انتشار الحفر الصحية في شمال غربي سوريا يزيد معاناة العائدين ويهدد صحتهم
يشكو العائدون إلى مدنهم وقراهم في شمال غربي سوريا من صعوبات جمة تعيق عودتهم إلى حياتهم الطبيعية بعد انتهاء رحلة النزوح، وتتصدّر هذه التحديات تعرض شبكات الصرف الصحي لدمار شبه كامل جراء القصف المكثف الذي استهدفها خلال السنوات الماضية، ما أدى إلى تضررها، وجعلها تحتاج إلى صيانة وإعادة تأهيل.
إنشاء حفر صحية كحل بديل
وفي ظلّ هذه الظروف، اضطر العديد من السكان إلى إنشاء حفر صحية "حفر الامتصاص" بجانب منازلهم كحل مؤقت بهدف تصريف المياه. إلا أن هذا الإجراء، بحسب أطباء ومختصين في البيئة، يهدد الصحة العامة ويتسبب في تلوث المياه الجوفية وانتشار الأمراض بين السكان، لا سيما تلك المنقولة عن طريق المياه الملوثة.
وفي هذا السياق، يقول عمار العبدالله، أحد سكان ريف إدلب الجنوبي، إن الوضع بعد عودته لم يكن سهلاً، إذ لم يجد أمامه خياراً سوى إنشاء حفرة بالقرب من منزله لتصريف المياه، كحلّ مؤقت بديل عن شبكات الصرف الصحي، ريثما يتم إصلاحها في قريته.
ويتابع العبدالله أن الوضع يزداد سوءاً مع هطول الأمطار، حيث تتجمع المياه الملوثة في الحفرة، ما يجذب الحشرات ويتسبب في تلوث التربة، إلى جانب الروائح الكريهة التي تتسلل إلى المنازل، ما يمنع السكان من فتح النوافذ ويزيد من قلقهم على سلامة أبنائهم.
وبحسب مصادر محلية، فقد وجّه أغلب الأهالي العائدون نداءات إغاثة إلى الجهات المحلية والمنظمات الإنسانية، إلا أنه لم تُسجَّل أي استجابة فعّالة حتى الآن. ونتيجة لذلك، اضطر الأهالي للاعتماد على حلول فردية مؤقتة، ريثما يتم صيانة شبكات الصرف الصحي في القرى والمدن.
مخاطر صحية تصيب الأطفال
وفي الوقت ذاته، يؤكد مراقبون أن انتشار هذه الحفر الصحية، إلى جانب الروائح الكريهة والحشرات وتسرب المياه الملوثة، قد زاد من معاناة السكان بشكل كبير. ويشيرون إلى أن الروائح الكريهة أصبحت لا تُحتمل، وأن الأهالي يخافون على أطفالهم من التعرض للالتهابات المتكررة الناتجة عن المياه الملوثة، ما يضاعف المخاطر الصحية ويقوض جهود إعادة الحياة الطبيعية في المنطقة.
ويشير مطلعون إلى أن هذه الحفر تُجهَّز دون إشراف هندسي أو دراسة لطبيعة التربة، ما يجعلها غير مؤهلة لتصريف المياه بشكل آمن. ويؤكدون أنها تؤدي إلى تآكل الأساسات تدريجياً وارتفاع منسوب المياه الجوفية الملوثة وتلوث التربة، ما يزيد من هشاشة البنية التحتية ويهدد سلامة المباني في المنطقة.
ضرورة إعادة تأهيل شبكات الصرف الصحي وتوعية الأهالي
وفي ظل الظروف الراهنة التي تعاني منها المنطقة، يؤكد المطلعون على ضرورة تأهيل شبكات الصرف الصحي التي تعرضت للدمار في القرى والمدن. كما يشددون على أهمية توعية الأهالي بضرورة إنشاء حفر صحية مغلقة ومطابقة للمعايير الفنية، كحل مؤقت ريثما يتم صيانة الشبكات القائمة.