
خارطة طريق السويداء تحظى بترحيب عربي ودولي واسع وتفتح باب الاستقرار في الجنوب
أعربت دولة الإمارات العربية المتحدة، واليمن، وفرنسا، وتركيا، وعدد من الدول العربية الأخرى، بينها قطر والسعودية والأردن، عن ترحيبها بإعلان الحكومة السورية التوصل إلى خارطة طريق لحل الأزمة في محافظة السويداء.
وثمّنت وزارة الخارجية الإماراتية الجهود التي بذلتها كلٌّ من المملكة الأردنية الهاشمية والولايات المتحدة الأميركية للوصول إلى هذا الاتفاق، مؤكدة في بيان رسمي أهمية ترسيخ التهدئة في سوريا وصون وحدتها، بما يحفظ دماء السوريين ويضمن حماية المدنيين ويعزز سيادة الدولة والقانون، ومجددة موقفها الداعم لاستقرار سوريا ووحدة أراضيها وتطلعات شعبها في الأمن والسلام والحياة الكريمة.
في السياق نفسه، رحبت وزارة الخارجية اليمنية بالخطة واعتبرتها خطوة إيجابية ومهمة لتعزيز الأمن والسلم الأهلي، ودعت المجتمع الدولي لتقديم الدعم الكامل لتنفيذها. كما أشادت فرنسا بالاتفاق معتبرةً إياه “خطوة أولى مشجعة” نحو خفض دائم للتصعيد في الجنوب السوري، مؤكدة أن حماية المدنيين ووحدة الأراضي السورية يجب أن توجه أي نهج دبلوماسي.
أما وزارة الخارجية التركية فأكدت عبر معرفاتها الرسمية أن هذه الخطوة تمثل نقلة مهمة للحفاظ على الهدوء وضمان الاستقرار ومنع تجدد الصراع في المحافظة، مشددة على استمرار دعمها للجهود الرامية إلى تعزيز السلام والأمن لجميع مكونات الشعب السوري، وعلى أن موقف أنقرة يستند إلى مبادئ احترام وحدة الأراضي السورية وصون سيادتها بما يتيح عودة الحياة الطبيعية إلى مختلف مناطق البلاد.
خارطة طريق برعاية دولية
كان المبعوث الأميركي الخاص إلى سوريا توم باراك قد وصف الخارطة بأنها “مسار يمكن لأجيال السوريين القادمة أن تسلكه”، مؤكداً في منشور على منصة “إكس” أن المصالحة تبدأ بخطوة واحدة، وأن هذه الخطة لا ترسم فقط عملية الشفاء بل مساراً نحو دولة تقوم على المساواة في الحقوق والواجبات.
وأعلنت وزارة الخارجية السورية أن دمشق استضافت اجتماعاً ثلاثياً جمع وزير الخارجية أسعد حسن الشيباني ونائب رئيس الوزراء وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي والمبعوث الأميركي توم باراك، استكمالاً لمباحثات عُقدت في عمّان يومي 19 يوليو و12 أغسطس 2025 حول تثبيت وقف إطلاق النار في السويداء ووضع حلول شاملة للأزمة.
أبرز بنود الخطة
شملت الخارطة استكمال إطلاق سراح جميع المحتجزين والمخطوفين وتحديد المفقودين، وضمان تدفق المساعدات الإنسانية بالتعاون مع الحكومة السورية، وإنهاء أي تدخل خارجي في المحافظة. كما نصت على تسهيل الوصول إلى الأدلة الخاصة بجرائم القتل والتعاون مع لجنة التحقيق الدولية لضمان المساءلة القانونية ومحاسبة المتورطين عبر آليات قضائية سورية.
وتتضمن البنود أيضاً سحب المقاتلين المدنيين من حدود المحافظة ونشر قوات شرطة مؤهلة، ودعم جهود الصليب الأحمر في الإفراج عن المحتجزين وتسريع عمليات التبادل، فضلاً عن إعادة بناء القرى والبلدات المتضررة وتسهيل عودة النازحين، وإعادة الخدمات الأساسية تدريجياً ونشر قوات محلية لتأمين الطرق وحركة التجارة، وكشف مصير المفقودين وإطلاق مسار مصالحة داخلية يشارك فيه أبناء السويداء بمختلف مكوناتهم.
التزامات دولية داعمة
أكد البيان أن الولايات المتحدة والأردن يدعمان هذه الخطوات، وأنه سيتم إنشاء آلية مراقبة مشتركة تضمن احترام سيادة سوريا أثناء تنفيذ الخطة، مع التركيز على إنهاء خطاب الكراهية والطائفية وبناء الثقة بين المكونات المحلية ودمج المحافظة في مؤسسات الدولة السورية.
انعكاسات سياسية وإنسانية
يحمل هذا التوافق العربي والدولي على خارطة طريق السويداء مؤشرات على مرحلة جديدة من التعامل مع الوضع في سوريا، حيث تتحول الخطة من مجرد اتفاق سياسي إلى إطار عملي يفتح الباب أمام عودة الحياة الطبيعية إلى المحافظة ويعيد التأكيد على وحدة سوريا واستقلالها، ويرى مراقبون أن نجاح تنفيذ الخارطة سيشكل نموذجاً لإعادة الاستقرار إلى مناطق أخرى من البلاد، ويمهد لمصالحة وطنية أوسع توازن بين العدالة والمساءلة والاستقرار.