
النمسا ترحل أول لاجئ سوري منذ سقوط الأسد وتثير جدلاً حقوقياً واسعاً
في خطوة هي الأولى من نوعها منذ الإطاحة بالنظام السابق في دمشق، أعلنت الحكومة النمساوية، أمس الخميس، تنفيذ أول عملية ترحيل رسمية لمواطن سوري مدان بجرائم جنائية إلى بلاده، لتصبح بذلك أول دولة في الاتحاد الأوروبي تقدم على هذه الخطوة خلال السنوات الأخيرة.
وأكد وزير الداخلية النمساوي غيرهارد كارنر، في بيان رسمي، أن الترحيل يأتي في إطار “سياسة لجوء صارمة وعادلة” تنتهجها الحكومة، مشدداً على أن بلاده ستواصل هذا النهج “بعزم وتصميم”.
وأوضح أن القرار شمل لاجئاً سورياً يبلغ من العمر 32 عاماً، كان قد حصل على حق اللجوء عام 2014، قبل أن يُسحب منه هذا الحق عام 2019 بسبب سجله الجنائي.
المستشارة القانونية للاجئ المُرحّل، روكساندرا ستايكو، رفضت الكشف عن تفاصيل الجريمة التي أدين بها موكلها، مكتفية بالتأكيد على أن قرار الترحيل اتخذ بعد سلسلة من الإجراءات القانونية.
ويُقيم في النمسا حالياً نحو 100 ألف سوري، ما يجعل الجالية السورية من أكبر الجاليات العربية في البلاد. وكانت فيينا قد علّقت في وقت سابق جميع طلبات اللجوء الجديدة للسوريين وأوقفت لمّ شمل العائلات، وذلك عقب سقوط نظام بشار الأسد في ديسمبر/كانون الأول الماضي.
وأشارت وزارة الداخلية النمساوية إلى أن هذه العملية تُعد الأولى من نوعها منذ نحو 15 عاماً، مضيفة أن النمسا هي أول دولة أوروبية تقوم رسمياً بترحيل مواطن سوري إلى بلده بعد التغيير السياسي في سوريا.
وكان كارنر قد زار دمشق في أبريل/نيسان الماضي برفقة وزيرة الداخلية الألمانية نانسي فيزر، حيث عقدا محادثات مع الحكومة السورية حول قضايا أمنية وإنسانية، من ضمنها ترتيبات الترحيل.
الخطوة النمساوية أثارت موجة انتقادات في الأوساط الحقوقية الأوروبية، إذ حذرت منظمات حقوق الإنسان من أن هذه العملية قد تشكل سابقة تشجع دولاً أوروبية أخرى على السير في النهج ذاته، خاصة في ظل تنامي التيارات المناهضة للهجرة في عدد من دول الاتحاد الأوروبي.
وترى الحكومة النمساوية أن الوضع في سوريا بات يسمح بإعادة بعض اللاجئين، خاصة ممن ارتكبوا جرائم، فيما تصر منظمات حقوق الإنسان على أن الأوضاع الأمنية والسياسية لا تزال غير مستقرة بما يكفي لضمان سلامة المرحّلين.
وتأتي هذه التطورات في سياق تصاعد الحضور السياسي لليمين المتطرف في النمسا، حيث تصدرت الأحزاب المناهضة للهجرة نتائج الانتخابات الأخيرة دون أن تنجح في تشكيل حكومة، ما أفسح المجال للمحافظين لتولي السلطة مجدداً.
منذ عام 2015، تلقّت دول الاتحاد الأوروبي نحو 1.68 مليون طلب لجوء من سوريين، وشكلت الحرب في بلادهم سبباً رئيسياً في استقبال أعداد كبيرة منهم، خصوصاً في ألمانيا. إلا أن التحولات السياسية الأخيرة تنذر بمرحلة جديدة في تعامل أوروبا مع ملف اللاجئين السوريين.