
تصعيد خطير وخرق لسيادة سوريا .. "الشبكة السورية" تُدين الهجوم الإسرائيلي قرب القصر الرئاسي في دمشق
أدانت "الشَّبكة السورية لحقوق الإنسان" بشدة الاعتداءات الإسرائيلية في سوريا، بما فيها هجوم الاحتلال الإسرائيلي قرب القصر الرئاسي في دمشق الذي يمثل تصعيداً خطيراً وخرقاً فاضحاً لسيادة سوريا، مطالبة المجتمع الدولي لاتخاذ خطوات جادة لوقف الانتهاكات الإسرائيلية، وحثت الحكومة الانتقالية على بدأ حوار وطني حقيقي.
وفق الشبكة، يمثّل الهجوم الجوي الإسرائيلي على منطقة قريبة من القصر الرئاسي في دمشق انتهاكاً جلياً وصارخاً للمادة 2 (4) من ميثاق الأمم المتحدة، والتي تحظر على الدول استخدام القوة أو التهديد باستخدامها ضد وحدة أراضي أي دولة أخرى أو استقلالها السياسي. كما ينطبق على هذا الاعتداء التعريف الوارد في قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 3314 لعام 1974 بشأن تعريف العدوان.
وأكدت الشبكة أن القصف يمثل تصعيداً خطيراً يسعى بشكل واضح إلى تقويض الدولة السورية وزعزعة استقرارها، وذلك ضمن نهج يعتمد على فائض القوة والإفلات من العقاب وعدم الاكتراث بالقانون الدولي لفرض واقع جديد يخدم مصالح إسرائيل العدوانية التوسعية على حساب سيادة وأراضي دولة عضو في الأمم المتحدة.
وأضحت أنَّ الادعاءات الإسرائيلية المتعلقة بـ “ردع تهديدات” محتملة لا تفي بشروط ممارسة حق الدفاع المشروع عن النفس وفقاً للمادة 51 من ميثاق الأمم المتحدة، إذ تشترط المادة بوضوح وجود تهديد مباشر وملموس، وأن يكون الرد ضرورياً ومتناسباً مع حجم التهديد. وفي الحالة الراهنة، لم يكن هناك أي هجوم قائم أو وشيك يستهدف إسرائيل من الأراضي السورية يبرر مثل هذه الإجراءات العسكرية.
وقالت إنه على الرغم من أنَّ هذا الاعتداء لم يُخلّف ضحايا بشرية، إلا أنَّ توجيه الضربات الجوية نحو مناطق قريبة من مواقع مدنية حساسة مثل القصر الرئاسي، يشير إلى استهتار واضح بالقانون الدولي الإنساني.
ولفتت إلى أن تكرار الغارات الجوية الإسرائيلية داخل الأراضي السورية دون موافقة الدولة المستهدفة أو الحصول على تفويض دولي مسبق، يُعد انتهاكاً صريحاً لسيادة دولة مستقلة، ويشكّل تهديداً خطيراً للسلم والأمن الدوليين، خاصة في ظل الظروف المعقدة والحساسة التي تشهدها المنطقة حالياً.
واعتبرت أن تبرير إسرائيل للهجوم بحماية مجموعة دينية محددة يشكّل انتهاكاً للمبادئ الأساسية التي تقوم عليها الأمم المتحدة، ويُعد سابقة خطيرة قد تؤدي إلى الإخلال بالتوازن المجتمعي في مناطق النزاع، فضلاً عن كونه يشجّع على التدخلات الخارجية بذريعة الحماية الدينية أو الإثنية.
وبينت أنه في حوالي الساعة 04:00 من فجر يوم الجمعة الموافق 2 أيار/مايو 2025، نفَّذت طائرات حربية تابعة لقوات الاحتلال الإسرائيلي غارة جوية استهدفت موقعاً قريباً من القصر الرئاسي في مدينة دمشق، دون أن يسفر الهجوم عن خسائر بشرية أو أضرار مادية تُذكر. وعقب الهجوم، صدر بيان مشترك عن رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع يسرائيل كاتس، وصفا فيه الغارة بأنَّها رسالة مباشرة للنظام السوري، مؤكدَين رفضهما القاطع لما اعتبراه “تهديداً للطائفة الدرزية أو إرسال قوات إلى الجنوب”.
وذكرت الشبكة أنَّ استهداف محيط القصر الرئاسي يحمل أبعاداً عدوانية واضحة، ويمثل تحولاً نوعياً في نمط الاعتداءات الإسرائيلية، لما يحمله الموقع المستهدف من دلالات رمزية تتعلق بسيادة الدولة ومركزية مؤسساتها. ويعد هذا الهجوم الأول من نوعه منذ سنوات، حيث استهدف مباشرة منطقة شديدة الحساسية في قلب العاصمة السورية، مما يثير مخاوف جدية من توجه إسرائيلي نحو تصعيد وتكثيف العمليات العسكرية غير القانونية داخل العمق السوري.
كما ترى الشَّبكة أنَّ التبرير الذي قدمته إسرائيل للهجوم، والمتعلق بـ “ردع أي تهديد للطائفة الدرزية”، يعكس استغلالاً خطيراً للخطاب الطائفي، ويبعث على القلق بشأن محاولات إسرائيلية محتملة لتأجيج النزاعات الداخلية وفرض أجندات تقسيمية على مكونات المجتمع السوري، وهو تدخل سافر ومباشر في الشؤون الداخلية السورية، ويمثل انتهاكاً واضحاً لسيادة الدولة واستقلال قرارها السياسي.
وشددت على أنَّ هذا الاعتداء السافر يندرج ضمن سلسلة من الاعتداءات المتكررة والواسعة منذ سقوط نظام الأسد وحتى الآن، كما لم يقتصر العدوان الإسرائيلي على الغارة التي استهدفت دمشق يوم 2 أيار/مايو، بل تلتها سلسلة من الهجمات الجوية بين 2 و3 أيار/مايو 2025، طالت عدة مواقع في محافظات ريف دمشق، والسويداء، ودرعا، واللاذقية، وحماة.
وقد أسفرت بعض هذه الاعتداءات عن مقتل 4 مدنيين إثر استهداف مزرعة قرب قرية كناكر في ريف محافظة دمشق، وإصابة عنصرين تابعين لوزارة الدفاع السورية إثر استهداف إحدى النقاط العسكرية في اللاذقية، كما أسفرت الهجمات عن وقوع أضرار مادية متفاوتة في المواقع التي استهدفتها، وأثارت حالة من الخوف والهلع بين المدنيين، خاصة في المناطق القريبة من مواقع القصف، حيث سُمع دوي الانفجارات بشكل واضح في العديد من الأحياء السكنية.
وبينت الشبكة أنَ هذا التصعيد الذي شمل مواقع متعددة يؤشر إلى تغيّر جذري في السياسة العسكرية الإسرائيلية تجاه سوريا، ويكشف عن حملة قصف ممنهجة ومنسَّقة تكشف عن توجه إسرائيلي يهدف إلى الإبقاء على سوريا ضعيفة وممزقة، ما يجعلها انتهاكاً ممنهجاً للسيادة السورية، ويشكل تهديداً حقيقياً لأمن البلاد، وعبث في استقرار المنطقة كلها.
وأشارت إلى أنه رغم الإدانات الواسعة التي صدرت عن العديد من الدول العربية والأجنبية، من بينها الأردن، وقطر، والسعودية، والعراق، والكويت، والإمارات، واليمن، إضافةً إلى جامعة الدول العربية، ومجلس التعاون الخليجي، ومنظمة التعاون الإسلامي، والبرلمان العربي، وكذلك الأمم المتحدة، والتي أجمعت على اعتبار الهجوم الإسرائيلي انتهاكاً صارخاً للسيادة السورية وخرقاً جسيماً للقانون الدولي، إلا أنَّ إسرائيل ماضية في انتهاك القانون الدولي دون أي اعتبارات سياسية أو قانونية، ومستمرة في سياسة التصعيد العسكري، متجاهلة التحذيرات الإقليمية والدولية بشأن خطورة هذه الاعتداءات على أمن واستقرار المنطقة.