
فضائح فساد داخل منظمة الصحة العالمية في سوريا: هيمنة أمنية وهدر مالي في العمل الإنساني
كشفت موقع "زمان الوصل" عن وثائق تحتوي على أسماء أكثر من 160 موظفًا في مكاتب منظمة الصحة العالمية داخل سوريا، بالإضافة إلى مراسلات وشهادات من مصادر مطلعة، تكشف ممارسات مالية وإدارية تُشير إلى فساد ممنهج وهيمنة أمنية على مفاصل العمل. هذه المعطيات تقدم صورة مفصلة عن كيفية إدارة المنظمة في سوريا، بما يرقى إلى فضيحة فساد إداري ومالي.
التوظيف المشبوه وهيمنة الأجهزة الأمنية
تشير الوثائق إلى أن معظم التعيينات داخل مكاتب منظمة الصحة العالمية في سوريا، وخصوصًا في المناصب الحساسة، كانت تتم بناءً على طلبات مباشرة من أجهزة المخابرات أو فروع الأمن التابعة للنظام السوري. يبرز وجود محسوبيات قائمة على الولاء الطائفي والأمني للنظام السابق، حيث تم توظيف العديد من الأشخاص من عائلات ضباط وأعضاء في النظام البائد. كما تم التأكيد على أن تعيين الموظفين الأجانب كان يخضع لرقابة أمنية مشددة لضمان ولائهم وتوافقهم مع مصالح النظام.
الفساد المالي واستغلال الموارد
أظهرت التحقيقات أن منظمة الصحة العالمية تتعامل مع شركات مسجلة في دبي وبيروت، وهي واجهات لأشخاص مرتبطين بالنظام السابق، وتُستخدم هذه الشركات في تمرير عقود وعمليات مالية مشبوهة.
من الأمثلة الصارخة التي تم ذكرها هي عملية صرف أكثر من 350 ألف دولار تحت بند "ترميم غرفة في وزارة الصحة"، وهو ما يثير تساؤلات حول حجم الفساد والهدر المالي. كما تتحدث الوثائق عن رواتب ضخمة تُدفع لبعض الأطباء والعاملين المتعاقدين، تصل إلى 15 ألف دولار شهريًا، في وقت يعاني فيه القطاع الصحي من نقص حاد في الموارد.
التعتيم الممنهج والتهرب من المحاسبة
فيما يتعلق بالإجراءات المتبعة داخل المكتب في دمشق، تشير المصادر إلى أن هناك توجيهًا ممنهجًا لعدم توظيف أي سوريين عملوا في مكاتب غازي عنتاب التركية، التي كانت تدير المساعدات في المناطق المحررة.
الهدف من ذلك كان منع الكشف عن الفساد المستشري داخل المكتب، وطمس أي محاولات للشفافية أو الإصلاح. كما أن الدبلوماسيين السوريين في الخارج كانوا يتعاونون مع النظام لجمع معلومات استخباراتية عن موظفي الأمم المتحدة، ما يعكس شبكة معقدة من الرقابة والسيطرة على العمل الإنساني.
دعوة عاجلة للمحاسبة وإعادة هيكلة العمل الإنساني
وأوضح الموقع أن استمرار هذه الأوضاع يشكل تهديدًا للعمل الإنساني في سوريا، ويحول منظمة الصحة العالمية من منظمة أممية مرموقة إلى أداة بيد النظام الذي فقد شرعيته. أمام هذه المعطيات، يجب على الحكومة السورية الجديدة فتح تحقيق فوري وشامل في كافة الادعاءات المتعلقة بفساد المنظمة في دمشق.
وأكدت أنه لا بد من استغلال خبرات الفريق السوري الذي كان يعمل في مكاتب غازي عنتاب لإجراء هذا التحقيق، إذ يمتلك هؤلاء الموظفون معرفة عميقة بكافة أساليب التلاعب والتسييس التي كانت تُمارس في مكتب دمشق.
تُعد هذه الفرصة للقيام بإصلاح حقيقي ضرورية لضمان نزاهة العمل الإنساني في سوريا مستقبلاً. المحاسبة وإعادة هيكلة العمل الأممي على أسس من الشفافية والكفاءة هي خطوة أساسية لبناء الثقة وتحقيق أهداف الإغاثة الإنسانية في البلاد.