
حين يتحول التوجيه إلى سيطرة: كيف يؤثر الآباء على قرارات أبنائهم؟
يلعب دعم الآباء لأبنائهم دوراً رئيسياً في نجاحهم، وفي قدرتهم على اتخاذ قرارات مصيرية تتعلق بمستقبلهم. إلا أن بعض الأبناء، ولسوء حظهم، يجدون أنفسهم أمام آباء غير داعمين، لا يحترمون خياراتهم، كما يصرّ هؤلاء على أن يسير الأبناء وفق طريق واحد لا يُسمح لهم بالانحراف عنه.
السيطرة والإجبار سلوك أبوي خاطئ
في حين يؤكد التربويون أن هذا السلوك الأبوي خاطئ، لأنه يحرم الأبناء من حقهم الطبيعي في التجربة، ويمنعهم من اختيار مساراتهم الخاصة، مضيفين أنه لا يُعد أسلوباً تصحيحياً بقدر ما هو نوع من السيطرة والإجبار، التي لا يتحمل سلبياتها في النهاية سوى الابن.
وفي هذا الإطار، يشكو العديد من الأبناء في مجتمعات مختلفة، بما فيها المجتمع السوري، من تعرضهم لردّات فعل صادمة من قبل والديهم عند محاولاتهم القيام بأمرٍ ما، سواء على الصعيد الدراسي أو المهني أو غيرهما.
عبارات جارحة
وأشار الأبناء إلى أنهم سمعوا عبارات جارحة مثل: "هذا الاختيار فاشل"، و"أنت فاشل"، و"اختياراتك فاشلة مثلك"، و"لا داعي لأن تخوض هذه التجربة السخيفة من الأساس"، أو "ادرس في هذا الفرع بدل الفرع السخيف الذي تريد اختياره".
وفي مواجهة هذه الضغوط، يستجيب بعض الأبناء ويخضعون لرغبات آبائهم، بينما يصر آخرون على اتباع خياراتهم الخاصة وتجربة مساراتهم بحرية، مؤكدين حقهم الطبيعي في التعلم من التجربة والخطأ واكتشاف قدراتهم بأنفسهم.
تداعيات سلبية تنعكس على نفسية الأبناء
ويشير الأخصائيون إلى أن الأبناء عند سماع مثل هذه العبارات الجارحة، يشعرون بضعف الثقة في النفس، ويواجهون صعوبة في اتخاذ القرارات، ما يؤدي إلى حالة من التردد والقلق المستمر. كما يتشكل لديهم خوف من تجربة أشياء جديدة، وتنعكس هذه الضغوط سلباً على مستقبلهم الدراسي والمهني.
ضرورة احترام الوالدين لرغبات أولادهم
ويؤكد التربويون أن على الآباء أن يدركوا أن ليس بالضرورة أن يعمل أبنائهم في نفس المهن التي عملوا بها سابقا، وأن للأبناء حياتهم الخاصة وطموحاتهم وميولهم وأهدافهم التي يتمنون أن يحققونها.
كما يشيرون إلى ضرورة تقدير إمكانيات الأبناء وعدم التقليل منها، والابتعاد عن أسلوب المقارنة بينهم. وينصحون بـ دعم الأبناء وتحفيزهم، والوثوق بقدراتهم، مع تقبّل فكرة أن الخطأ جزء من التجربة، وأن الإنسان يتعلم من أخطائه ويبني شخصيته من خلالها.
ويشجع المختصون أيضاً على ضرورة فتح قنوات حوار قائمة على الاستماع وتبادل وجهات النظر باحترام، حتى وإن كانت مخالفة لما يفكر به الآباء، إضافة إلى منح الأبناء مساحة للتعبير عن آرائهم بعيداً عن التوبيخ أو الرفض المسبق.
ختاماً، قد يعاني الأبناء من تسلّط بعض الآباء الذين يفرضون آراءهم باستمرار، مما يضع هؤلاء في صراع نفسي بين ما يريدونه لأنفسهم وما يُفرض عليهم. وفي مثل هذه الحالات، من الضروري أن يتحلّى الآباء بقدر أكبر من التفهّم، وأن يشجعونهم ويدعمونهم بدلاً من أن يقمعوا أحلامهم.