
تقرير مفصل عن استجابة فرق الإطفاء لحرائق الغابات في منطقة ربيعة بريف اللاذقية
تمكنت فرق الإطفاء في الدفاع المدني السوري وأفواج الإطفاء ومراكز حماية الغابات يوم الثلاثاء 13 أيار من إخماد حرائق الغابات التي اندلعت في منطقة ربيعة بريف اللاذقية بعد عمل استمر لسبعة أيام متواصلة، وجرى تنسيق الأعمال عبر غرفة العمليات المشتركة التي أنشأتها وزارة الطوارئ والطوارئ في إطار استجابة وطنية لمكافحة هذه الحرائق وتأمين الآليات الثقيلة بما يعزز فعالية الاستجابة.
وشهدت منطقة ربيعة في جبل التركمان بريف اللاذقية الشمالي حرائق غابات واسعة النطاق، أسفرت عن خسائر بيئية كبيرة، بعد أن اندلعت في أحراش جبلية كثيفة يصعب الوصول إليها، وسط تضاريس وعرة وظروف جوية من جفاف واشتداد سرعة الرياح ساعدت على انتشار النيران بسرعة.
وقد بدأت هذه الحرائق منذ يوم الأربعاء 7 أيار، واستمرت حتى صباح يوم الثلاثاء 13 أيار، وأدت هذه الحرائق لأضرار كبيرة واحتراق أكثر من 150 هكتاراً من الغابات في محيط قريتيّ السكرية والريحانية.
تفاصيل الاستجابة:
اليوم الأول: الأربعاء 7 أيار
اندلع الحريق قرابة الساعة الثانية ظهراً في إحدى الأحراش الجبلية، شديدة الوعورة، وبدأت الاستجابة الأولية من قبل فرق حماية الغابات التابعة لوزارة الزراعة، وفور وصول البلاغ لفرقنا، انطلقت فرق الإطفاء من الدفاع المدني السوري من مراكز محافظة اللاذقية، بدعم من مراكز ريف إدلب الغربي، وخلال الساعات الأولى، ظهرت مؤشرات صعوبة السيطرة بسبب وعورة التضاريس، غياب خطوط النار، واشتداد الرياح التي ساهمت في توسع النيران.
اليوم الثاني: الخميس 8 أيار
تم تعزيز الاستجابة وفرق الإطفاء العاملة في إخماد الحريق بست فرق إطفاء إضافية من مديرية الساحل (طرطوس واللاذقية) ومن مديرية إدلب، وجرى تقسيم منطقة العمل إلى قطاعات وبدأت الفرق بفتح خطوط نار لعزل البؤر المشتعلة، ومع تفاقم الوضع، بدأ التنسيق مع الجهات الحكومية لتفعيل غرفة عمليات مشتركة، ورغم العمل المتواصل على مدار 48 ساعة، استمرت النيران بالانتشار في بؤر جديدة.
اليوم الثالث: الجمعة 9 أيار
تم تفعيل غرفة عمليات مشتركة من قبل وزارة الطوارئ والكوارث ضمت الدفاع المدني السوري وعدة وزارات معنية.
وشاركت آليات ثقيلة وهندسية بفتح وتوسيع الطرق وخطوط النار بدعم من غرفة العمليات، وسُجل تقدم ميداني ملحوظ، حيث تمت السيطرة على أكثر من 50% من الحريق، لكن النيران عادت للظهور في بؤر جديدة خلال الليل.
اليوم الرابع: السبت: 10 أيار
امتدت الحرائق إلى مناطق أحراش جبلية أوسع بفعل الرياح وارتفاع درجات الحرارة، وانفجرت مخلفات الحرب أثناء عمل الفرق، دون تسجيل إصابات، وحوصرت إحدى فرق الدفاع المدني السوري بعد التفاف النيران، وتم تأمين مخرج آمن لها.
وبدأت المروحيات السورية بالمشاركة في عمليات الإخماد والتبريد، وتم تعزيز الكوادر الميدانية لتتجاوز 100 عنصر إطفاء موزعين على قطاعات العمل.
اليوم الخامس: الأحد 11 أيار
وصلت نسبة السيطرة إلى أكثر من 80%، ولكن أدت الرياح القوية بعد الظهر إلى تجدد اشتعال بؤر جديدة، وأُعيد توزيع الكوادر وتكثيف الطلعات الجوية للمروحيات لدعم الجهود الميدانية.
اليوم السادس: الاثنين 12 أيار
مع ساعات الصباح تم تسجيل سيطرة شبه تامة على الحريق، استمرت عمليات الرصد والمراقبة، مع تجدد محدود للنيران في بعض البؤر، ولكن بعد اشتداد سرعة الرياح امتد الحريق بشكل مفاجئ نحو الجهة الجنوبية الغربية، وواصلت المروحيات مشاركتها، كما استمرت الفرق المؤازرة بفتح خطوط نار جديدة.
اليوم السابع: الثلاثاء 13 أيار
تمكنت فرق الإطفاء في الدفاع المدني السوري وأفواج الإطفاء ومراكز حماية الغابات صباح اليوم الثلاثاء 13 أيار من إخماد حرائق الغابات التي اندلعت في منطقة ربيعة بريف اللاذقية بعد عمل استمر لنحو سبعة أيام متواصلة.
وتواصل فرق الإطفاء عمليات التبريد والمراقبة لموقع الحريق لمنع تجدد اشتعال النيران، وستبقى فرق الإطفاء على جاهزية تامة في الموقع حتى التأكد من زوال أي مؤشرات لتجدد اشتعال الحرائق.
الخسائر
أدى الحريق الذي استمر لنحو سبعة أيام لخسائر كبيرة في الغطاء النباتي تقدر بأكثر من 150 هكتاراً من الغابات التي تضم أشجاراً حراجية بينها أشجار معمّرة (صنوبر وسرو وشجيرات حراجية متنوعة) وهذا ما يخلّ بالتوازن البيئي من استهلاك في الثروة الحراجية والأشجار المعمّرة ويضر بشكل كبير في التنوع الحيوي بما يلحقه من أضرار كبيرة على الحيوانات البرية.
إصابات إطفائيين:
تعرض ثلاثة إطفائيين لإصابات متفاوتة إثر انزلاقهم من جروف صخرية أثناء العمل بإخماد حرائق الغابات بمنطقة ربيعة في ريف اللاذقية يوم الأحد 11 أيار، تم تقديم الإسعاف الأولية لهم من قبل فرق الإسعاف ونقلهم للمشفى لمتابعة العلاج.
كما تعرّض أحد القادة الميدانيين في عمليات الدفاع المدني السوري لحالة ضيق تنفس وإجهاد شديد نتيجة استنشاق الدخان الكثيف، وارتفاع درجات الحرارة، والإرهاق المتواصل جراء عمله المستمر لخمسة أيام في الإشراف على أحد قطاعات فرق الإطفاء.
الفرق المشاركة والآليات:
شارك في عمليات الإخماد من الدفاع المدني السوري أكثر من 130 إطفائياً، إضافة لـ 50 إطفائياً من أفواج الإطفاء ومراكز حماية الغابات، وبلغ عدد آليات الإطفاء المشاركة من الدفاع المدني السوري 20 سيارة إطفاء و 13 ملحق تزويد مياه، و13 نقل، وفريقا إسعاف، و4 فرق طوارئ وجرافة، وبلغ عدد الآليات المشاركة من خلال غرفة العمليات المشتركة التي أنشأتها وزارة الطوارئ والكوارث 12 جرافة بينها 5 مجنزرة، وتسعة صهاريج تزويد مياه إضافة للمروحيات السورية التي تشارك في عمليات الإخماد جواً.
أبرز التحديات
وعورة التضاريس: صعوبة وصول الآليات والمعدات الثقيلة إلى أغلب المواقع.
غياب خطوط النار والطرق الممهدة ما أعاق عملية العزل والسيطرة.
الرياح النشطة ساهمت في انتشار الحريق إلى مناطق جديدة بشكل مفاجئ.
العمل المتواصل لعدة أيام تسبب بإجهاد كبير للكوادر البشرية والآليات.
خطر مخلفات الحرب التي تمثل تهديداً مباشراً على حياة فرق الإطفاء خلال العمل الميداني.
ضعف التجهيزات المحلية لحرائق الأحراش الواسعة بما يشمل الطرقات والآليات والمعدات المناسبة لحرائق من هذا النوع.
وأكدت مؤسسة الدفاع أن حرائق الغابات في منطقة ربيعة في ريف اللاذقية تسلط الضوء على حجم التحديات التي تواجه فرق الإطفاء والاستجابة في التعامل مع هذا النوع من الكوارث الطبيعية المعقدة، فقد بينت هذه الاستجابة مدى صعوبة السيطرة على حرائق الغابات في مناطق ذات تضاريس وعرة، وانعدام لطرق الوصول، وانتشار كثيف للأحراج القابلة للاشتعال، إلى جانب التغيرات المناخية المرافقة من ارتفاع في درجات الحرارة وهبوب رياح نشطة تؤدي لتسريع انتشار النيران.
ورغم التنسيق المشترك وتكامل جهود الجهات الحكومية والمنظمات الإنسانية والمجتمع المحلي، لم تتم السيطرة الكاملة على الحريق (حتى إعداد هذا التقرير مساء يوم الاثنين 12 أيار) والذي تخللته أخطار كبيرة، من بينها انفجارات لمخلفات حرب سابقة.
وتأتي هذه الحادثة مع بداية فصل الصيف، ما يدق ناقوس الخطر بشأن احتمال تكرار سيناريوهات مشابهة أو أشد سوءاً خلال الأشهر القادمة، خاصة مع وجود مؤشرات على احتمالية اشتعال الحرائق بظل موجة الجفاف غير المسبوقة منذ سنوات وهو ما يستدعي تعزيز التدابير الوقائية، وتكثيف المراقبة والرصد، ورفع جاهزية فرق الاستجابة وتدريبها، إضافة إلى تحسين البنية التحتية الخاصة بخطوط النار وطرق العزل في الغابات.
كما ينبغي العمل على رفع الوعي المجتمعي بخطورة الحرائق وسبل الإبلاغ المبكر عنها، وضبط السلوكيات التي قد تساهم في إشعالها، لتفادي المزيد من الخسائر البيئية والإنسانية، وتخفيف العبء الكبير الذي تتحمله فرق الإطفاء في ظل إمكانات محدودة وتحديات متزايدة.
ومنذ بداية العام الحالي 2025 حتى نهاية شهر نيسان الماضي، استجابت فرق الإطفاء في الدفاع المدني السوري لـ 3045 حريقاً في المناطق السورية، كان منها 985 حريقاً في منازل المدنيين، و 500 حريقاً في أعشاب وأشجار على أطراف الطرقات، و 207 حريقاً في الحقول الزراعية، و 121 حريقاً في الغابات.
و تسعى فرق الدفاع المدني السوري للحد من انتشار الحرائق والتقليل من أضرارها على المدنيين، من خلال رفع جاهزية فرق الإطفاء على مدار الساعة للاستجابة لأي حريق بأسرع وقت ممكن، ونشر فرق مراقبة ونقاط متقدمة بالقرب من المناطق الحراجية والغابات الكبيرة، بالإضافة لجهود الفرق المستمرة في تمكين المدنيين من التعامل الأولي مع الحرائق، من خلال القيام بجلسات توعية وتدريب للعمال الإنسانيين والمزارعين والمعلمين وعمال محطات الوقود، والمدنيين في المخيمات، وتتضمن هذه الجلسات معلومات نظرية عن أنواع الحرائق ومسبباتها، وتدريبات عملية عن إخماد الحرائق الصغيرة قبل انتشارها واستخدام مطفأة الحريق اليدوية، وطرق الأمن والسلامة لحماية الممتلكات.
وتلعب الغابات دوراً مهماً في الحفاظ على التوازن البيئي، وامتصاص غازات الاحتباس الحراري والحد من تغير المناخ وانجراف التربة، وتخلف حرائق الغابات مخاطر مباشرة على سبل العيش للمجتمعات المحلية وعلى الغطاء النباتي والتوازن البيئي، وتزداد خطورة تلك التداعيات مع موجات الجفاف والاستنفاد الجائر للغطاء النباتي خلال السنوات الماضية.