تحقيق استقصائي : شبكات خارجية تغذّي الطائفية وتحرّض على الكراهية في سوريا
تحقيق استقصائي : شبكات خارجية تغذّي الطائفية وتحرّض على الكراهية في سوريا
● أخبار سورية ١١ مايو ٢٠٢٥

تحقيق استقصائي : شبكات خارجية تغذّي الطائفية وتحرّض على الكراهية في سوريا

كشفت هيئة الإذاعة البريطانية BBC، في تحقيق استقصائي واسع، عن شبكات إلكترونية منظمة تعمل من خارج سوريا، هدفها تأجيج الطائفية وبث خطاب الكراهية بين السوريين، من خلال حملات تضليل معلوماتي متعمدة على منصة "إكس" (تويتر سابقاً)، مستهدفة الإدارة السورية الجديدة وبعض المكونات المجتمعية، على رأسها الطائفتان العلوية والدرزية.

ووفقاً لفريق "بي بي سي لتقصي الحقائق"، فإن التحقيق استند إلى تحليل أكثر من مليوني منشور رقمي يتعلق بالأحداث في سوريا منذ سقوط نظام بشار الأسد، وشمل تحليل عينة ضخمة تجاوزت 400 ألف منشور، تم تتبع مصادرها الجغرافية وأنماط نشاطها.

حملات تضليل منظمة وأدوات رقمية متطورة

أظهر التحقيق أن الحملات المناهضة للإدارة السورية الجديدة استخدمت أساليب رقمية عالية التنظيم، من بينها:

* تفعيل حسابات وهمية تعمل بخوارزميات مبرمجة.
* تكرار النشر في توقيت موحّد باستخدام نفس الصياغات والمحتوى.
* إعادة نشر مقاطع قديمة على أنها أحداث راهنة.
* اختلاق قصص وروايات كاذبة.

وتبيّن أن 60% من المنشورات التي تحتوي على معلومات كاذبة عن الحكومة الانتقالية مصدرها حسابات متمركزة في دول مثل العراق، اليمن، لبنان، وإيران.

أمثلة على التضليل

في 9 مارس/آذار، انتشر ادّعاء كاذب عن إعدام كاهن في كنيسة مار إلياس على يد "عصابات الجولاني"، وهو ما نفته الكنيسة لاحقاً. كما أعيد نشر مقطع من عام 2013 يظهر تدمير تمثال للسيدة مريم العذراء، وجرى تقديمه زوراً على أنه مرتبط بأحداث العام الجاري.

استهداف الأقليات بخطاب كراهية مباشر

وركّز التحقيق على خطاب الكراهية ضد الطائفة العلوية، موثّقاً أكثر من 100 ألف منشور تحريضي منذ نوفمبر 2024 حتى اليوم، وردت فيها كلمات مثل "كفّار" و"مجرمين" و"النصيريّة"، ووُثق مصدر العديد من هذه الحسابات في السعودية وتركيا.

كما كشفت "بي بي سي" عن حملة طائفية موازية خلال أحداث مدينة جرمانا بريف دمشق في نيسان الماضي، حيث جرى استغلال تسجيل صوتي مفبرك نُسب لشيخ درزي، لتبرير هجمات واشتباكات دامية بين مكونات محلية.

حملة ترويج مؤيدة للشرع

لم تقتصر الحملات على المعارضين، بل رصد التحقيق شبكة إلكترونية موالية للرئيس الانتقالي أحمد الشرع، تضم أكثر من 80 ألف منشور تروّج له كقائد إصلاحي، معظمها صادرة عن حسابات متمركزة في تركيا والسعودية. وتستخدم هذه الشبكة نفس الأدوات التقنية في نشر المحتوى وتضخيمه.

تحذير من تقسيم المجتمع السوري

الباحث في مختبر الأدلة الرقمية (DFRLab)، رسلان تراد، أكد للـBBC أن الساحة الرقمية السورية باتت بيئة عالية الاستقطاب، تستخدمها جهات متعددة لأغراض سياسية وطائفية، مشيراً إلى ضلوع محتمل لحسابات تُدار من الإمارات، تركيا، مصر، وروسيا.

وشدد تراد على أن هذا الخطاب الرقمي الطائفي يتقاطع مع أجندات إيرانية وإسرائيلية، ويهدف إلى تمزيق المجتمع السوري، وخلق بيئة تدفع باتجاه مشاريع اللامركزية الطائفية، مقابل دعوات رسمية للوحدة الوطنية.

أعاد التحقيق تسليط الضوء على الوجه الرقمي للفتنة في سوريا، حيث لا تقتصر المعارك على الميدان، بل باتت تُخاض أيضاً عبر منصات التواصل الاجتماعي، باستخدام حسابات وهمية وأساليب تلاعب ممنهجة تهدّد النسيج السوري وتغذّي مشاريع تقسيمه.

 

الكاتب: فريق العمل
مشاركة: 

اقرأ أيضاً:

ـــــــ ــ