولية، ينص على إعادة دمج المؤسسات الرسمية في مناطق شمال شرقي سوريا، وإعادة هيكلة القوات المحلية ضمن الجيش السوري، بما يعزز وحدة الدولة ويُنهي حالة الازدواج الإداري والعسكري في تلك المناطق.
جاء الاجتماع الأخير في دمشق في سياق استمرار المباحثات التي بدأت منذ توقيع اتفاق آذار بين الحكومة السورية وقسد، والذي تم بوساطة أميركية، ويهدف إلى إعادة دمج مؤسسات الدولة السورية في شمال شرق البلاد، وتوحيد البنية العسكرية تحت مظلة الجيش السوري.
وكانت زيارة المبعوث الأميركي الخاص إلى سوريا، توماس باراك، إلى دمشق يوم الأربعاء قد شكّلت دفعة سياسية لهذه المحادثات، حيث أكد باراك خلال لقائه الرئيس السوري أحمد الشرع أن "لا طريق أمام قسد إلا دمشق"، مشيداً بـ"حماس الحكومة السورية لدمج قسد ضمن مؤسسات الدولة تحت مبدأ: دولة واحدة، جيش واحد، حكومة واحدة".
إلا أن الجانب الأميركي أشار أيضاً إلى "تباطؤ قسد في التجاوب مع هذا المسار"، محذراً من أن مشاريع الفدرلة أو الحفاظ على قوة عسكرية مستقلة لم تعد قابلة للتطبيق في سوريا الجديدة.
وكانت الحكومة السورية قد رحّبت بالمواقف الأميركية آنذاك، وجددت في بيان رسمي تمسكها بوحدة الدولة، ورفضها لأي مشروع انفصالي، مؤكدة استعدادها لدمج المقاتلين السوريين ضمن الجيش الوطني وفق الأطر الدستورية والقانونية.
رغم هذه المؤشرات الإيجابية، إلا أن اجتماع أمس كشف استمرار الخلافات الجوهرية، خصوصاً مع إصرار وفد قسد على صيغة تضمن لها استقلالية إدارية وعسكرية، ما دفع الحكومة إلى التحذير من محاولة "الالتفاف على الاتفاق" وتأخير تنفيذه، معتبرة ذلك تهديداً مباشراً لسيادة البلاد ووحدتها