تحركات مقلقة في الحسكة: تجمّع آلاف من عناصر النظام البائد داخل مناطق سيطرة "قسد"
كشف مصدر سوري مطّلع لـ"الجزيرة نت" عن نشاط متزايد لعناصر من قوات النظام البائد داخل مناطق سيطرة قوات سوريا الديمقراطية (قسد) في محافظة الحسكة شرقي البلاد، مشيراً إلى أن عددهم يتراوح بين خمسة آلاف وستة آلاف عنصر تمّ تجميعهم وتوزيعهم في مواقع استراتيجية عدة بالمنطقة.
توزيع منظم وتسهيلات أمنية
وأوضح المصدر، أن العناصر نُقلوا إلى مناطق تشمل جبل عبد العزيز، فوج الميليبية، الشدادي، الرميلان، والمساكن، لافتاً إلى أن غالبيتهم ينحدرون من الساحل السوري ويستخدمون هويات حزبية مزوّرة تحمل أسماء وهمية، تمكّنهم من عبور الحواجز الأمنية دون عوائق، وأكد أن هذا يدلّ على وجود تنسيق مسبق وتسهيلات أمنية بين هذه العناصر وبعض الجهات داخل الإدارة الذاتية.
استراتيجية قسد: بين المصالح والضغط السياسي
وبحسب المصدر ذاته، فإنّ قسد تحمي هذه المجموعات ضمن استراتيجية متعددة الأبعاد تجمع بين المصالح الأمنية والسياسية، إذ تُستخدم كـ"ورقة ضغط" في التفاهمات الجارية مع دمشق والأطراف الإقليمية، وأضاف أن بعض القيادات المحلية في قسد تتلقى دعماً مالياً أو لوجستياً مقابل غضّ الطرف عن نشاط تلك العناصر.
وأشار إلى أن وجودهم يسهم في خلق توازن داخلي يمنع بروز حركات معارضة قوية داخل المناطق العربية الخاضعة لسيطرة قسد.
نفي رسمي من داخل قسد
في المقابل، نفى مصدر عسكري في قوات سوريا الديمقراطية ما تداوله التقرير، مؤكداً أن العناصر التابعة للنظام السابق موجودة في المنطقة منذ ما قبل سقوط النظام، وأن عددها لا يتجاوز ثلاثة آلاف عنصر كحدّ أقصى، وأضاف أن هؤلاء موزّعون ضمن أفواج مختلطة ووحدات محلية، ولا يشكّلون كتلة عسكرية واحدة أو تنظيماً مستقلاً.
وأكد المصدر أن قسد لا تعتمد عليهم في بنيتها العسكرية ولا تنفّذ سياسة لدمجهم أو حمايتهم بشكل منظم، معتبراً أن بقاءهم في المنطقة "أمر واقعي لا يثير القلق"، وأن أي تصعيد ضدهم قد يؤدي إلى اضطرابات أمنية محلية.
خلفية توترات بين قسد والجيش السوري
وجاءت هذه التطورات بعد أسابيع من تجدّد التوترات بين قسد والجيش السوري في مدينة حلب، ولا سيما في حيي الشيخ مقصود والأشرفية، حيث اندلعت اشتباكات محدودة انتهت بوساطة محلية وتوقيع اتفاق لوقف إطلاق النار في 7 تشرين الأول الجاري بين وزير الدفاع السوري مرهف أبو قصرة وقائد قسد مظلوم عبدي.
توظيف فلول النظام في شمال شرقي سوريا
من جانبه، أكد الباحث السياسي السوري أنس شواخ في حديث لـ"الجزيرة نت" أن "قسد" تعمل على توظيف بعض عناصر النظام السابق، خصوصاً المتورطين في جرائم حرب، ضمن صفوفها، لتعويض النقص البشري الناتج عن الانشقاقات في صفوف المقاتلين العرب.
وأشار شواخ إلى أن التيار المرتبط بإيران داخل حزب العمال الكردستاني يلعب الدور الأبرز في هذا التوجّه، إذ يسعى لتعزيز نفوذه الميداني من خلال استقطاب عناصر موالية له، مستفيداً من الروابط العقائدية والسياسية المشتركة.
وحذّر الباحث لموقع "الجزيرة نت" من أن هذه السياسة قد تخلق بيئة احتقان جديدة في المناطق ذات الغالبية العربية، لأنّ عناصر النظام البائد "يحملون إرثاً طائفياً وعداءً قديماً تجاه السكان المحليين"، ما قد يؤدي إلى تصاعد التوتر الشعبي ورفض الوجود العسكري لقسد.
خطط تنظيمية وتحركات ميدانية
وكشف شواخ عن معلومات متداولة بين الأهالي تفيد بأن قسد تعمل على تشكيل معسكرات تدريب خاصة لهؤلاء العناصر وتزويدهم ببطاقات عسكرية جديدة، إلى جانب تخصيص مساكن لعائلاتهم في الحسكة والرقة والطبقة، بما يضمن استمرار نفوذهم في المناطق العربية.
اتفاق دمج المؤسسات بين الدولة و"قسد"
يُذكر أن الرئيس أحمد الشرع وقائد قوات سوريا الديمقراطية مظلوم عبدي وقّعا في 10 آذار/مارس 2025 اتفاقاً في قصر الشعب بدمشق، بحضور مبعوثين أميركيين، تضمّن دمج المؤسسات العسكرية والمدنية في شمال شرقي سوريا ضمن هيكل الدولة السورية، بما يشمل المعابر الحدودية والمطارات وحقول النفط والغاز.