في اليوم الدولي للقضاء على العنف ضد المرأة: تعزيز مشاركة النساء في المرحلة الانتقالية في سوريا لضمان حقوقهن وإنصافهن
أصدرت الشَّبكة السورية لحقوق الإنسان اليوم بياناً بمناسبة اليوم الدولي للقضاء على العنف ضد المرأة، بعنوان في اليوم الدولي للقضاء على العنف ضد المرأة: تعزيز مشاركة النساء في المرحلة الانتقالية في سوريا لضمان حقوقهن وإنصافهن، وسلط البيان الضوء على الانتهاكات الواسعة التي تعرّضت لها النساء والفتيات في سوريا منذ آذار/مارس 2011.
وتشير الشَّبكة إلى أنَّها تصدر سنوياً، في 25 تشرين الثاني/نوفمبر، تقارير خاصة ترصد أنماط الانتهاكات، بما في ذلك القتل خارج نطاق القانون، والاعتقال التعسفي والإخفاء القسري، والتعذيب، والعنف الجنسي، والتهجير القسري، إضافة إلى التمييز والمضايقات، وذلك بالاعتماد على قاعدة بيانات موثوقة يجري تحديثها بشكل مستمر.
تهدف هذه التقارير إلى دعم مسارات العدالة الانتقالية، وتعزيز آليات المساءلة، وضمان حماية حقوق النساء والفتيات خلال المرحلة الانتقالية التي تمر بها البلاد بعد سقوط نظام بشار الأسد في 8 كانون الأول/ديسمبر 2024. ورغم حجم الانتهاكات الممنهجة، تؤكد الشَّبكة أنَّ النساء بقين في صدارة الجهود المدنية والحقوقية والإنسانية، عبر التوثيق ودعم الضحايا وقيادة المبادرات المجتمعية، إلى جانب تحمّل أعباء النزوح وفقدان المعيل والمسؤوليات الأسرية.
وتبرز التقارير الدور المحوري الذي أدّته النساء خلال سنوات النضال من أجل التغيير السياسي، مقابل ضعف تمثيلهن الحالي في مواقع صنع القرار والمؤسسات القيادية. وتؤكد الشَّبكة أنَّ غياب المشاركة النسائية الكافية يشكل تحدّياً رئيساً أمام ضمان حقوق النساء وإنصافهن في عملية الانتقال السياسي وبناء الدولة.
وثَّقت الشَّبكة السورية لحقوق الإنسان منذ آذار/مارس 2011 حتى 25 تشرين الثاني/نوفمبر 2025 مقتل 29,358 أنثى، موزعات إلى 22,123 على يد قوات نظام بشار الأسد السابق، و7,235 على يد باقي الأطراف المتورطة في عمليات القتل خارج نطاق القانون، مع مسؤولية النظام عن 76 % من إجمالي الضحايا، ونسبة 23 % من الضحايا من الأطفال الإناث. وسُجِّل عام 2013 كأعلى عام في حصيلة القتل بحق الإناث، فيما جاءت محافظات حلب، ثم إدلب، ثم ريف دمشق في المرتبة الأعلى من حيث عدد الضحايا.
كما وثقت الشَّبكة 10,257 أنثى لا تزلن قيد الاعتقال أو الاختفاء القسري، منهن 8,501 لدى مراكز الاحتجاز التي كانت تابعة لنظام بشار الأسد السابق و1,756 لدى مراكز الاحتجاز التي كانت تابعة لأطراف النزاع الأخرى في سوريا، مع مسؤولية النظام عن 83 % من الإجمالي، وكان عام 2014 الأعلى في معدلات الاعتقال بحق الإناث. وسجَّلت الشبكة 118 وفاة لأنثى بسبب التعذيب، منها 97 في مراكز الاحتجاز التي كانت تابعة لنظام بشار الأسد السابق، و21 لدى مراكز الاحتجاز التي كانت تابعة لأطراف النزاع الأخرى في سوريا، بنسبة 83 % مسؤولية للنظام، وكان عام 2015 الأعلى من حيث الوفيات.
كما رُصد ما لا يقل عن 11,583 حادثة عنف جنسي ضد الإناث، منها 8,034 على يد قوات نظام بشار الأسد السابق و3,549 على يد أطراف النزاع الأخرى في سوريا، مع نسبة 69 % مسؤولية للنظام، وتضم الحصيلة آلاف الفتيات القاصرات. وبلغت الاعتداءات على المنشآت الطبية 919 اعتداءً، منها 566 نفذتها قوات نظام بشار الأسد السابق و353 نفذتها أطراف النزاع الأخرى، وبنسبة 62 % مسؤولية للنظام.
ترى الشَّبكة السورية لحقوق الإنسان أنَّ المرحلة الانتقالية في سوريا تمثل فرصة أساسية لتعزيز حماية النساء والفتيات وضمان مشاركتهن الفاعلة، خاصة في ظل حجم الانتهاكات التي تعرضن لها منذ عام 2011. وترتكز رؤيتها على ثلاثة محاور رئيسة.
أولاً، تعزيز المشاركة المجتمعية والمؤسساتية عبر تمكين النساء من الانخراط في عمليات الإصلاح وصنع القرار ضمن اللجان الوطنية والهيئات المحلية والمبادرات المدنية، وضمان مشاركتهن في بناء المؤسسات القضائية والأمنية ومؤسسات إنفاذ القانون، بما يدمج منظور حماية المرأة في السياسات والممارسات.
ثانياً، تعزيز الحماية القانونية والاجتماعية من خلال تطوير تشريعات متوافقة مع المعايير الدولية لمنع العنف ضد النساء وتجريمه، وضمان محاسبة مرتكبيه، إلى جانب إنشاء برامج دعم شاملة تشمل الرعاية الصحية، والدعم النفسي والاجتماعي، وتمكين النساء اقتصادياً، مع التركيز على حمايتهن من الاعتقال التعسفي والتهجير والانتهاكات المختلفة خلال المرحلة الانتقالية.
ثالثاً، استمرار التوثيق الحقوقي كضرورة لضمان توفر بيانات دقيقة حول الانتهاكات التي تطال النساء والفتيات، بما يدعم جهود العدالة الانتقالية والمساءلة ويُسهم في وضع سياسات قائمة على الأدلة.
واختتم بتوصيات من الشَّبكة السورية لحقوق الإنسان لاتخاذ مجموعة من الإجراءات العملية لتعزيز حماية النساء والفتيات وتمكينهن خلال المرحلة الانتقالية:
الحماية القانونية والمؤسسية
تعديل وتطوير القوانين الوطنية بما يضمن حماية النساء والفتيات من جميع أشكال العنف والتمييز، بما في ذلك القوانين الناظمة للاعتقال والتوقيف والتحقيق، وقوانين مكافحة التعذيب، والقواعد ذات الصلة بالتمييز الأسري والمجتمعي.
إنشاء أو دعم هيئات وطنية متخصصة ووحدات محلية لرصد الانتهاكات ضد النساء والفتيات، وضمان متابعة الشكاوى وتقديم الدعم القانوني والنفسي للضحايا.
ضمان التطبيق الصارم للعقوبات على مرتكبي الانتهاكات، مع متابعة دورية لقضايا العنف ضد النساء والفتيات من قبل الأجهزة القضائية المختصة.
إدراج آليات محلية لحماية النساء في الأماكن العامة والمناطق المتضررة من النزاع، بما في ذلك إنشاء مراكز حماية مؤقتة للنساء والفتيات المعرضات للخطر.
تمكين المشاركة المجتمعية والسياسية
تعزيز مشاركة النساء في اللجان الوطنية والهيئات المحلية والمبادرات المدنية، بما يضمن وجود دور مباشر لهن في صياغة السياسات والخطط المجتمعية والتنموية.
دعم برامج تدريب وبناء قدرات وتمكين مهني للنساء لضمان مشاركتهن الفاعلة في القطاعات المدنيـة والسياسية والاقتصادية، بما في ذلك تدريب القيادات المحلية على إدماج النساء في عمليات صنع القرار.
تشجيع النساء على تولي أدوار قيادية في المبادرات المجتمعية ومؤسسات الخدمة العامة، لضمان انعكاس احتياجاتهن وأولوياتهن في القرارات المحلية والوطنية.
الدعم الاجتماعي والنفسي والاقتصادي
توفير برامج دعم نفسي واجتماعي للنساء والفتيات المتضررات من العنف أو النزوح أو فقدان المعيل، تشمل خدمات الاستشارة الفردية والجماعية، وإحالات إلى خدمات متخصصة عند الحاجة.
دعم المشاريع الاقتصادية والاجتماعية التي تعزز استقلال النساء وقدرتهن على الاعتماد على الذات، مثل المشاريع الصغيرة، وبرامج التعلّم المهني، وإعادة الإدماج في سوق العمل.
ضمان وصول النساء والفتيات إلى الخدمات الأساسية، بما في ذلك التعليم، والرعاية الصحية، والمأوى، والحماية الاجتماعية، مع إعطاء أولوية خاصة للمناطق التي تعرضت للتهجير أو العمليات العسكرية.
وضع برامج دعم خاصة للنساء الأرامل والنساء المعيلات لأسرهن، بما يضمن استقرار الأسر وحمايتها من الفقر والاستغلال والانتهاكات الاقتصادية.
التوثيق وحفظ البيانات الحقوقية
الاستمرار في جمع المعلومات وتوثيق الانتهاكات بحق النساء والفتيات بشكل منهجي ومنتظم، مع متابعة التحقق الميداني لتعزيز موثوقية ودقة البيانات.
إنشاء قاعدة بيانات وطنية موثوقة للانتهاكات المرتكبة بحق النساء والفتيات، لدعم عمليات العدالة المحلية والآليات الانتقالية، وللاستفادة منها في التخطيط المؤسسي لبرامج الحماية والدعم.
تفعيل آليات للإبلاغ عن الانتهاكات على مستوى المجتمع المحلي، تشمل خطوط مساعدة ومراكز استقبال للشكاوى، مع ضمان السرية وحماية الضحايا والشهود من أي انتقام أو ضغوط.
التوعية والتثقيف المجتمعي
تنفيذ برامج تثقيفية شاملة حول حقوق النساء والفتيات في المجتمع السوري، تأخذ في الاعتبار الخصوصيات الثقافية والاجتماعية لكل منطقة، وتستهدف مختلف الفئات العمرية.
تدريب الكوادر المحلية في المدارس، والجمعيات، والمراكز الصحية، ومؤسسات إنفاذ القانون على كيفية التعامل مع النساء والفتيات المتضررات من الانتهاكات بطريقة تحترم كرامتهن وحقوقهن، وتوفر لهن الدعم النفسي والقانوني اللازم.
تنظيم حملات إعلامية ومجتمعية لتعزيز دور النساء في القيادة والمجتمع المدني، وتسليط الضوء على مساهماتهن في عملية الانتقال السياسي وإعادة الإعمار، وتوعية المجتمع بأهمية حماية النساء من العنف والتمييز بوصف ذلك شرطاً أساسياً لبناء مجتمع عادل وآمن لجميع أفراده.