
المركزي السوري يعلن إنشاء هيئة ضمان الودائع لتعزيز الثقة بالقطاع المصرفي
أعلن حاكم مصرف سوريا المركزي الدكتور عبد القادر الحصرية عن إطلاق هيئة ضمان الودائع، في خطوة اعتبرها جزءاً أساسياً من الخطة الشاملة لتطوير النظام المالي وإعادة بناء الثقة بالقطاع المصرفي.
وأوضح الحصرية في تصريح عبر منصة "لينكد إن" أن الهدف من إنشاء الهيئة يتمثل في حماية أموال المودعين وفق معايير وضوابط واضحة، وضمان استقرار النظام المالي، والحد من المخاطر المحتملة في حال تعثر أي مؤسسة مالية مستقبلاً.
وأكد أن القرار يوفّر بيئة أكثر أماناً لعودة الاستثمارات والتحويلات المالية، ويسهم في دعم مسار الإصلاحات الاقتصادية من خلال بناء شبكة أمان مالي حديثة تتماشى مع أفضل الممارسات العالمية.
وأشار الحصرية إلى أن هيئة ضمان الودائع تمثل خطوة استراتيجية تتجاوز كونها إجراءً تنظيمياً جديداً، إذ تأتي ضمن رؤية أوسع لإعادة بناء الثقة بالنظام المصرفي وتعزيز دوره كرافعة رئيسية للتنمية الاقتصادية في المرحلة المقبلة.
كما جدد التزام مصرف سوريا المركزي بالعمل على تطوير بنية مالية متينة ومؤسساتية تلبي تطلعات السوريين وتستقطب شركاء من الداخل والخارج، لافتاً إلى أن هذا القرار يواكب جهود الحكومة لإرساء اقتصاد قائم على الإنتاج والصادرات.
وكان الحصرية قد صرّح في 4 تموز الماضي أن الحكومة بصدد استحداث مؤسسة لضمان الودائع في البنوك السورية، باعتبارها أحد مرتكزات بناء اقتصاد صحي ومستدام.
وفي وقت سابق، كشفت سبعة مصادر مطلعة ووثائق اطلعت عليها وكالة "رويترز" أن سوريا تستعد لإصدار أوراق نقدية جديدة وحذف صفرين من عملتها، في محاولة لإعادة الثقة بالليرة السورية التي انهارت قيمتها بشكل غير مسبوق منذ عام 2011.
الخطوة، التي يقودها البنك المركزي السوري، تهدف إلى تقوية العملة المحلية وتسهيل المعاملات المالية اليومية، بعد أن فقدت الليرة أكثر من 99% من قيمتها خلال 14 عاماً من الحرب وانتهت بالإطاحة ببشار الأسد في كانون الأول الماضي.
وبلغ سعر صرف الليرة اليوم نحو 10 آلاف مقابل الدولار، مقارنة بـ 50 ليرة فقط قبل الحرب، هذا التراجع جعل المواطنين يلجؤون إلى حمل أكياس مليئة بأوراق فئة 5000 ليرة لتغطية حاجاتهم الأساسية، ما صعّب عمليات البيع والشراء والتحويلات المالية.
أبلغ البنك المركزي البنوك الخاصة في منتصف آب الجاري بنيته إصدار أوراق جديدة عبر "حذف الأصفار"، وفق وثائق مسرّبة، وأكد مصرفيون ومسؤولون اقتصاديون أن نائب محافظ البنك المركزي مخلص الناظر ترأس الاجتماعات الخاصة بالخطة، فيما امتنعت إدارة الرقابة المصرفية عن التعليق بدعوى سرية الملف.
ووفقاً للمصادر، فقد تم الاتفاق مع شركة "غوزناك" الروسية المملوكة للدولة، والمتخصصة بطباعة العملات، لإنتاج الأوراق الجديدة، وذلك خلال زيارة وفد سوري رفيع إلى موسكو أواخر تموز.
تشير التقديرات إلى أن نحو 40 تريليون ليرة متداولة خارج النظام المالي الرسمي، وهو ما دفع السلطات إلى التفكير بإعادة الهيكلة لضبط السيولة. كما أن للخطوة بُعداً رمزياً، إذ ستؤدي إلى سحب الأوراق النقدية التي تحمل صور بشار وحافظ الأسد، في قطيعة واضحة مع الحقبة السابقة.
تخطط السلطات لحملة إعلامية للترويج للإصدار الجديد في 8 كانون الأول المقبل، تزامناً مع الذكرى الأولى لسقوط الأسد، على أن تستمر فترة تعايش الأوراق القديمة والجديدة لمدة 12 شهراً حتى نهاية 2026.
مع أن الخطوة تحمل دلالة سياسية واقتصادية، حذر خبراء، بينهم الاقتصادي السوري كرم الشعار، من أن إعادة التقييم قد تربك المستهلكين خصوصاً كبار السن، فضلاً عن التكلفة الباهظة لعملية الطباعة التي قد تصل إلى مئات الملايين من الدولارات. وأشار إلى أن إصدار فئات أعلى مثل 20 أو 50 ألف ليرة كان يمكن أن يحقق هدف التسهيل النقدي بتكلفة أقل.
كما تثير الخطة مخاوف من استمرار "الدولرة"، في ظل اعتماد الأسواق السورية على الدولار في التسعير والبيع، وغياب بنية تحتية كافية للدفع الرقمي، وبحسب مصادر مصرفية، فإن البنك المركزي طلب من البنوك تقارير مفصلة عن جاهزية أنظمتها الإلكترونية وأجهزة العد والتخزين، للتأكد من قدرتها على التعامل مع الإصدار الجديد.