
مفتي لبنان يلتقي الشرع في دمشق: وسام لسوريا ورسائل إلى الداخل اللبناني
استقبل الرئيس أحمد الشرع، صباح السبت، في قصر الشعب بدمشق، وفداً رفيعاً من دار الفتوى اللبنانية برئاسة مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان، في زيارة رسمية تُعد الأولى منذ تولي المفتي دريان منصبه عام 2014، وتحمل دلالات واضحة على بدء مرحلة جديدة من الانفتاح والتواصل بين المؤسستين الدينيتين في البلدين.
وأكد المفتي دريان خلال اللقاء على عمق العلاقات التاريخية بين سوريا ولبنان، مشدداً على أن "الدم لا يتحول إلى ماء، مهما طال الغياب"، في إشارة إلى الترابط الجغرافي والاجتماعي بين الشعبين. ونقلت "الوكالة الوطنية للإعلام" عن دريان إشادته بصمود سوريا في وجه الحرب والتهجير، قائلاً إن "من أراد كسر إرادة السوريين فشل، لأنهم صمدوا وانتصروا بالشجاعة والمسؤولية".
وفي خطوة رمزية ذات طابع سياسي وديني، قلّد دريان الرئيس أحمد الشرع "وسام دار الفتوى المذهّب"، تقديراً لجهوده في دعم القضايا الإسلامية والعربية، ومواقفه في تعزيز الوحدة الوطنية. كما أعرب عن أمله في أن تعود سوريا إلى مكانتها العربية كركن أساسي في مشروع النهضة الحديثة، قائلاً: "لن نغيب بعد اليوم، وسنقصدكم في كل ملمة وفرحة، كما يفعل الشقيق مع شقيقه".
وتناول اللقاء عدداً من الملفات السياسية والإنسانية، من بينها ملف الموقوفين السوريين في السجون اللبنانية، حيث أكّد الرئيس الشرع أن حكومته تعمل على متابعتهم والسعي للإفراج عنهم. بدوره، أشار المفتي دريان إلى وجود نقاش لبناني بشأن إصدار عفو عام يشمل الموقوفين، خاصة الإسلاميين منهم، مضيفاً أن وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني سيزور لبنان قريباً لمعالجة هذه القضايا.
وشمل النقاش أيضاً ملف مزارع شبعا، حيث أكد الجانبان أهمية التعاون السوري اللبناني لتحريرها، واتفقا على ضرورة ألا تكون نقطة خلاف بين البلدين.
وفي كلمته أمام الرئيس السوري، عبّر المفتي دريان عن ثقته في أن سوريا تتجه لاستعادة دورها الإقليمي، قائلاً: "كنا نضرب المثل في لبنان بتماسك الشعب السوري، وها أنتم تعيدون هذا الميراث الحضاري والإنساني، لتكون سوريا قبلة العرب وقدوة لهم".
وأضاف أن لبنان يشهد عهداً سياسياً جديداً، مع آمال معلقة على الحكومة المرتقبة، مشدداً على أن خلاص لبنان لن يتحقق إلا بالتعاون الصادق مع سوريا وعمقه العربي.
كما تطرّق دريان إلى تطلعات العرب تجاه دمشق، معرباً عن أمله في أن تكون سوريا رافعة للاستقرار والتنمية، وبيئة للحكم العادل والانفتاح، وعنواناً لعلاقة متوازنة مع لبنان، خالية من الحساسيات والمشكلات المصطنعة.
وكان المفتي دريان قد استهل زيارته إلى دمشق بأداء صلاة الظهر في المسجد الأموي، للمرة الأولى منذ عام 2005، والتقى بعدها وزير الأوقاف السوري محمد أبو الخير شكري، حيث جرى التأكيد على ضرورة تعزيز التعاون بين العلماء في البلدين، ونشر الفكر الإسلامي الوسطي، وترسيخ ثقافة المواطنة والعيش المشترك.
وضمّ الوفد اللبناني إلى جانب المفتي دريان، كلاً من مفتي طرابلس الشيخ محمد طارق إمام، ورئيس المحاكم الشرعية السنية الشيخ محمد عساف، وأمين الفتوى في لبنان الشيخ أمين الكردي، إلى جانب عدد من المفتين والشخصيات الدينية.