أمهات سوريا.. صمود في وجه العاصفة وتشبث بالحياة رغم جراح الحرب
أمهات سوريا.. صمود في وجه العاصفة وتشبث بالحياة رغم جراح الحرب
● أخبار سورية ٢ أغسطس ٢٠٢٥

أمهات سوريا.. صمود في وجه العاصفة وتشبث بالحياة رغم جراح الحرب

في خِضَمِّ الحرب التي عصفت بسوريا على مدار أربعة عشر عاماً، واجهت النساء السوريّات ظروفاً قاسيةً تمثّلت في تردّي الأوضاع المعيشية، وانتشار الفقر، والنزوح القسري، وفقدان الممتلكات، وغيرها. لكنّ التحدي الأكبر كان فقدان المعيل بسبب القصف والاعتقالات والاختفاء القسري، مما دفعهنّ إلى تحمُّل أعباء مضاعفة في سبيل إعالة أسرهنّ ومواصلة الحياة رغم جراح الماضي وصراعات الحاضر.

اضطرت تلك النسوة إلى تغيير حساباتهن في ظل الوضع الجديد بعد غياب المعيل، وإلى تحمل أعباء تأمين الطعام والشراب وإدارة كافة شؤون الأسرة، وكانت تحرم نفسها من الأشياء التي تحبها في سبيل إسعاد الأسرة وتغطية احتياجاتهم.

اضطرت هؤلاء النساء إلى إعادة رسم أولوياتهنّ بعد غياب المعيل، فتحمَّلنَ أعباءً لم يعتدنَ عليها من قبل، بدءاً من تأمين قوت اليوم إلى إدارة شؤون الأسرة كاملةً. ولم تتردّد الكثيرات منهنّ في التخلّي عن أبسط حقوقهنّ وحاجاتهنّ الشخصية، كي يضمنّ لقمة عيشٍ كريمة لأطفالهنّ، ويحافظنَ على بقاء الأسرة متماسكةً وسط ظروفٍ لا ترحم.

وتحكي قصة "أم محمد" واحدةً من آلاف القصص المؤلمة التي عاشتها النساء السوريات. ففي مطلع عام 2013، اعتُقل زوجها على يد قوات النظام البائد، وهي حاملٌ بطفلها الرابع، لتنقطع أخباره إلى الأبد. واجهت الأم الظروفَ بقسوتها، فعملت في الورشات الزراعية تحت أشعة الشمس الحارقة، ثم اضطُرت بعد النزوح إلى رعاية أطفال موظفات في منزلها لقاء أجرٍ شهري، كي تتمكن من سدِّ حاجات أسرتها. وبعد سنواتٍ من الانتظار والألم، جاءها الخبر الأقسى: اسم زوجها بين قوائم الشهداء في السجون.

كما نشر موقع "الجمهورية" قصة السيدة خلود التي فقدت زوجها في معتقلات نظام الأسد قبل عشر سنوات. لم تستسلم للأمر الواقع، بل أقدمت على تعلّم مهنة خياطة الحقائب لتتمكن من إعالة أسرتها. تقضي السيدة خلود ساعات عمل طويلة في غرفة صغيرة بمنزلها، تحاول أن توفّر من خلال هذا العمل المتواضع ما يكفي لسدّ احتياجات أسرتها الأساسية. ورغم ضآلة الدخل وقسوة الظروف، ترفض أن تطلب العون من الآخرين، مصرّةً على مواصلة كفاحها اليومي بما تملك من قوة وإرادة.

هكذا تظلّ قصص النساء السوريات شاهدةً على قوة إرادةٍ تتحدى الظلم والحرمان، حيث حوّلنَ آلام الحرب إلى دافعٍ للصمود، وبرغم كل التضحيات والمصاعب، يواصلنَ تشييد الحياة من بين الأنقاض، حاملاتٍ على عاتقهنّ أعباء أسرهنّ وأحلامهنّ معاً. ففي كل خيطٍ تمسكه أصابعهنّ المتعبة، وكل يومٍ يقضينَه في الكفاح، إثباتٌ على أن القهر قد يسلب الكثير، لكنه لن يستطيع أن يقتل الأمل.

الكاتب: فريق العمل
مشاركة: 

اقرأ أيضاً:

ـــــــ ــ