رابطة الصحفيين السوريين تطالب بمراجعة شاملة لقانون الجرائم الإلكترونية وتعديل قانون الإعلام
أصدرت رابطة الصحفيين السوريين بياناً طالبت فيه بمراجعة شاملة لقانون الجرائم الإلكترونية وإعادة صياغة مواده الإشكالية، لضمان وضوح التعريفات ومنع استخدامه كأداة لتقييد حرية التعبير، مؤكدة أهمية تعديل قانون الإعلام لحماية استقلالية العمل الصحفي وضمان حرية النقد والنشر.
وفي بيانها، أعربت الرابطة عن قلقها البالغ إزاء مسار تطبيق قانون الجرائم الإلكترونية في سوريا، وما يرافق ذلك من دعاوى وملاحقات قانونية بحق صحفيين وناشطين لمجرد آرائهم أو تصريحاتهم، في وقت يُفترض أن تشهد البلاد مرحلة انتقالية تبنيً رؤية جديدة للعلاقة بين القانون والحريات.
وأوضحت الرابطة أن نصوص القانون الحالي ليست معزولة عن سياقها السياسي السابق، بل تشكّل امتداداً لمنظومة تشريعية وأمنية أُنشئت خلال عهد النظام السوري السابق، وظهرت بتوجهات أمنية أكثر منها تنظيمية، ما جعلها تُستخدم لضبط المجال العام وتقييد الحريات بدلاً من تنظيمه.
وحذرت الرابطة من أن الصياغات الفضفاضة في القانون تفتح الباب أمام التأويلات الواسعة وتحويل النصوص إلى أدوات ضغط، خصوصاً في بنود مثل “نشر أخبار كاذبة” أو “الإضرار بالسلم الأهلي” أو “المساس بالوحدة الوطنية”، من دون تعريفات واضحة، مما يهدد حرية الرأي والتعبير.
وأشارت إلى تجارب دول أخرى في المنطقة، حيث استُخدمت قوانين مماثلة في دعاوى كيدية بحق الصحفيين والمعارضين، تحت ذريعة احترام القانون، بينما كانت النتائج في الواقع تقيّد المساحات العامة وتحد منها.
وفي سياق متصل، عبّرت الرابطة عن قلقها إزاء قضية الصحفي إياد شربجي، الذي احتُجز في دمشق عقب استجوابه لدى إدارة الأمن الجنائي على خلفية دعوى مرتبطة بتصريحات إعلامية، اعتُبرت، بحسب الرابطة، تفسيراً خارج سياقها الحقيقي.
وأكّدت الرابطة أن الاختلاف في الرأي والنقد الحرّ جزءٌ لا غنى عنه في أي مجتمعٍ حيّ، وأن معالجة القضايا الصحفية يجب أن تكون ضمن أطر قانونية واضحة ومهنية تميّز بين حرية التعبير من جهة، وخطاب الكراهية أو التحريض من جهة أخرى، بعيداً عن التجريم المسبق للرأي.
ورأت الرابطة أن قانون الجرائم الإلكترونية الحالي، إلى جانب قانون الإعلام المعمول به — وكلاهما من مخلفات المنظومة القانونية السابقة — لا يتماشى مع تطلعات السوريين الذين ناضلوا لأجل الحرية، ولا مع التزامات سوريا الدولية في مجال حرية الرأي والتعبير، ولا مع متطلبات بناء إعلام مهني مستقل يُعَدّ ركيزة لأي مسار ديمقراطي حقيقي.
واختتمت الرابطة بيانها بالتأكيد على أن حرية التعبير ليست ترفاً ولا منّة، بل هي جوهر التحول الذي قامت من أجله الثورة، وأحد أهم ضمانات الاستقرار وبناء الثقة بين الدولة والمجتمع، مشددة على أن التضييق على الحريات لا يحمي الدول، بل يُضعفها ويُقوّض شرعيتها.