
"قسد" توسّع حملة الاعتقالات في مناطق سيطرتها: صحفيون وناشطون وفتيات في دائرة الاستهداف
كثّفت قوات سوريا الديمقراطية "قسد" حملات الاعتقال خلال الأيام الماضية في مناطق سيطرتها شمال وشرق سوريا، مستهدفة صحفيين وموظفين وناشطين مدنيين، في ظل تصاعد التوتر مع السكان المحليين واتهامات بانتهاك الحريات.
ففي مدينة الرقة، أفاد مراسل "نهر ميديا" أن "قسد" اعتقلت ثلاث فتيات، إحداهن تعمل مراسلة لقناة "اليوم" الموالية، وأخرى تنشط ضمن جهاز الأمن الداخلي "الأسايش"، بينما الثالثة تعمل في المركز الثقافي التابع للمجلس المدني في الرقة، ولها مشاركات فنية من بينها مسلسل بدوي حمل عنوان "ثأر الدم".
ولم تعرف أسباب الاعتقال حتى اللحظة، وسط انتشار شائعات عن رفض بعض المعتقلات التعاون مع أجهزة استخبارات "قسد" وفي تصعيد آخر ضد حرية الصحافة، اعتقلت قوات الأمن الداخلي التابعة لـ"قسد" الصحفي رامان عبد السلام حسو، وهو معد برامج في قناة "كردستان 24" ومن أبناء بلدة عامودا بريف الحسكة الشمالي، وذلك بعد استدعائه إلى أحد المراكز الأمنية.
وأشارت الشبكة السورية لحقوق الإنسان إلى أن اعتقال حسو تم دون مذكرة قانونية أو توجيه تهم رسمية، في مخالفة صريحة للعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، مع الإشارة إلى مصادرة هاتفه ومنعه من التواصل مع عائلته ومحاميه، ما يثير المخاوف من تعرضه للتعذيب أو الإخفاء القسري. وطالبت الشبكة بالإفراج الفوري عنه، أو تقديمه لمحاكمة مدنية عادلة إن وُجدت تهم قانونية، داعية إلى وقف جميع الممارسات التي تقيد حرية التعبير والعمل الإعلامي.
وذكرت مصادر محلية أن مكتب العلاقات الأمنية استدعى عدداً من الأشخاص في مدينة الطبقة غرب الرقة، بسبب وضعهم صورة "الهوية البصرية السورية الجديدة" على حساباتهم في مواقع التواصل، حيث تم التحقيق معهم وتفتيش هواتفهم المحمولة بدقة، وانتهت بعض الحالات بالاعتقال. وذكرت مصادر خاصة أن هويات المستدعين تم تحديدها من خلال مخبرين ومن خلال متابعة مجموعات "الكومينات" على تطبيق واتساب، التي تُستخدم بشكل إلزامي لتسجيل طلبات الخبز والغاز، ما أثار مخاوف من اتساع رقعة المراقبة على الخصوصية الرقمية للسكان.
مداهمات واعتقالات جماعية في الرقة ودير الزور
في سياق متصل، داهمت "قسد" منزل عائلة في حي المشلب بمدينة الرقة، واعتقلت أربعة أشقاء على خلفية تعليق عبر "فيسبوك" يخص معتقلاً مدنياً، دون توجيه تهم واضحة.
أما في ريف دير الزور الشرقي، فقد نفذت "قسد" حملة دهم فجر اليوم على حي الهمايل في بلدة غرانيج، اعتقلت خلالها أكثر من عشرين شخصاً، بينهم كبار سن ويافعون، في عملية وصفتها مصادر محلية بالتعسفية والعنيفة.
وأفادت مصادر محلية أن الحملة نُفذت بواسطة أكثر من عشر سيارات مصفحة، بقيادة قيادي في "قسد" يُدعى "كندان"، حيث شملت الاعتقالات تفتيشاً مهيناً للمنازل وسرقة مبالغ مالية ومصاغ ذهبية، إلى جانب تفتيش النساء بطريقة وصفت بالمهينة.
ورغم أن "قسد" بررت الحملة بالبحث عن السلاح، فإن روايات الأهالي ترجّح أن الهدف الحقيقي من الاعتقالات هو ابتزاز ذوي المعتقلين مادياً مقابل الإفراج عنهم، في ظل غياب أي مسوّغ قانوني أو تحقيق قضائي معلن.
تشير هذه التطورات المتسارعة إلى تصاعد النهج الأمني لقوات "قسد"، في ظل تفاقم التوترات مع الأهالي، وتزايد المخاوف من تراجع الحريات في المناطق الخاضعة لسيطرتها، وسط مطالبات متزايدة من منظمات حقوقية بفتح تحقيقات مستقلة ووقف الاعتقالات التعسفية التي تهدد النسيج المجتمعي وحرية التعبير.