
غياب بنك الدم في القامشلي.. معاناة مستمرة ومرضى يواجهون التحديات بصمت
يشتكي المواطنون في مدينة القامشلي وريفها بمحافظة الحسكة، شمال شرقي سوريا، من تداعيات غياب بنك دم فعّال منذ أكثر من عشر سنوات، الأمر الذي يضع المرضى وعائلاتهم أمام خيارات قاسية، ويحوّل تأمين الزمر الدموية عند الحاجة الطبية إلى تحدٍّ محفوف بالصعوبات.
طلب المساعدة عبر منصات التواصل
ووفقاً لمصادر محلية، تلجأ المنشآت الطبية وأُسر المرضى إلى طلب المساعدة عبر وسائل التواصل الاجتماعي عند وقوع حالات طبية طارئة تتطلب تدخلاً جراحياً أو إسعافياً سريعاً. وفي كثير من الأحيان، يؤدي تأخُّر تأمين وحدات الدم أو عدم توافرها إلى تعرّض المرضى لخطر الوفاة.
ويصف كوادر طبية في المدينة غياب بنك الدم بالأمر "الكارثي"، خاصة أن القامشلي تضم آلاف السكان ومشافٍ تُجرى فيها عمليات جراحية بشكل دوري، ما يستدعي توافر وحدات دم بشكل دائم.
إمكانية انعدام معايير السلامة
وأكدت الكوادر التي تحدثت إلينا أن الاستعانة بمنصات التواصل لا تفي بالحاجة الفعلية، كما أن الدم الذي يتم الحصول عليه من مصادر غير رسمية قد يكون غير آمن، مما يعرّض المتلقّين لخطر الإصابة بأمراض مُعدية تنتقل عبر الدم، ليتحوّل العلاج إلى كارثة صحية بدلاً من أن يكون وسيلة للشفاء.
نداءات استغاثة متكررة ومرضى بلا أمل
سبق أن وجّه أهالي المنطقة نداءات استغاثة عبر منصات التواصل الاجتماعي، بسبب معاناتهم المستمرة جراء غياب بنك دم في المدينة. وغالبية من أطلقوا هذه النداءات هم مرضى يحتاجون إلى عمليات نقل دم منتظمة، إلى جانب ذويهم، مثل: مرضى الثلاسيميا، والقصور الكلوي، وسرطان الدم، وغيرهم ممن يعتمدون على الدم للبقاء على قيد الحياة.
وبحسب شهادات جمعناها خلال إعداد هذا التقرير، فإن مدينة القامشلي كانت تضم بنكاً للدم قبل اندلاع الثورة السورية في مارس/آذار 2011، إلا أن هذا المرفق تحوّل لاحقاً إلى مستوصف، ما انعكس سلباً على سكان المنطقة الذين كانوا يستفيدون من خدماته الحيوية.
البنوك المتاحة
وتنتشر مراكز بنك الدم حالياً في عدد من المدن الأخرى، منها: عامودا، المالكية، الحسكة، الرقة، وعين العرب (كوباني)، وتشرف عليها "الإدارة الذاتية"، كما يتولى مركز عامودا تزويد مستشفيات المنطقة بوحدات الدم، بما في ذلك مستشفيات القامشلي والدرباسية.
وتخضع كل وحدة دم لسلسلة من التحاليل الأساسية لضمان سلامتها، تشمل تحديد الزمرة الدموية، والكشف عن فيروسات مثل التهاب الكبد، ونقص المناعة المكتسبة (الإيدز)، وأمراض أخرى محتملة، لكنها غالباً تُستهلك خلال فترة قصيرة جداً نتيجة الطلب المرتفع.
نداء استغاثة
يوجه الأهالي في القامشلي نداء استغاثة إلى الجهات المعنية، بضرورة إعادة تفعيل بنك الدم، ويلفت أطباء إلى أن عدم وجود مركز يؤمن وحدات الدم عند الحاجة وبشكل كافي، يشكل تحدياً خطيراً، قد يسهم في انتشار الأمراض المعدية وارتفاع معدل الوفيات نتيجة التأخر أو العجز في توفير الدم الآمن للمحتاجين.