رايتس ووتش: الصلاحيات المحدودة لـ "هيئة العدالة الانتقالية" تُهدد بتقويض مصداقيتها
رايتس ووتش: الصلاحيات المحدودة لـ "هيئة العدالة الانتقالية" تُهدد بتقويض مصداقيتها
● أخبار سورية ٢٠ مايو ٢٠٢٥

رايتس ووتش: الصلاحيات المحدودة لـ "هيئة العدالة الانتقالية" تُهدد بتقويض مصداقيتها

حذّرت منظمة "هيومن رايتس ووتش" من أن الصلاحيات المحدودة الممنوحة للهيئة الوطنية للعدالة الانتقالية في سوريا تُهدد بتقويض مصداقيتها وتُقصي العديد من الضحايا، داعية الحكومة السورية إلى ضمان مشاركة فعلية وواسعة للناجين والمجتمعات المتضررة في مسار العدالة الانتقالية.

وفي بيان أصدرته المنظمة تعليقاً على المرسوم الرئاسي القاضي بتشكيل كلٍّ من الهيئة الوطنية للعدالة الانتقالية والهيئة الوطنية للمفقودين، اعتبرت أن "هاتين الهيئتين يمكن أن تمثّلا نقطة تحوّل مهمة في كشف حقيقة الفظائع المرتكبة في سوريا وتحقيق المساءلة، لكن نجاحهما سيعتمد على الشفافية والانفتاح ومشاركة الضحايا".

وأبدت المنظمة الحقوقية قلقها من أن مرسوم إنشاء هيئة العدالة الانتقالية جاء بصلاحيات "محدودة بشكل مقلق"، إذ يقتصر على الانتهاكات التي ارتُكبت من قبل النظام المخلوع بقيادة بشار الأسد، دون التطرق إلى الجرائم التي ارتكبتها جهات غير حكومية، كما أنه لا يوضح آليات إشراك الضحايا في تصميم وتنفيذ مهام اللجنة، ما يشكّل – بحسب المنظمة – "نقطة ضعف جوهرية".

ولفتت "رايتس ووتش" إلى أن الإعلان الدستوري السوري الذي صدر في آذار/مارس الماضي وعد بهيئة تتضمن "آليات تشاورية فعالة مرتكزة على الضحايا"، تضمن الحق في معرفة الحقيقة، والمساءلة، والإنصاف، مؤكدة أن أي غياب لتلك المبادئ يعني الإخلال بالالتزامات المعلنة.

وأضافت أن إنشاء الهيئة الوطنية للمفقودين "قوبل بتفاؤل مشوب بالحذر"، مؤكدة أن "مصداقية هذه الهيئة أيضاً ستعتمد على شفافيتها، وتبنيها لإطار قائم على الحقوق، وضمان المشاركة الحقيقية للضحايا وأسرهم في كافة مراحل عملها".

وشددت المنظمة على أن استمرار الإقصاء سيزيد من عمق الانقسامات المجتمعية، وأشارت إلى أن سوريا تقف اليوم عند مفترق طرق، فإما أن تسلك مساراً حقيقياً للعدالة يُنصف الضحايا، أو تكرّس ممارسات الماضي التي أدت إلى الدمار والانقسام.

وأكدت "رايتس ووتش" أن الناجين والناشطات والناشطين، ممن أمضوا سنوات في توثيق الانتهاكات والتفاعل مع آليات العدالة الدولية، يجب أن يكونوا في صلب تصميم وتنفيذ عمليات العدالة الانتقالية، ووصفت مشاركتهم بأنها "ضرورة لا خيار".

ودعت المنظمة الحكومة السورية إلى الاستفادة من النماذج القائمة، لا سيما تجربة التعاون بين آليات الأمم المتحدة ومؤسسات الضحايا مثل "المؤسسة المستقلة للمفقودين في سوريا"، لضمان تصميم عملية شاملة وفاعلة تستند إلى مقاربة تركز على الضحايا.

وفي ختام بيانها، طالبت "رايتس ووتش" الشركاء الدوليين لسوريا بتوضيح أن أي دعم لجهود العدالة الانتقالية سيكون مرهوناً بنهج يضمن الشفافية، والشمول، والمساءلة. وأضافت: "هناك فرصة حقيقية لتحقيق عدالة منصفة، لكنها ستضيع إذا جرى تهميش بعض الضحايا أو تجاهل حقوقهم الأساسية".

وسبق أن أصدرت الشَّبكة السورية لحقوق الإنسان تقريراً جديداً يحدد الأطر القانونية والمبادئ الأساسية التي ينبغي أن تستند إليها عملية تشكيل هيئة العدالة الانتقالية، تحت عنوان: "الشَّبكة السورية لحقوق الإنسان توصي بإنشاء هيئة العدالة الانتقالية في سوريا عبر قانون صادر عن المجلس التشريعي."

أكد التقرير ضرورة تأسيس هيئة العدالة الانتقالية في سوريا بموجب قانون يصدر عن السلطة التشريعية، محذّراً من المخاطر التي قد تترتب على اللجوء إلى مرسوم تنفيذي كبديل عن المسار التشريعي. 

وأوضح أنَّ اعتماد هذا الأسلوب من شأنه أن يهدد استقلال الهيئة ويقوّض فعاليتها، مستشهداً بتجارب دولية في دول مثل أوغندا وبيرو والمغرب، حيث أظهرت تلك التجارب أنَّ الهيئات التي أنشئت بقرارات تنفيذية غالباً ما تفتقر إلى السلطة الفعلية والشرعية المجتمعية، وتعاني من ضعف في قدراتها التحقيقية، ومحدودية في إشراك الضحايا، فضلاً عن تعرضها لتدخلات سياسية تُضعف أداءها وتؤثر على استقلالها.

وكان الرئيس السوري أحمد الشرع قد أصدر في 17 أيار/مايو 2025 مرسومين رئاسيين يقضيان بتشكيل "الهيئة الوطنية للعدالة الانتقالية" و"الهيئة الوطنية للمفقودين"، بهدف التصدي لإرث الانتهاكات الجسيمة التي ارتكبت خلال حكم النظام السابق، والكشف عن مصير أكثر من 100 ألف مفقود.

وتتمتع الهيئتان بالاستقلالين المالي والإداري، وتُكلفان بتوثيق الانتهاكات، ومساءلة المسؤولين عنها، وتقديم الدعم القانوني والإنساني لعائلات الضحايا، إلى جانب إنشاء قاعدة بيانات وطنية تُعنى بملف المفقودين.

وقد لاقت هذه الخطوة إشادة واسعة من أطراف دولية ومنظمات حقوقية، واعتبرتها الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي مؤشراً واضحاً على التزام الحكومة السورية الجديدة بالمسار الحقوقي، وتحقيق العدالة والمصالحة الوطنية، في إطار أوسع لبناء بيئة مستقرة وآمنة تُمهّد لإعادة بناء الدولة على أسس القانون والحقوق.

 

الكاتب: فريق العمل
مشاركة: 

اقرأ أيضاً:

ـــــــ ــ