ظروف قاسية عاشها أطفال البدو في السويداء وتداعياتها على الصعيد المقبل 
ظروف قاسية عاشها أطفال البدو في السويداء وتداعياتها على الصعيد المقبل 
● أخبار سورية ٢٢ يوليو ٢٠٢٥

ظروف قاسية عاشها أطفال البدو في السويداء وتداعياتها على الصعيد المقبل 

انطلقت أمس سيارات من السويداء مُحملة بناجين من الموت بأعجوبةٍ بالغة، كانوا على حافة الهاوية، كادوا أن يرتشفوا من كأس الموت، لكنهم نُجّوا في اللحظات الأخيرة. بينهم أطفال صغارٌ يلتفتون حولهم بعيونٍ خائفةٍ تختلط فيها الرهفةُ بالبراءة، تُرسم على وجوههم غبرة الحرب، وتكشف ملامحهم الشاحبةُ المُنهكة عن آثارها القاسية عليهم.

اصطدم أطفال عشائر البدو بأحداثٍ قاسيةٍ في الأيام الماضية، تفوق أعمارهم الصغيرة وتخيلاتهم البريئة وقدراتهم العقلية. منهم من لقي حتفه تحت وطأة ظروفٍ مرعبة، ومنهم من نجا وهو يحمل في جسده آثار تعذيبٍ بادية على الوجه والجلد. وحمل الناجون الصغار من الاشتباكات ذاكرةً مثقلةً بمشاهد القتل والرعب والجوع والخوف والتشرد.

من بين أولئك الأطفال روان، التي تداولت منصات التواصل قصتها على نطاق واسع، إذ اعتدت عليها مجموعات خارجة عن القانون بالضرب، ولم يشفع صراخها وبكائها لها عندهم ولم يرحموها، لتعيش لحظات قاسية لم تمرّ عليها من قبل، لكن ربما تعد هذه الطفلة محظوظة مقارنة بشقيقها ذو العامين، الذي لم ينجو، بعد أن قُطع رأسه من قبل تلك الميليشيات.

نتائج تلك الظروف لا تزول بانتهائها، وإنما يكون لها تداعيات على المدى القريب والبعيد، فبحسب دراسات نفسية فإن الأطفال الذين يعيشون تجارب عنيفة مثل إطلاق النار، مشاهدة القتل، التهجير القسري، وغيرها من الظروف الناتجة عن الاقتتال، معرضون للإصابة بآثار نفسية سلبية، منها اضطراب ما بعد الصدمة (PTSD)، مع أعراض مثل الكوابيس، ذكريات الماضي المؤلمة، والقلق المستمر والخوف الدائم، وانخفاض الثقة بالنفس.

 كما يمكن أن تظهر لديهم اضطرابات سلوكية مثل العدوانية أو الانطواء، وصعوبات في التركيز والتعلم، مما يؤثر على نموهم النفسي والاجتماعي، خاصة إذا لم يتلقوا الدعم النفسي الكافي، وهنا تبرز الحاجة الملحة لدعم أولئك الأطفال وتقديم الاحتياجات والمساعدات المناسبة لهم.

وتطال تداعيات الحرب والنزوح الجانب المعيشي والمادي للأطفال البدو في هذه الحالة أيضاً، خاصة أن النزوح القسري يتسبب في تدهور الوضع الاقتصادي للعائلات، لا سيما أن أغلب العشائر  فقدت منازلها ومواردها المالية. إذ غادروا السويداء صفر الأيدي لا يحملون شيئاً سوى نجاتهم، ليتركوا وراءهم الأرزاق التي نُهبت أو أُحرقت جراء انتهاكات عصابات الهجري. 

وهذا الواقع يفرض على الأهالي وقتاً طويلاً لإيجاد مصادر دخل جديدة تؤمن متطلبات الحياة الأساسية، مما يعيق تعافي العائلات من الخسائر المادية، وهذا الأمر يؤثر بدوره على الأبناء وربما يتسبب بحرمانهم من أشياء يحتاجونها، أو يميلون لاقتنائها كغيرهم من بقية الأطفال في هذه المرحلة العمرية.

ومع انشغال منصات التواصل بالحديث عن البدو النازحين والكارثة التي لحقت بهم، أشار ناشطون إلى ضرورة دعم أطفالهم، عن طريق تقديم دعم نفسي متخصص عبر جلسات استشارية لمعالجة اضطرابات ما بعد الصدمة والقلق، مع التركيز على إعادة بناء الثقة والأمان. إلى جانب الحاجة لتوفير مساعدات مادية عاجلة مثل الغذاء، الملبس، والسكن، إلى جانب دعم اقتصادي للعائلات عبر منح أو فرص عمل مستدامة. وإنشاء مراكز مجتمعية آمنة لأنشطة ترفيهية يعزز التواصل الاجتماعي والانتماء.

إن الأطفال الناجين من أهوال النزوح والعنف في السويداء يحملون ندوباً نفسية ومادية قد تمتد آثارها لسنوات طويلة إذا لم تُعالج. قصص مثل قصة روان وشقيقها تُبرز المأساة الإنسانية التي عاشها أطفال البدو، والتي تتطلب استجابة فورية ومتكاملة من المجتمع الدولي والمحلي. من خلال توفير الدعم النفسي، التعليمي، والاقتصادي، يمكن إعادة الأمل لهؤلاء الأطفال ومساعدتهم على بناء مستقبل يعوضهم عن مرارة الماضي.

الكاتب: فريق العمل
مشاركة: 

اقرأ أيضاً:

ـــــــ ــ